مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

القوة الناعمة والقوة الصلبة

13-08-2018

آفــاق

الدكتورة ميرنا داوود

أستاذة جامعية وكاتبة

القوة الناعمة (Soft power) هو مفهوم يُستخدم لوصف القدرة على الجذب دون الاكراه أو استخدام القوة كوسيلة للاقناع حيث قدّم جوزيف ناي هذا المُصطلح في كتابه الصادر عام 1990 بعنوان "الطبيعة المتغيرة للقوّة الأميركية" ومن ثم قام بتطوير المفهوم في كتابه الصادر عام 2004 بعنوان "القوة الناعمة ووسائل النجاح في السياسة الدولية".

اما القوة الصلبة فتعني القوة المشتركة السياسية والاقتصادية والعسكرية ، أي القوة في صورتها الصلبة التي تعني الحرب والتي تُستخدم فيها القوّة العسكرية وتكون نتائجها في منتهى الخطورة على الدولة ذاتها كما حدث مثلاً في الحرب العالمية الثانية بين اليابان وألمانيا النازية ، بينما القوة الناعمة مصطلح يُستخدم في نطاق نظريات العلاقات الدولية ويشير إلى توظيف ما أمكن من الطاقة السياسية بهدف السيطرة على سلوك واهتمامات القوى السياسية الأخرى المُستهدفة بوسائل ثقافية وأيديولوجية.

 

إن الغاية من القوة الناعمة هو تدمير الطاقة السياسية بهدف الهيمنة والسيطرة على القدرات والمقومات السياسية لدى الطرف الآخر المُستهدف ، أي الغزو الثقافي والأيديولوجي
وتحويل الدولة إلى بلد مُسيطر عليه من دون أن تظهر هوية الفاعل الحقيقي كما ان  
جوزيف ناي وهو المنظّر الأساسي لمفهوم القوة الناعمة قد طرح في مؤلفاته استراتيجيات بارزة من أجل إنجاح سياسة الولايات المتحدة على الساحة الدولية ودرس بدقة تكلفة حروب الولايات المتحدة السابقة في أفغانستان والعراق وانطلق من فكرة أن الناس قد عرفوا القوة الصلبة والجبروت العسكري والاقتصادي وأدركوا بالمقابل أن استخدام القوة العسكرية المباشرة والتهديدات الصريحة من شأنه أن لا يحقق النتائج المرجوة في حين أن استخدام الوجه الثاني للقوة أي (القوةالناعمة) سيجذب الآخرين ويرفع مستوى الإعجاب بسياسة الدول العظمى فالقوة الناعمة تجعل من الطرف الآخر ان يرضخ لما تريده تلك الدول من دون إكراه كما أنها العنصر الثابت في السياسة ومن الناحية العملية تجيز نظرية القوة الناعمة خطط الحرب غير
المباشرة كاللعب بقواعد الخصم وخلق حالة من التشكيك في الثوابت والمعتقدات التي يتبناها الخصم وفي حالة الحرب الناعمة يتلون الاشتباك مع الخصم الخارجي بلون محلي

 

 

بالإضافة الى ما تم ذكره ، فلا يقتصر استثمار القوة الناعمة على الدول العظمى كالولايات المتحدة فعلى سبيل المثال نرى عددًا من الدول الآسيوية تمتلك مصادر مُحتملة مثيرة للإعجاب ذلك أن فنون وثقافات آسيا القديمة وأزياءها وحضارتها كان لهم من قبل تأثير قوي على مناطق شاسعة من العالم لفترات طويلة من الزمن فعلى سبيل المثال صرح الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني أن الصين بحاجة إلى زيادة قوتها الناعمة وكذلك تحدّث وزيرالدفاع الأميركي عن الحاجة إلى تعزيز القوة الناعمة الأمريكية عن طريق "زيادة الإنفاق على الوسائل المدنية وإستخدام الدبلوماسية والاتصالات الاستراتيجية وتقديم المساعدات للدول الأخرى وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية" وبحسب الاحصائيات الأخيرة فان الولايات المتحدة تتبوأ المركز الأول في هذا المجال وتليها ألمانيا ثم المملكة المتحدة واليابان وفرنسا وسويسرا وأستراليا والسويد والدنمارك وكندا.
وبالإضافة إلى المد الثقافي للصين واليابان فإن بلدان آسيوية صغيرة كسنغافورة وكوريا الجنوبية وماليزيا وغيرها اتبعت إستراتيجية اليابان بشكلٍ وثيقٍ لاستهداف الصناعات الإستراتيجية بهدف تحقيق التنمية وتمويل مشاريع كبرى والتصدير بقوة هجومية لحماية صناعاتها الناشئة وهناك من يميز بين الأثر الإيجابي والأثر السلبي للقوة الصلبة على صورة الدولة على الصعيد الدولي وذلك لتعزيز القوة الناعمة كما هو الحال بالنسبة لتقديم المساعدات الإنسانية للدول الفقيرة والقوة العسكرية من خلال المشاركة في عمليات حفظ السلام وهذا هو الأثر الإيجابي أما الأثر السلبي على الدولة فهو برأي البعض يكون بتقويض مصداقيتها وبالتالي يشوّه صورتها الدولية حينما تستخدمها في عمل غير شرعي على الساحة الدولية.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما