يظهر الرئيس اللبناني جوزاف عون في عشرات الاعلانات المدفوعة التي تخترق المشاهدين اثناء تصفح "يوتيوب"، ويظهر فيها مشغولاً بالذكاء الاصطناعي الذي يضعه بمواجهة "حزب الله"، على خلفية "قرار السلم والحرب" و"حصرية السلاح".
وفيما لم تتضح الجهة التي تمول تلك الاعلانات، وهوية الاشخاص التي تقف وراءها، تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع مع هذه الإعلانات، حيث انقسمت الآراء بين من اعتبر أن جهات مجهولة، وربما خارجية، تقف خلف هذه الحملات الدعائية، وبين من سخر من الطريقة البدائية التي جرى بها توظيف الذكاء الاصطناعي لإنتاج مقاطع صوتية أو بصرية تفتقر إلى الاحتراف، وتبدو أقرب إلى دعاية سياسية، لو كان ضمنياً متفق مع مضمون الإعلان.
تواطؤ الخوارزميات أم فشل الرقابة؟
تبث الإعلانات في عدة قنوات أبرزها قناتي "This Is MLGA" و"بلد الحياد"، وهي منصات، بالتأكيد، لا علاقة لرئاسة الجمهورية بها، كونها نفذت تقنياً بالذكاء الاصطناعي، في حين تتولى رئاسة الجمهورية بث التصريحات المعلنة، بالصورة الحية، والبيانات الرسمية.. أما في المضمون، فإن الطريقة التمثيلية التي قدمت فيها المقاطع، فهي تضع الرئيس في مواجهة مع "حزب الله"، في وقت تعمل الرئاسة والحكومة على حل الملفات الاشكالية بالسياسة والدبلوماسية ضمن خطة واضحة لتنفيذ "حصرية السلاح" التزاماً بخطاب القسم، وبالبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام. وتصل الفيديوهات إلى المستخدمين وفق خوارزميات المنصة التي يُفترض بها أن تقترح محتوى يتوافق مع اهتمامات المستخدم.
خوارزميات "يوتيوب"
"يوتيوب"، التابع لشركة "غوغل"، يتيح لأي جهة إنشاء حملة إعلانية مدفوعة ونشرها عالمياً خلال ساعات، مقابل القليل من المال، وبتدقيق محدود في المحتوى أو الجهة المعلنة. وفي حين تنشط المنصة في حذف مقاطع تحتوي على موسيقى محمية بحقوق نشر، فإنها تتساهل في تمرير محتوى لا تتجاوز الحدّ الرسمي لـ"سياسات الاستخدام".
وفي هذا الإطار، يروي الناشط علي يزبك تجربته لـ"المدن"، مشيراً إلى أن معظم الإعلانات التي تظهر له في "يوتيوب" باتت تنتمي لهذا النوع، حتى أثناء مشاهدته لمحتوى رياضي بعيد عن السياسة. كما أشار العديد من المستخدمين إلى أنهم قدّموا بلاغات ضد هذه الإعلانات، إلا أنها ما تزال مستمرة في الظهور لديهم.
الرأي العام والدعاية السياسية
في حديث لـ"المدن"، يوضح الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات، رولان أبي نجم، أن مسألة هذه الحملات الإعلانية خارجة عن السيطرة، إذ بإمكان أي شخص إطلاقها بسهولة. وأشار إلى أنه في حال رغبت الدولة اللبنانية بوقف هذه القنوات، عليها التواصل مع شركة "ألفابت" المالكة لـ"غوغل" لبحث إمكانية ذلك، باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة على تحديد أماكن هذه الحسابات وإغلاقها.
لكنه أضاف، أن القائمين على هذه القنوات، في حال تم إغلاقها، يستطيعون ببساطة إنشاء حسابات جديدة. وشدد أبي نجم على أن ما يُعدّ جريمة في نظر الدولة، قد لا تراه المنصة كذلك، إذ يمكن أن تعتبره ضمن إطار حرية التعبير، ما يخلق تضارباً في التوصيف والمعالجة.
إزالة حسابات
يذكر أنه قبل أشهر، كانت قد أعلنت شركة "ميتا" عن إزالة 112 حساباً و65 صفحة على "فايسبوك" و49 حساباً على "إنستغرام" لانتهاكها سياسات الشركة عبر إنشاء حسابات وهمية بغرض تنظيم حملات منظّمة.
وكشفت حينها أن هذه الشبكة من الحسابات الوهمية أنشأتها شركة LT Media الفيتنامية، ونفّذت عبرها حملات بقيمة 1.2 مليون دولار تستهدف بشكل أساسي الرأي العام في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ولبنان وقطر. وبحسب التحقيق، فإن هذه الشبكة نفّذت في الوقت نفسه حملة "لبنان لا يريد الحرب" التي انتشرت بشكل واسع في تلك الفترة، خصوصاً على "فايسبوك".