مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

الإنتخابات الفضيحة

الانتخابات

د. عامر مشموشي

د. عامر مشموشي

اكتمل المشهد الانتخابي مع اقفال سهلة تسجيل اللوائح في وزارة الداخلية منتصف ليلة أمس، وفي معرض قراءة هذه الصورة تعد التحالفات هجينة بقدر ما هي غريبة عجيبة، حدثت فقط في لبنان ودولة العجائب والغرائب.
ففي هذه الدائرة، يتحالف اليمين المتطرّف مع اليسار المتطرف، كظاهرة غريبة عجيبة ليس لها أي وجود ولا حتى أي تفسير في كل الأنظمة التي تستند إلى الديمقراطية والنسبية التي تعتبر من أهم انجازات هذا النظام لأنها الوسيلة الوحيدة للتمثيل الصحيح، علی عكس النظام الأكثري الذي يحرم أقل بقليل نصف الشعب من ان يتمثل في المجلس النيابي الذي هو أعلى سلطة في الأنظمة الديمقراطية.
وإذا ما أخذنا النظام السائد في الولايات المتحدة الأميركية نجد بأن الشعب الأميركي منقسم بين حزبين الحزب الجمهوري المحافظ والحزب الديمقراطي وكلاهما يتنافس في المعركة الانتخابية وفق برنامجين سياسيين مختلفين تماماً عن بعضهما في الاستراتيجية والنهج، والعدالة الاجتماعية، لكنهما في نهاية الأمر يلتقيان على تقديم الأفضل للشعب الأميركي مجتمعاً بعد فوز أحد الحزبين بالاكثرية في مجلس الشيوخ والنواب وفي رئاسة الجمهورية، وقس على ذلك في بريطانيا وفرنسا وباقي الدول الغربية التي تعتمد النظام الديمقراطي البرلماني، وبذلك تتجلى الديمقراطية بأفضل ما يجب أن تكون عليه ويحمل الحزب الذي يفوز بالانتخابات برنامجه الانتخابي ويعمل على تنفيذه بما يخدم كل الشعب.
أما اذا تطلعنا الى لبنان، وما يحصل بعد إعتماد النظام النسبي من أجل تأمين صحة التمثيل وهو ليس كذلك، فيجد المراقب ان الأمور مختلفة تماماً عن كل الدول التي تعتمد هذا النظام لجهة التحالفات الغريبة العجيبة التي تجمع بين كل الأحزاب في لائحة واحدة أو لجهة البرامج الانتخابية التي تقدّم للشعب ليختار على أساسها ممثليه في البرلمان أو في رئاسة الجمهورية، وإذا ما نظرنا إلى هذه اللوائح بعين ثاقبة نجدها فارغة من أي مضمون، وهذا أمر طبيعي، إذ كيف يُمكن ان يلتقي الحزب اليساري مع الحزب اليميني على برنامج واحد، وهما في المبدأ لا يُمكن أن يلتقيا على ذلك بناء على عقيدة كل منهما، فما الذي يجمع مثلاً بين الحزب الاشتراكي الذي قام وفق عقيدة سياسية واجتماعية واقتصادية لبناء الدولة، مع حزب القوات اليميني أو مع تيار المستقبل الليبرالي اللذين يفترض أن تكون لهما عقيدة مختلفة ورؤية مختلفة تماماً لمفهوم الدولة والعدالة والنظام الاقتصادي والاجتماعي وقس على ذلك بالنسبة إلى بقية الأحزاب التي أبرمت تحالفات في ما بينها مثل حركة المحرومين وحزب الله والتيار الوطني الحر حيث لا تجمع بينهما أي عقيدة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية وسوى ذلك.
هذه الحالة الشاذة التي تظلل المشهد الانتخابي واختلاف الحملات الانتخابية بين «رفاق» اللائحة الواحدة، يثير القرف عند المواطن اللبناني الذي يتطلع إلى مستقبله ومستقبل بلده، وبقدر ما يدفعه إلى الاحباط والاستنكاف عن المشاركة في هذه الانتخابات الفضيحة ما عدا قلة من هذا الشعب ما زالت تعيش في القرون الوسطى والاستبتاع لهذا الزعيم الطائفي المتطرّف، وسيفاجأ الجميع في السابع من أيار المقبل ان نسبة الاقتراع متدنية جداً، وان الذين سيفوزون في هذه الانتخابات هم الطبقة السياسية ذاتها بالرغم من كل ما بينها من تناقضات، وذلك على الرغم من الاقتناع الذي كان سائداً بأن المجتمع المدني يُمكن أن يحدث تغييراً ولو بنسبة محدودة تشكّل أرضية صالحة للمستقبل.
ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما