مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

التنوير والديمقراطية

08-05-2018

آفــاق

الدكتورة ميرنا داوود

أستاذة جامعية وكاتبة

التنوير يعني انتقال الإنسان من اللارشد الى مرحلة الرشد واللارشد هو علة هذا الانتقال، واللارشد بالتعريف يعني عجز الإنسان عن الإفادة من عقله من غير معونة الآخرين، كما أن اللارشد سببه الإنسان ذاته، هذا إذا لم يكن سببه نقصاً في العقل، أو نقصاً في التصميم والجرأة في إعمال العقل من غير معونة الآخرين. "كن جريئا في إعمال العقل." هذا هو شعار التنوير عبر العصور.
وأوجز هذا المعني للتنوير في العبارة التالية: "لاسلطان علي العقل إلا العقل نفسه". إلا أن "إيمانويل كانت"  اثار  تمايزاً هاما بين استعمالين للعقل أحدهما، الاستعمال الخاص للعقل، والآخر الاستعمال العام للعقل. الاستعمال الأول يحرر عقل الفرد أما الاستعمال الثاني فيحرر عقل الجمهور. وبعد هذا التمايز علينا ان نطرح بعض التساؤلات ذات الصِّلة بالموضوع:
هل نحن نعيش اليوم في عصر متنور أم في عصر تنوير؟
جوابي  هو النفي  في الحالة الأولي، وبالإيجاب في الحالة الثانية، اقصد  بالنفي في الحالة الأولي أن البشر  لم تحرر عقلها  بعد من الشوائب  من أجل تحقيق استقلال العقل، اما الإيجاب  فاقصد به في الحالة الثانية أن ثمة فئة  من البشر قد استنارت ، ولكن المطلوب هو تحقيق العقل العام المستنير.
 والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي الالية لذلك؟

 

 الجواب عن هذا السؤال  يتلخص بعد تحديدنا لمعني الديمقراطية وتعريفها فأقول  بأن مصطلح "الديمقراطية" بزغ في القرن الخامس قبل الميلاد في كتاب "تاريخ الحرب البلوبونيزية" للمؤرخ اليوناني ثوسيديس (460 - 400ق . م) عندما أتى على ذكر  عبارة بكليس القائلة، بأن أثينا هي نموذج للديمقراطية لأن "دستورنا لايحاكي قوانين الدول المجاورة، بل هو نموذج للآخرين. وارادتنا  تنحاز إلي الأغلبية وليس إلي الأقلية. وهذا هو السبب الذي يدفعنا إلي القول بأن أثينا ديمقراطية". ثم يستطرد ثوسيديدس قائلاً: إن بركليس يتصويره  الديمقراطية علي أنها حكومة يتمتع فيها كل الشعب بالمساواة في ظل القانون وبحكام منتخبين بسبب تميزهم وليس بسبب انتمائهم إلي طبقة معينة. وتستند الديمقراطية في ذلك كله إلي المبدأ القائل بأن الأغلبية أحكم من الأقلية، إلا أن هذه الديمقراطية لم تستمر زمنا طويلا، إذ انتهت بموت بركليس. وقد  قال عنها أفلاطون في رائعته "الجمهورية" إنها تفضي إلي الطغيان؛ إذ يبرز من بين دعاة الديمقراطية من هم الاشد  عنفاً وأكثرهم دهاء فيستأثر بالسلطة ويقطع رأس كل منافس. وقال عنها أرسطو في كتابه "السياسة" إنها حكومة الأغلبية الفقيرة والمتدنية، ومن ثم سميت االديمقراطية، بعد أرسطو، بأنها حكم الغوغاء ochtocracy ولفظ ochtos يوناني ويعني الغوغاء.وللحديث بقية في هذا الموضوع الثري وقد استعرضت بعضا من آراء الفلاسفة الذين تناولوا هذا الموضوع عبر العصور.
ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما