09-09-2023
عالميات
|
TRT ARABI
ويعاني اليوم قرابة 6 ملايين شخص "انعدام الأمن الغذائي الحاد" في الصومال، و4.3 مليون في كينيا، حسب تقارير أممية، إذ يعيش سكان هذه المنطقة بشكل رئيسي من تربية المواشي والزراعة، فيما اضطر أكثر من 1.7 مليون شخص إلى مغادرة منازلهم بحثاً عن الماء والطعام.
تزايدت المخاوف الدولية من احتمالية حدوث مجاعة تهدد ملايين السكان من مواطني إثيوبيا والصومال، في وقت تنشغل فيه الدول الكبرى بالحروب والتنافس الاقتصادي على زعامة العالم.
ففي إثيوبيا وحدها يواجه قرابة أربعة ملايين شخص "جوعاً شديداً" في إقليم تيغراي، شمالي البلاد، فيما "يعيش أكثر من 350 ألفاً منهم الآن ظروف المجاعة الكارثية"، حسب تقارير لمنظمة الأمم المتحدة.
هذه التقارير أشارت إلى أنّ ما يقرب من 12 مليون إثيوبي في منطقة الأورومو والجنوب يعانون "انعدام الأمن الغذائي".
مجاعة حتمية
وتفيد بيانات الأمم المتحدة باحتمالية تزايد أعداد المهددين بالمجاعة في منطقة القرن الإفريقي، إذ كانت الأعداد في بداية عام 2022 لا تزيد على 13 مليون نسمة.
ويعاني اليوم قرابة 6 ملايين شخص "انعدام الأمن الغذائي الحاد" في الصومال، و4.3 مليون في كينيا، حسب تقارير أممية، إذ يعيش سكان هذه المنطقة بشكل رئيسي من تربية المواشي والزراعة، فيما اضطر أكثر من 1.7 مليون شخص إلى مغادرة منازلهم بحثاً عن الماء والطعام، حسب آخر تقرير لبرنامج الغذاء العالمي، نُشر في 23 يناير 2023.
وقد نشر عددٌ من المنظمات الحقوقية، التي تعمل في إثيوبيا، عدة تقارير تشير إلى حتمية وقوع "مجاعة" في حال عدم زيادة المساعدات الغذائية والصحية المقدَّمة لمنطقة القرن الإفريقي عموماً، وإثيوبيا والصومال على وجه الخصوص.
ويرى الباحث في الشأن الإفريقي، الدكتور رمضان قرني، أنّ أسباب المجاعة التي تهدد الأحباش هي موجة الجفاف التي بدأت منذ أشهر قليلة مضت، وقد لاحقت هذه الموجة المناطق الجنوبية من إثيوبيا، لافتاً إلى تلك الإنذارات التي وجَّهتها عدّة منظمات دولية حول "احتمالية مؤكدة لوقوع كارثة إنسانية في المناطق الجنوبية من إثيوبيا بسبب الجفاف"، حسب قوله.
وعن دور المنظمات الدولية والمجتمع الدولي تجاه هذه الأزمة الإنسانية، يوضح قرني في حديثه مع TRT عربي، أنّ الأمم المتحدة أشارت في السابق، من خلال مكتبها الخاص بتنسيق الشؤون الإنسانية، إلى حدوث المجاعة التي تهدّد الملايين في منطقة القرن الإفريقي، مطالبةً المجتمع الدولي بتقديم المساعدات اللازمة لعبور هذه الأزمة.
ويتابع قرني أنّ تحذير الأمم المتحدة خصّ بشكل دقيق كلاً من إثيوبيا وكينيا والصومال بكارثة المجاعة، واصفاً ما تشهده هذه المنطقة بكونه "جفافاً لم يحدث من قبل لهذه المنطقة التي مرّت بكثير من الأوبئة والمجاعات".
ويضيف الباحث في الشأن الإفريقي أنّ سبب المجاعة يعود إلى التغير المُناخي وارتفاع درجات الحرارة وندرة سقوط الأمطار منذ فترة طويلة، مؤكّداً أنّ الجفاف تَسبَّب في نفوق رؤوس الماشية بأعداد كبيرة، حتى وصل الأمر إلى حد المجاعة في الجنوب الإثيوبي، في ظل نقص المساعدات الحكومية لمواجهة الأزمة.
ويشير إلى ما شهدته منطقة القرن الإفريقي (إثيوبيا-الصومال-كينيا) من انتشار أسراب الجراد التي تلتهم المحاصيل الزراعية، إضافةً إلى نفوق ما يقرب من 10 ملايين رأس ماشية بسبب نقص المياه والمراعي نتيجة للجفاف القاتل، وهو ما أوضحه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
الحاجة إلى المساعدات
في السياق ذاته، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أنّ "إعلان الأمم المتحدة في مارس/آذار أنّ 20 مليون شخص في أربعة بلدان يتأرجحون على حافّة المجاعة في العالم، أظهر اتساع نطاق الأزمة الإنسانية التي واجهها كثيرون في عام 2017".
وأضافت الصحيفة أنّه "بينما يكافح المانحون لتلبية الاحتياجات الشديدة للدول التي مزّقتها الحروب، مثل نيجيريا وجنوب السودان والصومال واليمن، وُجدت أزمة أخرى ذات طبيعة بيئية أكثر تحدث في مكان قريب، دون أن يلاحظها أحد تقريباً"، في إشارة إلى إثيوبيا، التي زاد عدد الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية طارئة فيها من 5.6 مليون إلى 7.7 مليون، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم أكثر مع مواجهة جنوب شرق إثيوبيا جفافاً شديداً آخر، حسب الصحيفة.
لكن المثير في الأمر هو ما صرَّح به نائب حاكم إقليم أوروميا الإثيويى أويلو عبدي، الذي نفى ما أُثير بشأن موجات المجاعة، داعياً في مؤتمر صحفي جميع شعب إثيوبيا إلى ضرورة التوحّد لمواجهة أخطار الجفاف.
وقال أويلو عبدي إنّه "يوجد ما يقرب من 4.4 مليون شخص في حاجة إلى المساعدة بسبب الجفاف هذا العام (2023)"، لكنّه استدرك قائلًا: "الأمر لا يزال تحت سيطرة الحكومة الإثيوبية"، واصفاً ما يتردد من معلومات حول ذلك بأنّه "إشاعة".
وعلى جانب آخر، وفي مايو/أيار الماضي، أطلق عدد من النشطاء الإثيوبيين حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لجمع تبرعات للمساعدة في درء مخاطر المجاعة عن الملايين ودعم مَن تأذَّوا من موجات الجفاف.
أسباب كثيرة
ويعدّ شبح المجاعة أحد أبرز أشكال التحديات الجسيمة التي تتعرض لها مناطق القرن الإفريقي، بسبب مجموعة من العوامل والأسباب المعقدة، من بينها تغيرات المناخ وانقطاع الأمطار، والاضطرابات السياسية والأمنية التي تضاف إلى الصراعات المستمرة.
وتقول الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أماني الطويل، إنّ أسباب الجفاف في إثيوبيا والصومال تقف وراءها تغيرات المناخ، ما أنتج ظاهرة التصحر.
وتُبيّن الطويل في حديثها مع TRT عربي، أنّ الأوضاع السياسية والاضطرابات الأمنيّة سبب آخر لمعاناة شعوب القرن الإفريقي من أوضاع المجاعة، فضلاً عن عدم قدرة حكومات هذه المنطقة على تقديم مساعدات كافية لمواطنيها وتوفير نوع من الحماية لهم.
وتلفت الطويل إلى أنّ ندرة سقوط الأمطار منذ عام 2016 سبب مهمّ وراء هذه الأزمة، إذ لم تشهد منطقة القرن الإفريقي مواسم أمطار كثيفة بعدما كانت تشهد تساقط كميات ضخمة من الأمطار لـ13 موسماً متصلاً، وأضافت: "شُحّ الأمطار لخمسة مواسم متتالية جرَّ المنطقة إلى موجة جفاف لم تحدث منذ أربعين عاماً".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار