22-07-2023
محليات
وتابع الخطيب خلال إحياء جمعية "التعليم الديني الإسلامي" مراسم اليوم الثالث من أيام عاشوراء في قاعة الجنان - ثانوية البتول - غرب جادة الإمام الخميني: "إن شرط الاستقرار الاجتماعي هو بناء النظام الاجتماعي على أساس القيم الاخلاقية والايمانية التي أرشد إليها الوحي الالهي وتضمنته رسالة الاسلام إلى العالم. لقد أحدث الإسلام ثورة هائلة على صعيد المفاهيم والنظرة إلى الكون والحياة وعلى صعيد النظم والتشريعات واحكم الربط بينها وسيلة لتحقيق الكرامة الانسانية والقيم الاخلاقية التي يعتمدها الاسلام معيارا أساسيا في تقييمه للأمور والحكم عليها سلبا أو إيجابا، قبولا أو رفضا، صلاحا أو فسادا، ولهذا نرى التركيز القرآني في استخدام مصطلح الصلاح والفساد الذي يختلف عنه في الاستخدام في الثقافة المادية الذي يعني لديها مدى تحقيقه للغرض المادي وخدمته للهدف بغض النظر عن أخلاقيته".
وأردف: "لقد شكلت المعايير الاخلاقية والانسانية جوهر الاديان بشكل عام والاسلام كمبدأ وعقيدة أولا وكنظام اجتماعي وثقافي وسياسي ثانيا بشكل خاص التي تعرضت للخطر بعد الانقلاب الذي تم عليه خصوصا بعد تسلم بني أمية الحكم والذي شكل بالأساس هدفا لهم في مواجهتهم الاولى مع الرسول في بداية الوحي الذي انتهى إلى الفشل والهزيمة العسكرية والاستسلام الذي فرضته موازين القوى وانتقال المواجهة إلى مواجهة غير علنية اتخذوا فيها من النفاق غطاء لحرية الحركة والتآمر والتأليب والتشكيك وإثارة القلاقل الداخلية والفتن وتحريك الاطماع لدى البعض بانتظار وفاة النبي لتهيئة للأرض للانقلاب ولاستعادة السيطرة والنفوذ الذي فقدوه، ساعدهم على ذلك طبيعة المجتمع العربي القائم على القبلية وقد قدمت لهم السقيفة هدية لا تقدر بثمن مما مكنهم من السيطرة على زمام الأمور في فترة لم تتجاوز عقدا من الزمن الا قليلا وأدت الى تغيير في الأهداف والاهتمامات لمسؤولي الدولة وللغالبية من المتنفذين والقسم الاغلب من الناس الذين شغلوا عن أهداف الاسلام بالصراعات على المغانم والتقرب من أحزاب السلطة والنزاعات القبلية التي أثارها حكام السلطة لإشغال الناس عن انحرافاتها بالصراعات القبلية، حتى كاد الناس أن ينسوا الدين كما قال بعض الصحابة ما معناه: إنا بتنا لا نعرف اي شيء حتى ان الصلاة كدنا الا نعرفها حتى صلى فينا علي، وقد عبر الامام الحسين في خطبة الاعلان عن الثورة المباركة بقوله: "ألا ترون إلى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه".
وفي خطبة أخرى: "أما بعد فقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال في حياته: "من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله" وقد علمتم أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرامه وحرموا حلاله.
لقد استهدف الامويون بنية الدين ومفاهيمه الاساسية بالتحريف والتشويه فقد ورد في خطبته أيضا وهو يبين هويتهم، اتخذوا مال الله دولا وعباده خولا.
لقد قام بنو أمية بعملية تغيير شاملة كادت أن تقضي على الاسلام دون أن يتجرأ أحد من الناس على التصدي لهم سوى الحسين، هذا الدين بما هو نظام اجتماعي سياسي وثقافي وتربوي يقوم على أساس القيم الانسانية والاخلاقية وهو مشروع كامل شامل يحمل في رسالته خلاص البشرية الدنيوي والاخروي، رأى الامام الحسين في الدفاع عنه دفاعا عن المفاهيم الحقة والموازين العدل يستحق التضحية والشهادة في سبيله".
أضاف: "إن الكرامة الانسانية تمثل جوهر حركة الامام الحسين في مواجهة باطل النظام الاموي الذي امتهنها حينما حول عباد الله خولا اي عبيدا ولاحق الاخيار والاحرار وقتلهم وأخرس الالسنة واستخدم الأموال لشراء الضمائر".
وتابع الخطيب: "هنا تبرز أهمية إحياء عاشوراء لأنها تشكل إحياء لهذه القيم والمبادئ المتصلة بحياة البشر والانسان وبقضيته الدائمة في البحث عن العدالة والكرامة الانسانية وعن المعايير الاخلاقية في الحكم على أحقية اي قضية من القضايا التي تحتاجها في مسيرتها لتحقيق الكرامة والعدالة وهي التي حكمت موقفنا من قضية الصراع مع العدو الاسرائيلي أو من طبيعة النظام القائم في لبنان الذي يعود عجزه عن مواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية الى افتقاده لهذه المعايير الاخلاقية الذي يعجز عن اتخاذ موقف من العدو الاسرائيلي ومن إقامة دولة حقيقية تدافع عن سيادتها وعن إيجاد رؤية لوظيفة النظام يوحد الشعب اللبناني حولها".
وأضاف: "النظام الطائفي الذي فقد مبرر وجوده فأدخل الطوائف اللبنانية في صراعات داخلية، النظام الطائفي الذي عجز عن الحفاظ على كرامة أبنائه في الحياة الكريمة وفي الدفاع عن سيادته في مواجهة عدوانية العدو الطامع في أرضه وثرواته، النظام الطائفي الذي أوصل اللبنانيين الى الإفلاس واختلاس أموال المودعين والجوع والحاجة إلى المستشفى وحبة الدواء وأذلهم أمام العالم الذي يتصدق عليهم ببعض الفتات التي تقدم بإسمهم لبعض الاطراف السياسية وتوظف لخدمة مصالحهم في الصراع السياسي الداخلي، فأي كرامة بقيت للشعب اللبناني وللبنان؟".
وقال: "ان كرامة لبنان وشعبه والطوائف اللبنانية تتحقق عندما نبني دولة حقيقية لا هيكل دولة مزورة في داخلها، دول لزعامات طائفية وليس للطوائف حتى، لأن أبناء الطوائف لا ينالهم سوى دفع فواتير أزمة النظام التي تتكرر بعد مرور فترة زمنية على التسوية، فما أن تخرج الازمة من الشباك حتى تعود من الباب الواسع. إن الشعب اللبناني هو القادر فقط على الذهاب الى الحل الذي يحفظ كرامته بأن يقتنع أولا ثم يقرر ثانيا قيام دولة المواطنة على أساس كرامة الانسان اللبناني، فالدولة كفيلة بحفظ كرامة اللبنانيين وطوائفهم جميعا".
وختم الخطيب: "ان تكرار الإساءة للمسلمين ورموزهم في الغرب بشكل عام ومن السويد بشكل خاص مظهر آخر من مظاهر الانحطاط الأخلاقي للغرب وسياساته التي لا تتورع عن استخدام أقذر الأساليب لتحقيق أهدافها ومنها إثارة الأحقاد واستخدام التشويه والتحريض الإثني والديني والدفع نحو الكراهية بين الشعوب، وهو ما كان ليحصل لولا ضعف العالم العربي والإسلامي. إن مواجهة هذه الحرب القذرة التي تستهدف أقدس مقدسات المسلمين ومنها تدنيس العدو الإسرائيلي للمقدسات في فلسطين المحتلة وتكرار حرق المصحف الشريف في السويد تستدعي من دول العالم العربي والإسلامي توحيد الموقف وإرسال رسالة قوية تدفع بالغرب بشكل عام والسويد الى التراجع والاعتذار تبدأ بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أي دولة تنتهك حرمة المسلمين ومقدساتهم".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار