اما من حيث الانعكاسات الجيوسياسية لليوان الرقمي فان أهميتها تتخطى حدود الدولة الصينية لتشمل العالم بأسره.أضف الى أن اعتماد العملة الرقمية يجنب الصين أي عقوبات قد تفرضها واشنطن على بكين.
تتميز العملة الرقمية عن باقي العمليات غير النقدية (كبطاقات الائتمان) بكون التسويات تتم فيها بطريقة مباشرة من دون العبور بالمصارف التي تتدخل كوسيط في المعاملات غير النقدية، مما يوفر وسائل جديدة للتواصل عبرالأجهزة بعيدا عن التدخلات المصرفية. ويمكن للصين أيضا استخدام اليوان في أنشطة متنوعة عديدة بدءا ببرنامج التحفيز والمساعدات التنموية وصولا الى التحويلات المالية المباشرة واستثمارات البنية التحتية مثل مبادرة الطريق والحزام  BRI.
ليس الحديث عن اليوان الرقمي مسألة جديدة، فما ان أطلق فيسبوك عملته «ليبرا» حتى سارعت الصين الى اطلاق اليوان الرقمي. وقال جاك لي، الشريك المنتدب لدى شركة الاستثمار المباشر «اتش سي ام كابيتال» لشبكة «سي ان بي سي» بأن الحكومة الصينية قد أنجزت المنظومة الخاصة باليوان الرقمي، وانها بصدد طرح اصدار تجريبي في غضون شهرين أو ثلاثة.
وفي السياق نفسه اكد الرئيس الاسبق للبنك المركزي الصيني أن "اليوان الرقمي يجب أن يدعم اليوان الصيني، ومن المتوقع أن توزع العملة الجديدة من خلال البنوك الاربعة الكبرى العائدة للدولة، البنك الاداري الصيني، بنك الشعب الصيني، بنك التعمير والبنك الصناعي التجاري".
ان منافسة العملة الرقمية الصينية للعملات الأخرى كـ «بتكوين» و «ليبرا» سيترك أثرا كبيرا في عالم التجارة الدولية.
وأكد بنك الشعب الصيني أنه من الصعب تقليد وتزويرعملته الرقمية أو اختراقها عبر الانترنت لما تتمتع به من تحصينات بهدف حمايتها.
وعندما سئل مدير المدفوعات في بنك الشعب الصيني مو تشانغ تشون عن امكانية نجاح العملة الرقمية أشار الى أن سعي البنك لطرح عملة رقمية يستهدف حماية سياسة الصرف الاجنبي في البلاد مؤكدا متانة اليوان الرقمي وامكانية استخدامه من دون الاتصال بالانترنت مما يؤمن استمرارية وحماية المعاملات في الظروف الطارئة او الاحداث التي قد تسبب انقطاع الاتصالات.
في ظل التطورات الرقمية هذه، برز قلق الولايات المتحدة من اطلاق العملة الرقمية الصينية، ونقلت صحيفة الغارديان عن كينيث روجوف كبير الاقتصاديين الأسبق لدى صندوق النقد الدولي قوله « ان العملة الرقمية الصينية هي التهديد الحقيقي للولايات المتحدة الاميركية وليست العملة «ليبرا»، ولفت الى ان «اطلاقها ينذر بمخاطر تهدد المصالح القومية الاميركية في حال عدم تمكن اجهزة الرقابة المختصة والجهات المعنية من مراقبتها». وأشار روجوف الى ان استخدام اليوان الرقمي وانتشاره على نطاق واسع يؤثر بشكل كبير لا سيما في المناطق التي لا تتوافق فيها مصالح الصين مع مصالح الغرب. فمن حيث المبدأ، قد يكون هناك حاجة الى اتباع عملية رقمية خاضعة للتنظيم الاميركي من قبل السلطات الاميركية بحيث يمكن للمنظمين الغربيين حظر استخدام اليوان الرقمي الصيني. ولكن، هذا لن يمنعها من استخدامه في أجزاء كثيرة من افريقيا واميركا اللاتينية وآسيا، ما قد يؤدي الى توليد بعض الطلب عليها حتى في الولايات المتحدة واوروبا.
سعيا منه لتهدئة المخاوف الاميركية نفى الباحث في المعاملات المالية في الجامعة الصينية لي تشين أن يكون هدف اطلاق اليوان الرقمي محاولة لاستبدال الدولار الاميركي بالعملة الرقمية الصينية  وفي المستقبل. وأضاف لي تشين : " أعتقد أن أيام الذهاب الى المصارف وفتح الحسابات سوف تنتهي في غضون خمس أو سبع سنوات ".
وعلى خط الجدل القائم في واشنطن انتقد الرئيس الامريكي دونالد ترامب العملات الرقمية الخاصة بالشركات وعملات مشفرة اخرى إذ اعتبرها فرضية ووهمية لا تستند الى الواقع.
على صعيد آخر، حذر العديد من الخبراء من أن العملات الافتراضية يمكن أن تزيد من مخاطر الاحتيال وخاصة غسل الاموال وتمويل الارهاب. وأشارت وزيرة الدولة السويسرية للشؤون المالية الدولية دانييلا ستوفيل الى ان الارتفاع المحتمل في العملات الرقمية سيثير تساؤلات عدة حول ادوار العملات الوطنية والبنوك المركزية، وهو امر ينبغي مناقشته على صعيد دولي. كما وأشارت الى ان الصين ليست الدولة الوحيدة التي نظرت في اصدار العملة الرقمية، بحيث ان البنك المركزي السويسري يدرس امكانية استخدام العملات الرقمية للتداول بها في البورصة.
في ظل الاحتمالات والافتراضات هذه، والمخاوف الغربية والاميركية، يبقى السؤال الأهم: "هل يطيح اليوان الرقمي بالدولار الاميركي؟"