14-10-2020
محليات
للمرة الأولى منذ تسجيل أول إصابة ب##كورونا في #لبنان في 21 شباط الماضي، سجل اليوم رقماً صادماً بوفيات كورونا وصل إلى 20 حالة وفاة. حالات الوفيات المرتفعة ترافقت أيضاً مع حصيلة كبيرة بالإصابات اليومية، إذ أعلنت #وزارة الصحة العامة، في التقرير اليومي، تسجيل 1362 إصابة جديدة بالفيروس خلال الساعات الـ24 الماضية.
وفق وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، أن "نسبة الذين يحتاجون إلى عناية فائقة في لبنان تراوح بين خمسة وستة بالألف، ولكن الخطر يتمثل
في العدد المحدود لأسرّة العناية الفائقة، وأن الهدف الحالي يتمثل في خفض عدد الإصابات ورفع عدد أسرة العناية الفائقة". هذه الأرقام التي كنا نُعوّل عليها لتقييم وضعنا الإستشفائي باتت اليوم أشبه بإعلان تحذيري قبل وقوع الكارثة التي سنشهدها قريباً في رفض استقبال مريض كورونا لتلقي العلاج نتيجة عدم توافر سرير."
تؤكد وزارة الصحة لـ"النهار" أن هناك 20 مستشفى خاصاً بعد إضافة مستشفيين منذ يومين، بالإضافة إلى 15 مستشفى حكومياً تعالج مرضى الكورونا في لبنان. ونشهد زيادة في عدد الأسرّة أسبوعياً لتوسيع القدرة الإستيعابية في المستشفيات نتيجة ارتفاع الإصابات بوتيرة عالية.
الأرقام التصاعدية دفعت بالوزارة إلى الدعوة للإغلاق العام بسبب بلوغ القدرة الإستيعابية القصوى في المستشفيات وتشبيه المشهد اللبناني بالسيناريو الإيطالي والإسباني. وفي حال بقيت الأعداد ترتفع بوتيرة أسرع من قدرة المستشفيات على استيعابها سنصل إلى عدم استقبال المريض ووفاته نتيجة تعذر إدخاله وتلقي الرعاية الطبية.
وأشارت إلى أنه "ستعقد اللجنة العلمية اجتماعها نهار الإثنين لتقييم نتائج الإغلاق الجزئي، وفي حال لم نسجل انخفاضاً في الأعداد سيكون التوجه إلى الإقفال العام".
اليوم شهدنا على قصة حزينة كتبها الشاب حسين حركة على صفحته على الفايسبوك قد تكون بداية لما قد نشهده في المرحلة المقبلة في حال لم يتم البحث عن خطة بديلة، يقول: "من شوي وصلني خبر وفاة شقيق صديقة لي، وهو لا يعاني من أمراض ولا يدخن بسبب كورونا بالجنوب. ساءت حالته ولم يتمكن من دخول المستشفى نتيجة تعذر وجود سرير له.
ومنذ أيام، روى المدير العام في مستشفى الحريري الجامعي الدكتور فراس الأبيض قصة حزينة: "علمت اليوم أنّ إحدى العائلات، عندما قيل لها إنّ غرفة الطوارئ ممتلئة، تركت مريضها على حمّالة في المستشفى وغادرت". وتابع قائلاً: "هذه القصة أحزنتني... كنت حزيناً على المريض الذي تُرك بمفرده، وحزيناً تجاه العائلة التي ظنّت أنّه بمجرد تركه سيتلقى العلاج، ولموظفي غرفة الطوارئ لدينا الذين يعانون من إرهاق العمل والإرهاق... وبالنسبة لشعبنا، فإنّنا نستحق الأفضل".
اتصالات كثيفة تُجريها عائلات مريض لإيجاد سرير في مستشفى يعالج الكورونا، المصل لم يعد موجوداً في مستشفيات بيروت التي بلغت قدرتها الإستيعابية منذ فترة، بل في مستشفيات المناطق التي وجدت نفسها اليوم شبه ممتلئة.
وعما اذا كانت الإصابات المرتفعة ودخول عدد منها إلى العناية أم عدم مشاركة المستشفيات الخاصة في المعركة ضد كورونا السبب في الوصول إلى هذه
المرحلة الصعبة في القطاع الصحي، يؤكد الإختصاصي في الأمراض الجرثومية في مركز الجامعة اللبنانية – الأميركية الطبي- مستشفى رزق البروفيسور جاك مخباط لـ"النهار" أن "المستشفيات الحكومية كانت تتحضر لتجهيز أقسام لمعالجة كورونا ولكن ما جرى كان تخاذلاً من بعض المستشفيات الحكومية أو عدم قدرة على انشاء أقسام أو مراكز للكورونا بسبب نقص التمويل او الطاقم التمريضي، وكنا نتوقع أن تستجيب كل المستشفيات الحكومية وتُجهز أقسامها ومراكزها لهذه المعركة.
أما السبب الثاني، فيعود إلى أن وزارة الصحة لم تتوصل مع شركات التأمين إلى وضع ميزانية محددة لكلفة علاج الكورونا في المستشفى (تسعيرة رسمية كاملة لمتابعة المريض سواء في القسم العادي ام في العناية الفائقة). ولم ينجحا في الاتفاق على وضع الكلفة التي يحتاجها المريض داخل المستشفى خصوصاً بعد تلاعب سعر الدولار وتسعيرة المعدات والمستلزمات الطبية، وهذا النقص والكلفة الإضافية أدّيا إلى استحالة الوصول إلى اتفاق بين الطرفين.
إذاً، وفق مخباط، أدى تعذر الإتفاق إلى رفض المستشفيات الخاصة غير الجامعية في استقبال مرضى كورونا لأن الجهات الضامنة الخاصة رفضت دفع الفاتورة الإستشفائية.
وبالرغم من الحديث والتوصيات لتجهيز المستشفيات منذ شباط والعمل عليها لتكون جاهزة لهذه المرحلة، إلا أن الواقع كان مخالفاً للتوقعات. اليوم نشهد على حالات وفاة نتيجة إما التأخر للحصول على العلاج أم نتيجة تعذر وجود سرير لمرضى الكورونا، فما الذي ينتظرنا في حال بقيت الإصابات اليومية مرتفعة؟
يشدد مخباط على أن "الكارثة التي نحن مقبلون عليها لا تكمن في عدم قدرتنا على إدارة الإصابات بالكورونا ولقد أثبتنا في المرحلة الأولى والثانية أننا نملك هذه
القدرة على التعامل مع الإصابات ومعالجة الناس. ولقد اكتسبنا خبرة أكبر في علاج المريض وتقديم العناية بطريقة أفضل مما كنا عليه في بداية الجائحة، وحمايتهم أكثر والوصول إلى نتيجة أفضل وبالتالي لا يوجد سبب لحدوث الوفيات.
المشكلة اليوم التي سنواجهها أننا سنكون مضطرين إلى عدم ادخال المرضى إلى المستشفى نتيجة بلوغنا القدرة الإستيعابية القصوى، ما يعني أننا سنخسر مرضى. وهذه الكارثة سنشهدها للأسف عن قريب. ولن تتمكن المستشفيات الخاصة من تجهيز نفسها وتأمين أقسام محضرة بضغط سلبي لحماية موظفيها والعاملين معها. ويُحكى عن تكريس مستشفيات كاملة أو أقسام كاملة لمعالجة كورونا، ولكن لتحقيق ذلك يتوجب وضع آلية خاصة وضغط سلبي خاص بكورونا كما فعلت المستشفيات الجامعية الكبرى مثل الجامعة الأميركية، والقديس جاورجيوس والجامعة اللبنانية الأميركية الطبية، مستشفى اوتيل ديو والمعونات ومستشفى عين وزين، والمستشفى اللبناني...
هل كنت تتوقع الوصول إلى هذا السيناريو في لبنان؟ لا يُخفي مخباط أنه توقع ذلك منذ أيار، يقول: "كنت متخوفاً من حدوث تسونامي في شهر أيلول واليوم وصلنا إلى هذا السيناريو. كنت أخشى من الفلتان الإجتماعي وهذا ما حصل فعلاً، وتخوفت من عدم تجهيز المستشفيات لاستقبال المرضى خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء وزيادة المشاكل التنفسية نتيجة الفيروسات الأخرى والتي ستؤدي إلى التضارب بين الإلتهابات التنفسية الناتجة عن الانفلونزا وتلك الناتجة عن فيروس كورونا. وبالتالي ستمتلئ أسرّة العناية الفائقة وسنخسر في كل الحالات."
ما الحل؟
برأي مخباط الخطة البديلة الوحيدة أن "يلتزم الناس بالإجراءات الوقائية، فالوقاية افضل ما يمكن تحقيقه ويكون ذلك من خلال ارتداء كمامة وعدم الإختلاط وتفادي التجمعات والمحافظة على التباعد الإجتماعي والمسافي، والتوقف عن السهرات والحفلات والمطاعم وحماية أنفسهم.
ما يُشاهده مستشفى رزق ليس بعيداً عما يعيشه مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. مريض الكورونا يبقى لأيام قبل أن يتمكن من إيجاد سرير. الوضع لا يُبشر بالخير، وفي هذا الصدد يوضح مدير وحدة العناية بالتنفس والاختصاصي في الأمراض الرئوية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور حسن شامي في حديثه لـ"النهار" أنه "منذ شهر وصلنا إلى قدرتنا الإستيعابية القصوى في العناية، الغرف مليئة وهناك مرضى في الطوارئ ينتظرون أحياناً لمدة 5 أيام لخروج مريض من العناية حتى يتمكن من تلقي العلاج."
هل تتخوف من تسجيل وفيات أكبر بسبب عدم القدرة على معالجتهم في المستشفى؟ يشير شامي إلى أنّ "منذ 3 ايام أي نهار الأحد كانت المرة الأولى التي يُسجل فيها عدد حالات المرضى الذين قدموا إلى الطوارئ أكبر من أي مرض أو مشكلة صحية أخرى. هذا بالإضافة إلى المرضى الذين نعالجهم في المنزل ونتابعهم عبر الهاتف. ما يعني أن المرضى الذين يقصدون المستشفى هم يعانون من نقص في الأوكسجين او ضيق في التنفس، وبالتالي المريض الذي يدخل إلى العناية الفائقة يستغرق بقاؤه في العناية حوالى 3 أسابيع تقريباً حتى يخرج إلى العناية العادية.
إذاً، المشكلة أن مريض كورونا في العناية يحتاج إلى وقت وهذا ما يؤدي إلى عدم توافر أسرّة في العناية الفائقة في المستشفيات التي تعالج كورونا.
وفق شامي، هناك بعض المرضى الذين تتدهور حالتهم بسرعة في غضون 4 أيام، في حين أن البعض الآخر بعد أسبوع على إصابتهم بالفيروس. لا يتأخر المريض
في طلب المساعدة والرعاية الطبية، ولكن المشكلة اليوم تعذر وجود سرير في المستشفى نتيجة بلوغ معظم المستشفيات قدرتها الإستيعابية. ما نخشاه اليوم هو ارتفاع عدد المرضى أكثر من عدد الأسرة المتوافرة او عدم قدرة المستشفيات على معالجتهم. وفي حال بقيت الإصابات مرتفعة كما هي الحال في الأيام الأخيرة سنصل قريباً إلى عدم استقبال المرضى صراحة. علينا أن نعرف أن مرض الكوفيد_19 صعب وإذا أردنا أن نعطي المريض كل الفرص يجب تأمين كل التقنيات والمعدات وأن تكون متاحة لمعالجته بها، اما اذا كانت الأسرّة ممتئلة لن نتمكن من معالجته كما يجب.
هذا بالإضافة إلى اصابة الطواقم الطبية في المستشفيات والتي تنهك أيضاً القطاع الطبي وتجعله يحارب بأعداد معينة. وهذا أصعب ما نواجهه اليوم مقارنة بالفيروسات الأخرى كالإنفلونزا وغيرها. حتى غرف الطوارئ بدأت تمتلئ بمرضى الكورونا دون سواهم، علماً ان هناك مرضى آخرين يحتاجون أيضاً إلى تدخل طبي طارئ او إسعافات طبية.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار