مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

كوفيد-19 حرب باردة ترسم خارطة نظام عالمي جديد

29-05-2020

تقارير

ريمون زيتوني

<p>صحافي لبناني</p>

مع اقتراب انتهاء ولاية ترامب الاولى وبدء التحضيرات لانتخابات رئاسية مقبلة في الولايات المتحدة اتى الكوفيد-19 ليستأثر باهتمام اقليمي وعالمي، ويفرض في الوقت نفسه تساؤلات حول شكل النظام العالمي لما بعده.وفي الوقت الذي يتم فيه تقييم الفيروس وتأثيره على العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف بين الدول، برزت الثنائية الأميركية الصينية الى الواجهة لما تحتضنه من خطورة بالغة قد تفجر الوضع الاقليمي والدولي الى الهاوية وتعيد خلط اوراق انظمة برمتها

حرب كلامية. اتهامات متبادلة بين الطرفين. وفي الوقت الذي يتفشى فيه الكوفيد-19 في الولايات المتحدة بشكل جنوني وخطير، تعمد الصين الى اظهار نفسها كدولة نجحت في احتواء الوباء، لا بل ابدت استعدادها لتقديم المساعدة اينما طلبت في العالم، بحيث ارسلت بكين أطباء وامدادات طبية الى عدة دول في وقت تتعرض فيه الادارة الاميركية للكثير من الانتقادات حول تعاطيها غير الفعال مع الوباء.
ان اصرار بكين الشديد على استغلال الازمة لتعزيز صورتها كدولة هي الرائدة في العالم، واصرار ترامب على تسمية الوباء «بالفيروس الصيني» من جهة اخرى فتح خطوط صدع جديدة في العلاقة الهشة أصلا بين الدولتين العظمتين.
أشارت بكين في البداية الى امتعاضها من لا مبالاة ترامب حيال المرحلة الاولى من انتشار الوباء وتقليله من اهميتها وخطورتها، فذهبت بعيدة الى حد الكلام عن مؤامرة قاتلة مفادها أن الكوفيد-19 هو عبارة عن سلاح بيولوجي تم تصنيعه داخل المختبرات الاميركية.
يأتي هذا الخلاف الكبير بين الصين والولايات المتحدة وسط جدول غير مكتمل للحرب التجارية بين البلدين. ففي سنة 2016 شدد ترامب قبيل مجيئه الى السلطة على التأثير السلبي للصناعات الصينية على الوظائف الاميركية، وتحول تخوفه هذا لاحقا الى خطة عمل سياسية بعد دخوله البيت الابيض رئيسا. وفي شهر حزيران سنة 2018، كانت الجولة الاولى من فرض الرسوم المتبادلة بين الدولتين، بحيث فرضت واشنطن رسوما على السلع الصينية بقيمة 360 مليار دولار، ما دفع بالصين في المقابل الى فرض رسوم على سلع اميركية بقيمة 110 مليار دولار. لاحقا، تم معالجة الازمة بين القطبين، ولكن الخلاف عاد ووقع في فترة لاحقة.
في حين ينشغل العالم باحتواء تفشي الكوفيد-19 تعمل الدولة الصينية على تثبيت وتكثيف قوتها في غرب المحيط الهادئ.
وبالتالي، دعت الولايات المتحدة الى اعلان منطقة الاندو-باسيفيك  Indo-Pacific منطقة حرة ومفتوحة، ما يعني وصولا غير مقيد الى مياه غرب المحيط الهادئ، وهي النقطة الجيوسياسية الساخنة والاستراتيجية للولايات المتحدة الاميركية في تلك المنطقة.أضف الى ذلك ان واشنطن تعتبر ان مطالبات بكين الاقليمية في بحر الصين الجنوبي وعسكرة الفضاء تشكل مصدر قلق كبير للعديد من دول جنوب شرق آسيا، حلفاء واشنطن.
كما تعتبر الولايات المتحدة الطموحات الصينية ضربا لحرية الملاحة مما جعلها مسألة خلاف ومواجهة بين البحريتين الصينية والاميركية.وتشير التقارير الأخيرة الواردة الى المكتب البيضاوي أن تدريبات عسكرية صينية تجري في بحر الصين الجنوبي ردا على مهام   FONOPS الاميركية، بما في ذلك مناورة عسكرية مشتركة مع كمبوديا وهي دولة في جنوب شرق آسيا تعتمد كثيرا على الدعم والمساعدات الصينية. لذلك تعتبر الممرات المائية المزدحمة في بحر الصين الجنوبي بيئة حاضنة لمواجهة عسكرية كبيرة بين الطرفين.
هذا وتشعر الولايات المتحدة مع شركائها في منطقة الاندو-باسيفيك بالقلق الشديد حيال مبادرة الحزام والطريق (BRI) الصينية الطموحة، مما دفع بشركاء واشنطن الى اقتراح انشاء شبكة النقطة الزرقاء Blue Dot كبديل مفترض من خلال مبادرة اصحاب المنفعة المتعددين والتي تضم الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني معا لتعزيز معايير موثوقة عالية الجودة بهدف تطوير البنية التحتية العالمية.
وعلى صعيد آخر، ينعكس خط المواجهة على الابعاد غير العسكرية أيضا، اذ انه على مدى السنوات القليلة الماضية، اثارت الولايات المتحدة مخاوفا بشأن شركات التكنولوجيا الصينية الخاصة والتي ترتبط بشكل عميق بالحزب الشيوعي، فعمدت على سبيل المثال الى منع استخدام تقنية 5 G الممثلة بشركات مثل Huawei و ZTE بحجة انها تهدد الامن القومي الاميركي، وضغطت على حلفائها ليحذوا حذوها. كما اتخذت واشنطن اجراءات اضافية كمثل تقليص عدد الطلاب الصينيين في جامعاتها، وطرد دبلوماسيين صينيين من اراضيها.
ردا على ذلك، قامت الحكومة الصينية بتعديل القواعد التي بموجبها يسمح للدبلوماسيين بأن يلتقوا مع المسؤولين المحليين.
تخوض الولايات المتحدة اليوم حربا على الكوفيد-19، في حين تسعى الصين الى الدفاع عن نفسها ازاء اتهامها بالاهمال وعدم المسؤولية في ما خص الوباء المتفشي على اراضيها.وفي الوقت الذي تكثر فيه الدعوات الى التنسيق العالمي والتعاون الدولي، لا يبدو في الافق ما يشير الى أي حلحلة او ترطيب أجواء بين الدولتين العظمتين.
ولكن مهما تكن الاسباب والظروف أو حتى مسار المواجهة، لا شك أن هناك تحولا جذريا كبيرا قد يطيح بالنظام العالمي كما عرفناه، فما قبل الكوفيد-19 ليس كما بعده.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما