27-04-2023
آفــاق
الدكتورة ميرنا داوود
أستاذة جامعية وكاتبة
اذا الكلِبتوقراطية هو مصطلح يعني نظام حكم اللصوص بكل بساطة. وهو نمط الحكومة الذي يراكم الثروة الشخصية والسلطة السياسية للمسؤولين الحكوميين والقلة الحاكمة، الذين يشكلون الكلبتوقراط، وذلك على حساب الجماعة، وأحياناً دون حتى ادعاءات السعي إلى خدمتهم. والمصطلح مركب من كلمتين يونانيتين؛ أولهما "كِلبْتو" (Κλεπτο) بمعنى لص، وثانيهما "قراط" (κρατ) بمعنى حُكم.
وعادة ما يكون نظام الحكم في هذه الدول هو بالأصل "الاوليغارشية" (حكم الأقلية ).
يتعامل الحكام الكليبتوقراطيون في كثير من الأحيان مع خزينة الدولة كمصدر لثروتهم الشخصية، وينفقون الأموال ببذخ ويبذرون كما تُملي رغباتهم دون حسيب او رقيب ويحول الكثير من الحكام الكليبتوقراطيين الأموال العامة سراً إلى حسابات مصرفية شخصية مختلفة في بلدان أجنبية لتحصين أنفسهم ماليًا في حال أُزيحوا عن السلطة وكشفت أوراقهم ...!!
وهذا النمط من الأنظمة ليس وليد اليوم، وإنما وجد دائما عبر التاريخ، لأن من يسعى إلى الحكم إنما يفعل ذلك من أجل الحصول على الثروة أو يحتاج إلى الثروة من أجل الوصول إلى السلطة.
هذان النقيضان: السلطة والثروة توأمان يصعب التفريق بينهما. وهذا النوع من الأنظمة يفتقر إلى الأخلاق والقيم، يمجد الأشخاص غير الأخلاقيين الذين يدّعون أنهم صادقون في خدمة الصالح العام، في حين أن ما يحركهم في الواقع هو جشعهم الشخصي الذي لا يعرف حدود.
كما أن "الديمقراطيات" غير المحصنة، أي تلك التي لا توجد فيها مؤسسات قادرة على تحصينها، قد تتحول مع الوقت إلى "كليبتوقراطيات"، وهما في الواقع نقيضان لا يجتمعان؛ لأنه عندما تتحول "الديمقراطية"، التي تعني حكم الشعب وخدمة الشعب، إلى نظام لـ"التحكم" في الشعب وسرقة ثروته، يتحول الشعب إلى "خادم" للحاكم أو الأقلية الحاكمة. وتتحول سياسات الضرائب التي تسنها الحكومات غير الديمقراطية إلى "جباية" تذهب إلى جيوب الأقلية الحاكمة بطرق مختلفة، بل وقانونية.
خطورة "الكليبتوقراطية" اليوم أنها أصبحت نظاما عالميا يخترق الجغرافيا وعابر للقارات ، يضم رؤساء دول ورؤساء شركات ورجال أعمال يتشاركون في حماية سرقاتهم من خلال عمليات غسيل الأموال وتبييضها وتهريبها وتوفير الملاذات الآمنة لها.
و غالباً ما تنتهج الأنظمة "الكلبتوقراطية" ثلاث طرق لفرض سلطتها:
أولا: القانون، الذي تشرّع به سرقاتها وتحمي به فسادها وتعاقب به منتقديها ومعارضيها.
وثانيا: زرع الفرقة داخل المجتمع وخلق صراعات أو استقطابات وهمية بين أفراده لبسط هيمنتها عليه وتقديم نفسها حكما وضامنا لاستقراره ووحدته.
وثالثا: زرع ثقافة وصولية انتهازية قائمة على الفساد والتواطؤ والمحسوبية، تمجّد وتعلي من قدر الفرد الذي "ينجح" في تحقيق مكاسب شخصية ومراكمة ثروة كبيرة لمصلحته الخاصة وعلى حساب المصلحة العامة.
الدكتورة ميرنا داود
أخبار ذات صلة
محليات
توقيف عصابة سرقة دراجات آلية
أبرز الأخبار