مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

شكسبير بين العبقرية والاقتباس

02-11-2018

آفــاق

الدكتورة ميرنا داوود

أستاذة جامعية وكاتبة

يعتبر أدب شكسبير النواة الأولى لنشأة الأدب السايكولوجي في العالم, لقد كان المدرسة المتفردة التي انطلقت منها الآداب والفنون والمذاهب الفلسفية في أوروبا، التي اهتمت بمعالجة الهم الإنساني وإشكالية وجوده على هذه الأرض، من خلال صراع التناقضات والثنائيات داخل النفس البشرية.


أعمال شكسبير كانت الملهم الأول لأدب غوته ودستويفسكي وتشيخوف وفيكتور هوغو ودي موباسان وفرانز كافكا، فضلا عن كونها نموذجا تحليلياً لمدرسة فرويد النفسية واهتمامها بالرموز والصور المختبئة في طبقات عميقة من اللاوعي الإنساني.اما موضوع
 التشكيك في أصالة أعمال الكاتب الإنجليزي «وليام شكسبير» فهي جدلية لا تنتهي منذ زمن طويل، رأى بعض النقّاد أنه سارق ماهر بنى مجده، وانتحل كل مسرحياته وشخصياتها من كتب وقصص الآخرين، بينما رأى بعضهم أنه يعيد كتابة التاريخ والقصص بطريقته وأسلوبه الخاص الذي يتمكن من خلاله من تبديل كل شيء في القصة الأصلية، ورأوا أن ذلك أمر كافٍ للتأكيد على عبقريته وتفرده وتمكّنه من صنعته.

وفي ظل هذا الجدل الأدبي والتاريخي الذي أثاره الباحثون وكبار الأدباء، تبرز مجموعة من الأسئلة هل وليام شكسبير سارق أم مقتبس؟ أم كاتب بارع يستوحي أعماله من الآخرين؟ ومن الذين استقى شكسبير منهم مسرحياته؟

 ان المصادر التي استمد منها شكسبير حبكات مسرحياته مختلفة، تتنوع ما بين الأحداث التاريخية، والروايات الرومانية وأساطيرها ، وقصص الكتّاب الذين سبقوه ولعله كان يعتمد على أكثر من مصدر في حبكته حتى يخرج بالشكل النهائي الخاص به، وقد يحذف شخصيات رئيسية من الأحداث التاريخية المعروفة، وقد يغير فيها، وأحيانًا يقلبها تمامًا، لا لشيء إلا لأنه قد يرى أنها لن تخدم حبكته وقصته

تكمن عبقرية شكسبير في أنه الابن البار لعصر النهضة الأوروبية في الأدب والفن، فأعماله صالحة لكل زمان ومكان، ولكل المجتمعات باختلاف ثقافاتها وتاريخها ومعتقداتها، فمن خلال اعتماد شكسبير على العواطف والأحاسيس الإنسانية النبيلة، كان يحاكي قوى الخير والفضائل في دواخلنا، التي هي بالأصل وليدة النشأة الطبيعية السوية عند الإنسان.
إن عالم التناقضات الذي يسبر شكسبير غوره داخل الإنسان عن طريق دوامة الجدليات والصراعات بين العواطف والغرائز والطموح والأهداف توضح لنا مصير الفرد المرتبط بشقائه أو سعادته في هذه الحياة. فمسرحيات «هاملت وعطيل والملك لير» هي تجليات واضحة للخطيئة المرتبطة بالحسد والغيرة والانتقام والجريمة وحب السلطة والمال، والتي تؤدي إلى الشقاء والهلاك وفقدان الإنسان لإنسانيته وسموه الروحي. يطرح شكسبير في معظم أعماله الإشكاليات التي تظل مفتوحة على أسئلة من دون إجابات واضحة ومحددة، فحياته الأدبية مرًّت بعدة مراحل حتى بلغت عمقها السايكولوجي ، فاستحضار قوى ماوراء الطبيعة في مسرحيات شكسبير كالأشباح والشياطين، تبين لنا سلفا بأن أقدارنا مرهونة بفكرة غامضة وراء عالمنا المادي المحسوس، وهي فكرة قديمة قدم الإنسان الذي كان يلجأ لتفسير الظواهر الغامضة والمحيرة في الطبيعة بإحالتها إلى الخوارق والمعجزات وابتكار الآلهة.

أول من تحدث ضد شكبير كان إدوارد رافتكسروفت الذي قال: "إنه ليبدو لى أن اختلاس أعمال الموتى هو إثم اكبر من سرقة أموالهم فلا مناص لى من أن أنبئ القارئ بأن هناك رواية فى مجموعة شكسبير باسم تيتوس أندرونيكس نقلت عنها جزءًا من روايتي وقد أبلغني بعض المطلعين على تاريخ المسرح انها له ولكنها وضعت بقلم مؤلف آخر ، ولم يزد عليها شكسبير إلا بعض التنقيحات فى تصوير الشخصيات الهامة، وأرانى جانحا إلى قبول هذا الخبر، لأن الرواية أقل أعماله حرفية.

 

وبحسب العقاد أيضًا، فان شكسبير قد اقتبس  قصة ماكبث من هولنشد، الذي أخذها من المصدر اللاتينى وهو تاريخ اسكتلندا . ان العقاد أكد بإن الحديث عن قيام شكسبير بسرقة أعماله ليست موضع شك مشددا إلى أنه امر مثبت منذ زمن ولكن عبقرية شكسبير تكمن في اعادة صياغة نلك القصص والاضافة عليها بما يتناسب مع المرحلة التي عاش بها.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما