04-02-2019
آفــاق
الدكتورة ميرنا داوود
أستاذة جامعية وكاتبة
ماري أنطوانيت ملكة فرنسا وزوجة الملك لويس السادس عشر ووالدة الأمير الصغير لويس السابع عشر والأميرة ماريا تيريزا تنسب لها المقولة الشهيرة "إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء دعهم يأكلون البسكويت". بدأت القصة بحفل ملكي راقص ووليمة فاخرة أعدّتها الملكة ماري أنطوانيت، في الوقت الذي كان فيه الشعب الفرنسي يتضور جوعاً. وفي الصباح التالي توجّه أكثر من 7000 امرأة تجاه قصر "فرساي" وهن يصرخن: "لأجل الخبز"، وفي هذا الوقت أوضح رجال الحاشية المقربين للملكة ماري أنطوانيت، مدى المعاناة التي يعيشها الفقراء في دولتهم، والتي وصلت بهم إلى حد عدم امتلاك الخبز، لتجيب الملكة والعهدة على الراوي، قائلة: “إذا لم يجدوا الخبر، فليأكلوا البسكويت"!
وبالطبع فان هذه العبارة التي تنسب الى ملكة فرنسا أغضبت جموع الشعب الفرنسي كما تروي بعض المراجع والمذكرات الخاصة بالثورة الفرنسية، وعجلت برحيل الملكة وزوجها عن الحكم ، عبر إندلاع الثورة الفرنسية، التي لم تكتف بتنحية الملكة ، بل وقامت بإعدامها جزاء لغرورها واستهتارها بآلام الفقراء هذا ما تذكره بعض الكتب التي تناولت حياة آخر ملكات فرنسا ، فهل قالت الملكة الراحلة حقا تلك الجملة التاريخية الكريهة؟
اختلفت الأسباب والحقيقة الواضحة ، هي تبرئة الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت من ذكر تلك العبارة المسيئة التي التصقت بها منذ القرن االثامن عشر، وحتى بدايات القرن الحادي والعشرين ، دون سبب واضح وهذا ما أوضحته المؤرخة أنطوانا فرايزر، كاتبة السيرة الذاتية للملكة.
تقول أنطوانا: لا تتماشى تلك العبارة مع شخصية ماري الذكية من ناحية ، والمراعية للمشاعر من ناحية أخرى ، فبينما كانت الملكة الراحلة تعيش في بذخ لا يمكن إنكاره ، كانت كذلك تنفق الأموال على الفقراء وتساعدهم من حين لآخر.
كذلك يؤكد عدد من الخبراء أن العبارة الاستفزازية قد تم تناقلها قبل حلول القرن الثامن عشر بسنوات طويلة ، حيث تمت الإشارة إلى أن الإسبانية ماريا تيريزا هي من قالتها في سياق مختلف ، عندما كانت متزوجة من الملك لويس الرابع عشر في عام 1660
المثير للجدل حقيقة هو أن سر التصاق تلك العبارة بماري أنطوانيت هي كتابات الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو التي أشار من خلالها في عام 1766، إلى أن قائلة جملة فليأكلوا البسكويت هي أميرة فرنسية شهيرة ، من دون أن يذكر اسمها وعندها بدأت الشائعات تتداول أسماء الأميرات في تلك الحقبة ، حتى تم الكشف لاحقاً أنه في تلك السنة كانت ماري انطوانيت لا تزال طفلة صغيرة في العاشرة من عمرها.
مما لا شك فيه أن نمط الحياة الذي كانت تعيشه ماري اشتهر في أنحاء العالم ، من بذخ قصر فيرساي إلى منزل الجنيات المحيط بالقصر، مما أثار غضب الشعب وسخطه ، هذا إلى جانب مئات الأثواب والحلي التي كانت تشتريها شهرياً والتي لعبت دوراً في إشعال المزيد من غضب الشعب. ورغم ذلك الترف وأثناء زحف الفرنسيين إلى قصرها طلباً للطعام ، فإن الكثيرين شككوا في حقيقة العبارة الشهيرة المرتبطة بماري انطوانيت "دعهم يأكلون البسكويت" وأكدوا أنها غير حقيقة وهذا ما اكده المؤرخون بعد ذلك وكما سبق وأوضحت.
اتُهمت ماري أنطوانيت بخيانة فرنسا ، وسيقت إلى الإعدام أمام الجموع في باريس إلى ساحة الباستيل حيث تم وضعها في عربة مكشوفة ليراها الجميع، بعد أن شاب شعرها بأكمله وهي في مقتبل العمر، مرتديةً رداءً أبيض بسيط. وتم قطع رأسها في 16 تشرين الأول عام 1793 في الساعة 12:15 ظهراً، ويقال إن آخر كلماتها كانت "عذراً، سيدي، لم أقصد أن أفعل ذلك" لأنها داست على ساق الجلاد اثناء صعودها إلى المقصلة...!
أبرز الأخبار