كنت قد تعرضت للأساطيرفي مقالة سابقة بعد أن نمت وتكاثرت في عصرنا الحديث،عصر العلوم والحداثة .ولعل النوع الآخر من الأساطير الذي أصاب نجاحاً وإقبالاً كبيراً في هذا العصر هو الأساطير السياسية.
ومثال على ذلك إن هتلر لم يمت وما زال حياً في الأرجنتين. ومن يشكون في ذلك يجيبونهم بالإشارة لهذا الازدهار الرائع الذي حققته ألمانيا في السنوات اللاحقة لنهاية الحرب. يقولون كيف حققت ألمانيا هذا الرخاء والازدهار؟ تم ذلك لأن هتلر بقي حياً يوجه بلاده من الأرجنتين، وكل هؤلاء العظماء الذين قادوا ألمانيا كأديناور كانوا يعملون ويخططون بتوجيهاته.
والأساطير السياسية نوعين: هناك الأساطير الإيجابية كأساطيرنا عن الانتصارات. وهناك الأساطير السلبية وأن كل ما ابتلينا به من تأخر وأمراض وفقر وفشل حدث بتخطيطات خارجية تسعى لإبقاء العالم العربي في الجهالة والفوضى والانشغال بالإرهاب.
ما هي الحجة في هذا الكلام؟ يستشهدون لك بشتى الأقوال ومنها قول إناتول فانس، ما من سمكة تتحرك في البحر إلا وكان الإنجليز وراءها ويحركونها. وبالطبع تقول الأسطورة ما نحن سوى زعانف في تلك السمكة.
ويتحدث البعض اليوم عن مجموعة تُدعى نادي «بيلدلبرغ» عقدت في بلدة تيلفس بوشين في جبال الألب النمسوية مؤخراً اجتماعها بحضور ما يقارب الـ 130 اسماً من الأسماء المشهورة في عالم السياسة والفكر والأعمال الغربيين، وبينهم رموز كبار من حلف الأطلسي ورجال الاستخبارات العالمية والعاملين في دوائر صناعة الرأي العام العالمي وآخرين من كبريات الشركات العالمية المؤثرة في المعلوماتية والإعلام مثل «بي بي سي» و«غوغل»، بالإضافة إلى كبريات المصارف والمؤسسات المالية وشخصيات سياسية مؤثرة.
ويرُوج البعض إلى أن نادي «بيلدلبرغ» هو الذي يحكم العالم بقراراته السرّية والممنوعة عن العرب والروس والصينيين والإيرانيين، والذي يجتمع سنوياً ليقرر مصير العالم نيابة عن أكثر من ثلثي سكان البشرية. وأنه أقرب ما يكون إلى القمة العالمية أو الحكومة الكونية السرية التي تخطط لكيفية التصرف بحركة الأحداث والوقائع السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية والمالية ولكن من باب الأمن والمعلوماتية والاستخبارات.
والجدير بالذكرأنه يعود تأسيس هذا النادي إلى عام 1954، عندما اجتمع سياسيون ومفكرون في فندق بيلدلبرغ في ويستبربيك الهولندية بدعوة من الأمير بيرنهار لتدارس أوضاع العالم بعد الحرب العالمية الثانية والعمل على توجيه السياسة الدولية والتقليل من العداء الأميركي وسط أوروبا.
هذا النوع من القراءات تحفل بها العقلية السياسية المتداولة والتي لا تتعامل مع السياسة كوقائع إنما كمؤامرات.
هذا النوع من القراءات قد نختلف معه لأن مبدأ الواقع هو الذي يحدد السياسة وليس مجرد رواية من هنا أو من هناك. ومثل هكذا اجتماعات ليست أكثر من منتدى يُحاط بهالة كي يعطي انطباعاً بأن كل شيء محسوب.
لو كان كل شيء محسوب لما رأينا كل هذا التخبط في السياسات العالمية. أم لعل التخبط هو... الاستراتيجية الجديدة التي يتداعى لها البعض.
وكما ذكرت سابقاً فان أول اجتماع لهذه المجموعة قد عقد سنة 1954، وهو محاط منذ ذلك الوقت بجدار من السرية ومن هنا تفتح الأبواب أمام تفسيرات (نظرية المؤامرة ووجود حكومة سرية تحكم العالم). وكان شارك في ذلك الاجتماع نحو 70 شخصية من أثرياء العالم ومن أصحاب النفوذ والسلطة في اجتماعها الأول، الذي كان عبارة عن حلقات دراسية دامت ثلاثة أيام.
تقدم مجموعة بيلدربيرغ نفسها على أنها اتحاد ممثلي النخب السياسية والمالية والتجارية في أوروبا، ويجتمع اعضاء المجموعة سنويًا في أحد الفنادق الفخمة في منتجع سياحي لمدة 3-4 أيام، يناقشون خلالها أهم المسائل في مجالات المال والسياسات العسكرية والاجتماعية.بالطبع أنا لا أنفي نظرية الموأمرة كلياً قد يكون البعض منها صحيحاً ولكن في السياسة علينا التعامل مع وقائع ملموسة وليس مجرد نظريات أو روايات يتداولها البعض ويروج لها فتصبح نوع من الاسطورة والخيال.