مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

الحركات الأصولية الهجينة في المشرق مصيرها إلى الزوال

04-06-2018

آفــاق

الدكتورة ميرنا داوود

أستاذة جامعية وكاتبة

تمتد الحركات التكفيرية من افغانستان وبعض اقاليم باكستان مرورا بالمشرق العربي ووصولا الى القارة السمراء وحتى لو اختلفت ظروف تشكل هذه الحركات وتوقيتها وأهدافها ولكن من المؤكد انها تنهل من مرجعيات فكرية واحدة تصنف جميعها تحت لواء ما يسمى بـالفكر السلفي الجهادي .

بالعودة الى نشأة هذه الجماعات وتاريخها نجد بأنها تنشط دوماً في مناطق النزاعات والحروب وتتمدد لأنها تجد ضالتها والتربة الخصبة لها كما حدث في المشرق إبان ما يسمى بهتاناً بالربيع العربي ، على غرار طالبان التي ظهرت في سياق محاربة الغزو السوفياتي كما كانت تدعي بصناعة غربية بإمتياز وبعضها الآخرظهر منذ البداية ليتمدد ويؤسس لخلافته المزعومة على غرار داعش التي كان هدفها الأول القضاء على الجيوش النظامية في المنطقة ، فساهمت اكثر في بلورة خريطة تقسيم جديدة للمنطقة على اسس مذهبية واثنية فعندما دخلت داعش الى قلب المشهد الجهادي التكفيري باتت خريطة الحركات السلفية الجهادية تتباين بين من يدين بالولاء لهذا التنظيم الإرهابي الصاعد وبين من بقي متمسكاً بتنظيم القاعدة والملاحظ ان هذه الحركات وإن تمكنت من السيطرة جزئياً على بعض المناطق في بلاد الشام الا انها تعرضت للانكفاء ويستطيع المتتبع لماهية حركات التكفير الإرهابية الموجودة في العالم ان مصيرها الى زوال وخصوصاً في مشرقنا لأنه جسم دخيل ومريض وفاسد على ثقافتنا وتاريخنا ومنظومة العيش المشترك والتنوع في منطقتنا ، هذه حركات دخيلة لا أصل ولا مثيل ولا سابق لها؛ وهي تمثل حالة تكاد تلامس العدم لو استندنا إلى أن الوجود الأصيل خيرٌ محض، والشر عدمٌ محض وهذا هو الحال وعليه تكون هذه الحركات موجودة بصفة عابرة ومصيرها الى الزوال من الوجود قياساً على التعريف الفلسفي للشر واما من الجانب الواقعي التاريخي فلا يمكن لحركات شاذة غير متصالحة مع إنسانيتها ولا مع وجودها إلا أن تكون حركات هجينة عجيبة الخلق عقيمة التوالد متفقة مع أنماط من السلوك وأشكال من الأفكار والترهات لا تندرج في السياق الطبيعي مسيرة الفكر وحركة التاريخ الإنساني ، ولأن هذه الحركات التكفيرية الإرهابيّة حركات عجيبة الولادة وعقيمة التوالد فإنه يصح عليها القول أنه لا أصل ولا مثيل ولا سابق لها

 

إنتشرت قبل ربع قرن تقريباً نظرية "نهاية التاريخ" للكاتب فرنسيس فوكوياما الذي نظر للحتمية الديمقراطية في كتابه الشهير "نهاية التاريخ والإنسان الأخير" واليوم نجد نظريته الجديدة وحتمية الانحطاط السياسي التي اسس لها في بحث ضخم مكوّن من بابين  هما: النظام السياسي والانحطاط السياسي وهذا هو واقع الدول العربية الآن حيث انها اصبحت في القاع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ويُضاف الى كل ذلك حالة الفوضى الغير مسبوقة والحرب منذ اندلاع أحداث الخريف العربي .

يتجلى الانحطاط السياسي في الدول العربية واضحاً في الضعف حيال الصراعات الدينية والمذهبية وفي الحركات الارتدادية لدى مجموعات عديدة ذات انتماءات إثنية ومذهبية وطائفية وعرقية مختلفة لإثبات وجود سياسي واجتماعي . إن هذا النمط من التأرجح الفكري لا يمكن ان يندرج تحت مسمى التطوّر التاريخي بمعنى التقدم والارتقاء ولا تحت مسمّى التطور السوسيوثقافي وهو بالتعريف ليس الا مجرد تعبير عن ردود أفعال شاذة ومنحرفة وهي مجرد محاولات للخروج من مأزق تاريخي ولكن بآليات خاطئة .

 

ولهذا اخلص الى القول ان تعاليم ابن تيمية هي اصولية دخيلة على ثقافتنا المشرقية ولا يمكن تبنيها مع الوقت لا ضمن المنظومة التعليمية ولا ضمن النسيج الإجتماعي فحركة التاريخ والتطور في منطقتنا تثبت لنا ان كل ما هو هجين وشاذ مصيره الى زوال وأن كان قد انتشر على بقعة جغرافية محددة فرضتها ظروف الحرب والنزاعات ولكنها مرحلة عابرة . أن الوصول بتقديري الى منظومة غير فاسدة تتلخص ببناء دولة المواطنة والإقرار بالتعددية بمختلف إتجاهاتها وصرامة تطبيق القوانين وتبني العلمانية مذهباً لأن الصراعات المسيّسة دون ضابط او رقيب يفسح المجال واسعاً أمام عودة العصبيات التي ستغرق شعوبنا ومنطقتنا وتستنزف خيراتنا في صراعات لا نهاية لها.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما