مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

الحرب لن تنتهي...الحق عليك يا توماس مالتوس ...

10-01-2021

آفــاق

الدكتورة ميرنا داوود

أستاذة جامعية وكاتبة

هل تتحول الحرب حقاً من شكل إلى آخر دون زيادة أو نقصان؟ وهل قدر هذا الشرق سلسلة من حروب من بعدها حروب؟ وهل هناك حرب عادلة حتمية ؟ عندما طرح المفكر الانكليزي توماس مالتوس في عام ١٧٩٨ من القرن الثامن عشر نظريته حول "أساسيات العشائر" تنبأ بما ينتظر البشرية من نكبات وأزمات اقتصادية ، حيث قامت نظريته على حقيقة أساسية وهي أن الزيادة السكانية حول العالم تحدث وفق متوالية هندسية ، بينما تزداد الموارد الغذائية وفق متوالية حسابية ولذلك فان عشائر البشر سوف تتعرض لنفاذ في الأراضي الخصبة ولن تكون موارد الغذاء بكافية لمواكبة وكفاية الزيادة السريعة والكبيرة في أعداد السكان التي تتفوق على زيادة الموارد وهذا ما سوف يتمخض عنه انتشار المجاعة والأمراض والحروب. لمناقشة رأي مالتوس ومدى صحة طروحاته هنالك مجموعة من الاسئلة ربما أولها كيف يمكن لنا أن نحدد ما هو الحد الأقصى لقدرة الكرة الأرضية على تحمل الزيادة السكانية ؟

في الحقيقة قدم باحثون اقتصاديون طريقة يمكن من خلالها معرفة ماهو مدى قدرة تحمل الارض للزيادة السكانية ومتى تنتهي قدرتها على التحمل أي متى ستحل الكارثة الحقيقية التي تهدد الوجود البشري؟

هذه الطريقة سميت ب "حساب صافى الانتاجية الأولى". وهنا أقتبس مما تم تفسيره: "المصطلح يعنى الكمية الكلية للطاقة الشمسية التى تتحول الى طاقة كيموأحيائية عن طريق التمثيل الضوئى للنباتات مطروحاً منها الطاقة التى تحتاجها تلك النباتات حتى تستمر فى الحياة. هذا يمثل الكمية الكلية للمورد الغذائية فى الكرة الأرضية". ومن تم حساب هذا الأمر قبل تأثير النشاطات الانسانية عليه فوجد أن صافى الانتاجية الأولى كان حوالى 150 بليون طن من المادة العضوية كل عام. نتيجة ازالة الغابات والانشطة المدمرة الأخرى نتج عن ذلك أن الانسان دمر 12% من صافي الانتاجية الأولى على اليابسة. أما الآن ونتيجة الاستخدام للغذاء وانتاج الألياف وتحويل الأراضى المنتجة الى أغراض أخرى: سكن وصناعات..الخ فقد فقدنا الكثير. وعليه فان الحد الأقصى النظرى لحمولة الأرض من السكان حوالى 15 بليون نسمة. من المتوقع أن نصل الى هذا الرقم خلال القرن القادم اذا ماسارت المعدلات كما هى الآن. 

هذا ما دفع بالدول العظمى التي تعتبر نفسها صاحبة الحق الأول في البقاء والوجود لابتكار الطرق المختلفة لتقديم حلول لتلك الكارثة الوشيكة وذلك عن طريق العمل على مستويين متوازين الأول: المحاولة قدر المستطاع تأخير حلول هذه الكارثة بالتحايل على عامل الزمن وذلك عن طريق رفع مدى قدرة تحمل الكرة الأرضية للزيادة السكانية الأكيدة لا المحتملة فقط عن طريق زيادة مستوى الموارد الغذائية وبالتوازي التحايل على الظروف والمعطيات التي تسهم في اضعاف هذه الموارد و تعمل على تقليص الاراضي الخصبة وهذا يكون عن طريق تحسين أساليب الزراعة وتحقيق قفزات صناعية مستمرة ودائمة لا تقل في أهميتها عن اهمية الثورة الصناعية التي أنقذت أوروبا من وقوع كارثة اقتصادية وأخرت هذه الكارثة مئتي عام على أقل تقدير. 

وأما المستوى الثاني فهو المستوى العكسي أي بدلاً من العمل على زيادة الموارد الغذائية التي تحكمها كما أشرت متوالية حسابية, يكون العمل على تقليل الكثافة السكانية التي تزداد وفقا لمتوالية هندسية. هذا يكون بعدة وسائل أيضا اما بالحد من التكاثر البشري بوسائل عدة تتراوح بين حملات التوعية الاجتماعية والاهتمام بتحديد النسل وما يرافق ذلك من توجيه اجتماعي ومؤتمرات ومحاضرات وبرامج توعية ويتعدى الأمر ذلك الى ترويج المثلية الجنسية بعدة طرق اعلامية وأدبية وفنية واجتماعية مختلفة وكذلك اللجوء الى الحروب والقتل المباشر والتدمير والابادة بوسائل عدة أو الذهاب إلى  "الحرب العادلة"just war فهي تتبع الوسائل التي تتناسب مع الكارثة الاقتصادية التي حلت بالعالم كله فمن القوة الصلبة الى القوة الناعمة ، أصبح لدينا تفخيخ ذاتي للدول الضعيفة من داخلها عن طريق  تغذبة النعرات الطائفية والنزعات الاقليمية والحروب الأهلية وغيرها فتتم عملية انهاء الكثافة السكانية فيما يمسك قادة الدول العظمى بالريموت كونترول وعن بعد ودون خسارة  يتحقق الهدف المطلوب. ولذلك لن تنتهي الحروب  وانما تتحول من شكل لآخر.(د.ميرنا داود).

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما