20-08-2023
محليات
اعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب أن “المشكلة في لبنان ليست دينية ولا طائفية، المشكلة في الذين يُلبسون المشاكل للطوائف والأديان، فيظلمون الأديان والطوائف”.
جاء ذلك خلال لقاء حواري نظمه عبدالله نجيب شريف في بلدة اليمونة، في حضور رئيس الجامعة الإسلامية في لبنان الوزير السابق الدكتور حسن اللقيس، مفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، رئيس أساقفة بعلبك دير الأحمر المارونية المطران حنا رحمة، القاضي الشيخ مهدي يحفوفي، القاضي الشيخ حسين قصاص، المفتي الشيخ الدكتور عبدو قطايا، أمين سر المجلس عبد السلام شكر، مفتي بعلبك الهرمل السابق الشيخ خالد الصلح، المسؤول التنظيمي لحركة “أمل” في إقليم البقاع أسعد جعفر، رئيس بلدية اليمونة طلال شريف، رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل، وفود من عائلات وعشائر المنطقة، وفاعليات دينية وأمنية وبلدية وثقافية وتربوية واجتماعية.
وقال الخطيب: “كم يسرني هذا اللقاء معكم في بلدة اليمونة العزيزة التي هي إحدى قرانا وبلداتنا التي تعيش الوحدة الوطنية بمسلميها ومسيحييها. أتوجه بالشكر الجزيل إلى الحاج أبو نضال شريف، ولآل شريف الكرام، ولكل أهالي وعائلات هذه البلدة والمنطقة”.
ورأى أن “هذا اللقاء يأتي في خضم الأوضاع السيئة والخطيرة التي يعيشها لبنان، ويعيشها اللبنانيون، على صعيد الوضع السياسي، الوطني العام، الاجتماعي، الاقتصادي، النقدي، وعلى صعيد مؤسسات الدولة، والفراغ الذي يأكل المؤسسات، من رئاسه الجمهورية إلى غيرها من المواقع. من هنا تأتي أهمية هذا اللقاء، في الوقت الذي تجارة بعض الأفرقاء السياسيين هي تجارة النفخ في نار التقسيم، وإثارة المشكلات بين اللبنانيين، ومحاولة إدخال اللبنانيين بعضهم بالبعض الآخر، وإثارة الفتن بين الطوائف والأديان والمذاهب. هذه هي الفتنة الكبرى عندما يتلطى بعض السياسيين وراء مسألة أنه يدافع عن طائفته، ويجيش الطوائف على بعضها البعض، ويستغل كل كبيرة وصغيرة من أجل تحقيق أغراضه ومصالحه الضيقة، مصالح بعض الأحزاب الطائفيين، مصالح بعض الاشخاص، وبعض الفئات، التي تنتج في النهاية مشكلة على الصعيد الوطني، وأول من يدفع ثمنها أهل وبيئة هذا السياسي الذي يدعي أنه يدافع عن طائفته التي يحاول أن يزرع فيها الخوف من الطوائف الأخرى”.
وأكد أن “المشكلة في لبنان ليست مشكلة دينية، وليست مشكلة بين الطوائف او المذاهب، فلا خوف من الطوائف بعضها على بعض، ولا تشكل أي طائفة مشكلة على طائفه أخرى تعيش في لبنان، لأن الدين يحمل قضية وكرامة الإنسان، وكل إنسان إن كان مسلماً أو مسيحياً أو من أي دين أو مذهب، علاقته في مسألة إيمانه ومعتقداته مع الله سبحانه وتعالى. الإنتماء الديني لا يعطي امتيازاً لأي طائفة على طائفة أخرى، وكل من اعتدى على كرامة أي شخص هو اعتدى على كرامة الإنسان التي هي أعظم شيء، وهذا يحتم أن يكون الإنسان أهلا لتحمل المسؤولية، والمسؤولية تقتضي أن يكون لدى الإنسان القدرة على تولى المسؤولية والقدرة على الاختيار، ويكون حراً عندما يكون على قدر المسؤولية”.
واعتبر أن “الذي يميز بين اللبنانيين جميعا مدى تحمل مسؤوليتهم الوطنية في الحفاظ على سيادة بلدهم وكرامة شعبهم، أي كرامة المواطنين جميعا مسلمين ومسيحيين، الذين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات والمسؤوليات”.
وأشار إلى أن “لبنان منذ تركيب هذا النظام في العام 1920 يمر في كل فترة بحروب أهلية ونزاعات طائفية ومشاكل وعدم استقرار، وكل أزمة تقضي على كل ما بناه اللبنانيون، من مصانع وزراعة وبيوت وممتلكات ومنشآت، والكثير من الناجين هُجروا ولا يعودون إلى الوطن، لأن في لبنان بيئة غير مستقرة، ولا يُحترم فيها الإنسان وقدراته”، وشدد على أن “المشكلة في لبنان ليست دينية ولا طائفية، المشكلة في الذين يُلبسون المشاكل للطوائف والأديان، فيظلمون الأديان والطوائف”.
وتابع: “نحن جميعا لبنانيون، وتكليفنا كعلماء ورجال دين هو الجمع بين الناس وليس التفرقة بين الناس، بأن نكون إلى جانب المواطنة والعدالة الاجتماعية وبناء الدولة، فالدولة هي التي تحفظ الطوائف، في حين أن الطوائف لا تقيم دولة، نحن مواطنون من واجبنا أن نساعد الدولة، وأن تكون علاقة الدولة مع مواطنيها علاقات مباشرة وليس من خلال الطوائف والمؤسسات الدينية”.
ودعا الإعلام إلى “أن يعمل على اللحمة الوطنية، لأن بعض الإعلام للأسف يساهم في خلق الفتنة، وهذا يؤذي الإعلام نفسه ويؤذي الوطن والبلد. كما أن من يجب أن يحمل هذه الرسالة أيضا هم المثقفون الواعون الذين ينبغي أن يتحملوا هذه المسؤولية، أساتذة جامعيين وأساتذة في المرحلة الثانوية والمتوسطة والابتدائية وحتى في مرحلة الروضات حيث أهم وأخطر مرحلة في بناء عقول الناشئة. أنا أوجه صوتي للمثقفين والواعين بأن لا يستجيبوا لمن يريد وضعهم في زنازين طائفية تجعلهم خدماً للسياسة، على المثقفين أن يكونوا خدما للقيم وللناس. ويقع على عاتق الإعلام والمثقفين تكوين الرأي العام اللبناني، لذا يجب ان يفتح الإعلام للمثقفين الواعين، وأن لا يفتح للذين يثيرون الفتن في المجتمع اللبناني على أتفه الأسباب وعلى مسائل طارئة. فهل يصح ان تتحول مشكلة الكحالة إلى قضية وطنية؟ إنهم يشغلوننا عن القضية الوطنية بإثارة مثل هذه القضايا. إن ابن الكحالة لبناني وعزيز وإنسان مثله مثل سائر اللبنانيين، لا يوجد في لبنان مقاطعات، ما في حارة حريك وشرقية وغربية وأشرفية وإلى آخره، هؤلاء يرجعوننا إلى ما قبل 30 سنة، إلى لغة الحرب والكراهية بين الناس، ويريدون زرع المشاكل بين الطوائف وداخل كل طائفة”.
وأضاف: “بغض النظر عن الإفساد الذي رأيناه في السلطة والاقتصاد والمال، أفسدوا كل شيء في البلد، ولكن الخطر الأكبر هو التفرقة بين الناس على أساس ديني وطائفي ومذهبي، وجعل الطوائف قبائل، فالمسيح لم يات لينشئ قبيلة، والنبي محمد لم يات ليقيم عشيرة، والإمام علي والإمام الحسين والخلفاء، كل هؤلاء القادة لم يأتوا ليفرقوا الأمة قبائل وعشائر. لبنان هو وطننا جميعا مسيحيين ومسلمين، والجميع مكرمون من الله الذي اعطاهم العقل وحمّلهم المسؤولية”.
ورأى أن “بعض السياسيين يحتمون وراء الطوائف والمذاهب والاديان ويفسدون في الارض وهذا هو الفساد الكبير، وهناك من يعمل على تعطيل الحل في لبنان لتحقيق المشروع الدولي الذي يعمل عليه بقوة، هو نشر الفساد الأخلاقي والقيمي والتعرض لهوية الإنسان، ليس فقط من خلال تشريع الشذوذ الأخلاقي والفساد داخل البيت الواحد، بل يريدون ان يتحكموا بهوية العالم، يغيرون الثقافة، يلعبون بالاقتصاد والنقد، يلعبون بهوية الإنسان أن يكون ذكرا أو أنثى أو أن يكون كلبا، ويمسكون برقاب الشعوب والدول لتحقيق مآربهم، كل ما يجري هو لتمرير هذا المشروع”.
وقال: “العائلات اللبنانية الحمد لله المخزون القيمي بداخلها كبير جدا، وأنا أحيي بعض الطوائف اللبنانية التي تصرفت مع بعض هؤلاء الذين يسعون إلى تشريع الشذوذ الجنسي وتمرير هذه الثقافة الخطيرة، بطرد هؤلاء من بيئتها”.
وأردف: “هذه هي الحرب الحقيقيه للمجتمع اللبناني، وليس ما يثار هنا وهناك من مشكلات، أمثال موضوع الكحالة. ابن الكحالة هو ابننا، قضى ضحية التحريض مثل الشهيد أحمد قصاص الذي ذهب الى معلولا ليدافع عنها، هذه هي الثقافة الوطنية والانسانية الحقيقية، لأنه تربطنا بمعلولا عقيدة، وتربطنا الإنسانية، وتربطنا بأهلها الاخوة والعروبة والشعب الواحد في مواجهه مرض التطرف الذي هو مرض قيمي يشكل خطرا على الجميع”.
وطالب الطبقة المثقفة في لبنان أن “تخلق هي الرأي العام، لا أن تكون أداة لتنفيذ مشاريع طائفية وسياسية لبعض الزعماء”.
ودعا إلى “معرفة حقيقه ما يجري في البلد، وأن نعرف جميعا أن المقاومة لم تخلق لتكون في وجه المسيحي ولا في وجه السني، ولا في وجه أي فئة من اللبنانيين، ولقد مارست هذا عمليا، ونحن ندعم المقاومة لأنها تحفظ سيادة لبنان. لأن اللبنانيين لم يبنوا دولة، ابنوا دولة ابنوا جيشا، سلحوا الجيش، وحافظوا على لبنان”.
واعتبر أن “نظرة بعض السياسيين الضيقة تقول ان سلاح المقاومة يشكل خطرا على التوازنات اللبنانية. أنت تفكر هكذا، ولكن أنا لم أمارس ذلك، انا مارست مع دير الاحمر وشليفا غير هذا، ومارست مع الحرب اللبنانية غير هذا، أنا مارست المقاومة ضد العدو الاسرائيلي، وبعد التحرير لم يتعرض أحد من سكان الجنوب اللبناني، حتى الذين تعاملوا مع العدو الإسرائيلي، بغض النظر إذا كان تعاون مضطرا ام غير مضطر، ارتكب جريمه باختياره أو بغير اختياره، تركت المقاومة الأمر للدولة. المقاومة هي قيمة وطنية وإنسانية تحافظ على حدود وسيادة لبنان، وهي من أجل المسيحيين والمسلمين، وهي عابرة للطوائف. لذلك لا تلوثوا هذه المقاومة التي قام العالم كله عليها، وشنت الحرب عليها الإعلامية وغير الإعلامية من أجل تشويهها في البيئات الأخرى. هي مقاومة السني والدرزي والشيعي، صحيح ان الظروف اقتضت أن يكون الشيعة هم العدد الأكبر فيها، ولكن المقاومة استمرار، وعلى الحدود المسيحيين والدروز والسنة والشيعه أليسوا مقاومين حينما بقوا في أرضهم؟!”.
وتابع: “نحن نتحمل مسؤولية الإرتقاء بالوعي الوطني إلى هذا المستوى، نحن لا نريد أن تكون هناك شيعية سياسية، تأكدوا من هذا، وبالممارسة أثبتنا ذلك، وهذه هي مسيرة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والإمام القائد السيد موسى الصدر، وهذه سياسة المقاومة. أنا لا أدافع عن أحد، ولا عن جهة سياسية، أنا أدافع عن رموز وطنية، ومن باب وطني، وليس من باب طائفي، سواء دولة الرئيس نبيه بري الذي بشهادة الجميع يشكل ضمانة وطنية، كما أن المقاومة هي ضمانة وطنية ايضا”.
وختم الخطيب: “ندعو اللبنانيين إلى أن نكون جميعا في جبهة واحدة في مواجهة الثقافة الهجينة التي يتعرض لها مجتمعنا، والحفاظ على حدود لبنان وعلى حقوق اللبنانيين وعلى هويتهم الإنسانية”.
وقدم الخطيب على رأس وفد، التعازي لرئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك بوفاة شقيقه الدكتور مصطفى حسن يزبك في بلدة بوداي.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار