مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

ما هو مصير التعايش السلمي في ظل التعددية الدينية المشرقية؟

27-10-2018

آفــاق

الدكتورة ميرنا داوود

أستاذة جامعية وكاتبة

في ظل تطور التشدد الديني وتأثيراته الاجتماعية والسياسية في الشرق ، ومع حالة الحراك المجتمعي والمعرفي الضخمة الملازمة للحداثة والعولمة خلال العقود الماضية ، وما نتج عنها من تداعي للحدود الجغرافية وللخصوصية الثقافية والدينية صار الحديث عن التعددية الدينية ليس بوصفها رؤية فلسفية وأفكار نخبوية ، بل ضَّرورة إنسانية ملحَّة واحتياج مجتمعي لا غنى عنه وخاصة في ظل ما تعانيه مجتمعاتنا الشرقية من التمزق والصراع المذهبي والعقائدي .

ان غياب الحياة المدنية ليس سببه الوحيد هو تراجع الحس الوطني والقومي ، وحلول التيار الديني في الفراغ الذي تم تركه ، وليس سببه دعم بعض القوى العظمى للتيارات المتشددة ، وانما السبب الاساس هوضعف التيارات السياسية الوطنية والديموقراطية وأسلوب عملها المستند على الشخصانية والمصلحة الذاتية ، بدلاً من النظام المدني الديموقراطي المنظم. 

لقد اكتفى المثقفون والسياسيون الوطنيون بالتذمر من تمدد الاسلام السياسي من دون التفكير باستعادة مشروع الدولة المدنية ، ولذا دخل المد الإسلامي السياسي كموجة جارفة للمكتسبات المدنية والاجتماعية والثقافية ، لأن موجة التكفير كانت هي السائدة  فقوى الإسلام السياسي كانت أكثر تنظيماً من القوى الوطنية في بعض دول منطقتنا ، فاستطاعت السيطرة على بعض الوزارات ووسائل الإعلام والمرافق الحيوية في المجتمع.

لقد تحالفت بعض الدول الغربية مع هذه القوى الاصولية المتشددة التي اعتبرتها حليفتها كما حدث في العراق وسورية ، ولم تكن ذريعة الحرب على الإرهاب هي السبب في يقظة القوى المدنية ، بل كانت الفظائع والجرائم التي ارتكبتها هذه الجماعات الإرهابية التكفيرية.
لقد ظهر مفهوم التعددية الدينية في الغرب خلال عصر الإصلاح الديني في أوروبا كمحاولة لوضع أساس نظري في العقيدة المسيحية للتسامح تجاه الأديان غير المسيحية ، فضلًا عن التسامح مع الطوائف المسيحية المتعددة التي ظلت لعقود طويلة في حالة صراع واحتراب طائفي بين الكاثوليك والأرثوذكس ثم بين الكاثوليك والبروتستانت ، نتج عنه أكثر من خمسة ملايين قتيل ، بالإضافة الى تدمير مدن بأكملها ، ولم تتوقف الحروب حتى وُقعت اتفاقية وستفاليا للسلام عام 1648، وكان من أبرز بنودها الاعتراف بحرية الاعتقاد والعبادة.

  وفي الشرق ظهرت دعوات التعددية الدينية على يد النخب المتنورة وبعض رجال الدين الذين يؤمنون بالتسامح والعيش المشترك.

 

والتعددية الدينية هى نظرية تنويرية تشير إلى أن جميع الأديان متساوية في الإيمان بالله ، ولا يوجد دين أفضل من الآخر ولا طائفة مختارة من الله ومميزة دون أخرى فالجميع يبحث عن الله بطريقته الخاصة ، ويمارس إيمانه بالصورة الأنسب له وترتكز  التعددية الدينية في جوهرها على تقبل الآخر المختلف عقائديًا ، وهذا يتضمن الإقرار بمبدأ أن أحداً لا يستطيع نفي أحد ، ومبدأ الحرية والمساواة في ظل سيادة القانون ، وهى المبادىء التي ترتكز عليها الدولة المدنية الحديثة ، لذلك فأي حديث عن تجديد للخطاب الديني اليوم أو السعي لبناء دولة مدنية في مشرقنا لابد أن ينطلق من هذه المبادىء والسؤال الذي يطرح نفسه وبشدة اليوم اين نحن في هذا المشرق من التعددية بأشكالها وأدبياتها ؟!

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما