مباشر

عاجل

راديو اينوما

العولمة بين السالب والموجب

26-04-2018

آفــاق

الدكتورة ميرنا داوود

أستاذة جامعية وكاتبة

عتبر ظاهرة "العولمة" اليوم من المواضيع الرئيسية التي تقام حولها الندوات المتعددة وجلسات الحوار المختلفة وذلك لأنها تطرح العديد من التساؤلات استظيع تلخيصها فيما يلي

1. تعريف العولمة ؟ وهل هي ظاهرة جديدة أم قديمة ؟ وما هي المستويات التي وصلت إليها اليوم على أرض الواقع سياسياً واقتصادياً وثقافياً ؟
2. هل العولمة حالة حتمية لا نملك حيالها كشعوب وكدول إلا أن نميل مع إيقاعها ؟ أم يمكن تجاهلها حفاظاً على استقلالنا الذاتي ؟
3. هل تقتضي مصلحتنا تجنب العولمة ؟ وهل تمتلك العولمة جوانب إيجابية بالنسبة لبلدان المشرق، أم أنها ظاهرة سلبية كلياً وبشكل مطلق غايتها اكتساح هذه البلدان وإفقارها المتزايد وتحديد هوياتها المتمايزة ؟

 

إن الطموح نحو توحيد العالم ودمجه هو طموح قديم وقد ظهر في مختلف الفلسفات والإيديولوجيات على مر التاريخ، كما ظهر في الماضي أيضا طموح الاستعمار القديم ،لكن الفارق الذي يحدث اليوم هو توافر وامتلاك الوسائل والتقنيات القادرة على تحقيق هذا الدمج.
إذ إن العولمة اليوم تتجاوز كل ذلك، من حيث أهدافها المرسومة، وطموحها إلى مرحلة أعمق من الاندماج العالمي، أي التوجه نحو إخضاع جميع المجتمعات لنمط اقتصادي واحد وموحد عالمياً وقيم وأنماط تفكير واحدة. أما المستويات التي وصلت إليها اليوم فهي :
• سوق واحدة لرأس المال / بورصة عالمية واحدة/ على الرغم من تعدد مراكز نشاطها.
• التقنيات الإعلامية ووسائل الاتصال 
• المعلوماتية والشبكة العنكبوتية.
وعلى ما يبدو فان العنصر الرئيسي البارز اليوم في العولمة هو كثافة انتقال المعلومات وسرعتها أو كما يقال اليوم تحول العالم إلى قرية صغيرة. وهذا بالطبع يجعلنا أمام مرحلة جديدة ونوعية .
إن العولمة اليوم ليست تركيبة منجزة ونهائية وثابتة، ولكنها تبدو الدينامو الرئيس أو الآلية المحورية المحركة للعالم على الرغم من محاذيرها وعلى الرغم أيضاً من وجود معارضات لها ومعوقات.
وبما أن العولمة ليست ظاهرة مكتملة، وطالما أنها في طور التشكل على الرغم من محوريتها، فإنها تحتوي في ثناياها على جوانب موضوعية حتمية لا يمكن التنكر لها مثلما تحتوي على جوانب ذاتية وهي ردود فعل المجتمعات المختلفة وتأثيرها فيها. فالعولمة فيها ما هو موضوعي خارج عن نطاق القبول والرفض، وفيها ما يتبع لفعل الذات وتأثيرها، أي وعي و فعل الأفراد والجماعات.
أما الجانب الموضوعي فيتمثل بالظاهرة العلمية التكنولوجية التي فرضت نفسها على العالم وبقوة، لذلك يغدو الاعتراف بهذا الواقع الموضوعي الحتمي ضروريا وأساسيا كبداية للفعل والتأثير فيها، وذلك بصرف النظر عن المستفيد من هذه الظاهرة وثمارها.
ان الرؤية السائدة عربياً والتي تنظر للعولمة على أنها وحش أو استراتيجية إمبريالية وحسب، ، وليس من هدف لها إلا الإيقاع بالدول الضعيفة ونهبها وإفقارها و إن هذا الرأي على الرغم من التقاطه لإحدى الآليات المركزية في العولمة فإنه مضلل على صعيد التعامل مع العولمة،لأنه يخفي البعد الموضوعي والحتمي للعولمة ويدفع بالتالي إلى إهمال ضرورة العمل على استيعاب وتمثل الجوانب التقنية الضرورية للبقاء.
من الضروري أن نتفهم أن عملية التوسع الرأسمالي ليست من منتجات العولمة،ولكن بالمقابل فإن أمريكا هي أحد الأركان الرئيسة للعولمة وذلك عندما نرى أرجحية المساهمة الأمريكية في الإنتاج المادي والثقافي والعلمي الذي يملأ العالم وسيملؤه في المستقبل أكثر بفضل ثورة المعلومات المستمرة.
أما الرأي الذي لا يرى في العولمة إلا فرصة للتحرر والحرية وحسب، أي فرصة للتخلص من الاستبداد والتخلف وفرصة لرفع الإنتاج العالمي ، فإنه رأي واهم أيضاً لأنه ينظر لهذه الفرصة وكأنها محققة في المستقبل وبشكل أكيد.
إن هذه الفرصة للتحرر والحرية موجودة ولكنها ليست عفوية أو تلقائية،أي إن هذه الفرصة لن تتحقق بمعزل عن دور الذات الواعي والفاعل والتي تتوجه نحو بلورة استراتيجية يمكنها تحويل هذه الفرصة إلى حقيقة واقعية.

 

services
متجرك الإلكتروني في أقل من عشرة أيام!

انطلق من حيث أنت واجعل العالم حدود تجارتك الإلكترونية…

اتصل بنا الآن لنبني متجرك الإلكتروني بأفضل الشروط المثالية التي طورتها شركة أوسيتكوم؛ أمنًا، سعرًا، وسرعة.
اتصل بنا

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.