23-07-2018
تقارير
مريم يوسف فاهمي
كاتبة و شاعرة لبنانية
كانت جولته الغنائية مركزة على اغنيات حزبية بامتياز فلم يترك حزباً و لا منظمة سياسية الاّ و غنّى لها! من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب مرورا ببيروت و الجوار !
فماذا يريد بديع من اختياره هذا النمط بالتحديد في ظل جو لبنانيٍّ مشحون بالأصل بكهرباء التحزب و الساحة اللبنانية مكتفية بصراعاتها السياسية!
فاذ نجده يغني للاشتراكي ثم الكتائبي و القوات مروراً بالعوني و التقدمي و المردة و لا يكتفي بل يكمل جولته الغنائية باغاني تناصر اليساري وصولا الى حزب سبعة و و و ...
وسط اجواء موسيقية لونتها صيحات مناصرة و اخرى غير مناصرة و هتافات حزبية مشحونة بلا شك بانتماء معزز بالتصلب و التبعية الى ضحكات ساخرة...
كان تفاعل الحضور يوحي بشيء من القلق!
أيعقل اننا لم نتعلم بعد من تاريخنا الدموي و ما زلنا نصفق لهذا و ذاك كلّما علا صوتُ طبلٍ او مزمار!
لكن و بما لا شك فيه ان الفنان بديع ابو شقرا يُتقن فنّه جيّداً، اذ يجعلك تسأل نفسك حيناً عن انتمائه الحزبي، و يضعك في دوامة الشك أهي محاولة كسب الجمهور للحفاظ على استمرارية مسيرته في بلد نستفيق كل يوم لنجده ما زال على كف عفريت!
لكن فناننا العزيز كان أبعد من تخيلاتنا جميعها، فنراه
يختم جولته بأغنية تختصر واقع الحال ليضع الاصبع على الجرح و هو يقول "خربوا بيتك يا لبنان"
بأسلوب عفويّ و فكاهي استطاع ان يوقظ النائمين في عتمة التحزّب ليطلق صفارة الانذار من عواقب التبعية، خاتماً جولته بأغنية توقد لعنتها في قعر التحزب و تمحو علامات التعجب و الاستفهام التي وُضعت امامنا.
بديع ابو شقرا ليس تابعاً سطحياً و لا ممثلاً عادياً يبحث عن التصفيق.. بديع مواطن مجروح يبكي وطنه بلغة جديدة و يعلن انتماءه بتجرد صادم فيشرب "الكاس" بغصّة ليرفع "المتراس" في وجه الجهل!
كم نحتاج الى هكذا فنّ في مجتمعاتنا الساقطة في التبعية و المُهَمِّشة للوطنية
كم نحن بحاجة الى أمثالك يا بديع ..الى وطنية تنزف شعارات دامية.. و تبكي وطنها بسخرية صادقة و قلبٍ نقيّ.
فأخبرني كيف سنُكاثِرُ أمثالك؟!
مريم يوسف فاهمي.
أخبار ذات صلة
لكل مقام مقال
هل عجزت الحكومة اللبنانية عن ايجاد حلول مؤقتة؟؟
تقارير
الطابور الخامس- الجزء٢
تقارير
الطابور الخامس - الجزء1 -
أبرز الأخبار