28-12-2018
مقالات مختارة
فرح عبجي
فرح عبجي
لا عودة الى ضرب مصلحة المسيحيين بعرض الحائط، وهذا ما يردده دوما رجلا المصالحة التاريخية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، فالأول قال في عشية ذكرى انتخابه: “في السياسة مع القوات مثل ما اختلفنا، يمكن أن نتفق، لكننا ملتقون على الوطن”، والثاني أكد ايضاً ان “الاتفاق السياسي سقط لكن المصالحة ابدية ولا عودة الى الوراء”.
ولعل ما يجري اليوم في عملية تأليف الحكومة، يعكس كيف كانت عملية التأليف في بداية عهد الرئيس عون سريعة وسهلة بسبب التوازن الوطني الذي ارخاه “اتفاق معراب” على العملية السياسية، وفي غيابه اليوم صعبت عملية التأليف وادخلها مخاضاً عسيراً لا تعرف نهايته. الا ان هذا الاتفاق بات اليوم وفي نهاية عام شهد اعنف الحملات المتبادلة منذ حصوله، ان يتنازل من فضل حساباته الضيقة على مصلحة لبنان، وان يعود الى المشاركة الحقيقية التي تؤمن التوزان الوطني الحقيقي المعروفة نتائجها سلفا بدلا من خوض معارك فردية خاسرة.
يرفض العرّاب الرئيسي الاول للاتفاق التاريخي، اسكندر “معراب”، الوزير ملحم الرياشي، بقوة، مقولة أن “الاتفاق انهار”، ويسارع للتأكيد على أن أحد جناحيه قد سقط ولكن الثاني باق وأبدي.
وقال لـ”النهار”: “الاتفاق لم يسقط بشقيه، هناك الشق السياسي المباشر والذي يقوم على الشراكة في السلطة، وهذا انهار كلياً وبالكامل، لكن الشق المتعلق بالمصالحة التاريخية فهو أبدي، والطرفان كل يوم يؤكدان على أهميتها ويصران على الالتزام بها وعدم العودة الى الوراء”.
وعن السبب الرئيسي الذي يرى الرياشي أنه أدى الى ضرب احد اجنحة “اتفاق معراب”، يجيب ان “السبب الرئيسي لضرب الشق السياسي هو الاستهتار باستراتيحية الاتفاق أولاً، والذي يدفع ثمنها اليوم “التيار الوطني الحر” في معركة تأليف الحكومة. ففي عملية تأليف الحكومة الأولى كان التشكيل سهلاً جداً بسبب التوازن الذي شكله تحالف “القوات” و”التيار”، أما اليوم، وبسبب غياب الاتفاق السياسي بين الطرفين، او بسبب وجود الاختلاف السياسي العوني – القواتي، فالحكومة لم تتشكل بعد، والاستهتار باستراتيجية اي اتفاق دوماً تؤدي الى نتائج كارثية ومأسوية وهذه ليست المرة الاولى في تاريخ المسيحيين في لبنان”.
ويؤكد الرياشي أن “العلة ليست في الاتفاق، بل هو كان كاملاً ومتكاملاً، ولكن بسبب بعض الحسابات “الدكنجية” الصغيرة التي تساهم في تدمير أمور كبيرة، تعطل الاتفاق، كالذي يصل الى مفترق طرق ويعلم ان احد الاتجاهين قد يؤدي الى الاسوأ ورغم معرفته يصر على سلوكه منفرداً من دون اخيه، فيدفع الثمن غالياً”.
وفي رأي الرياشي أن الاتفاق بحاجة إلى “MEA CUPLA” كي يستعيد مساره الطبيعي. وأضاف: “ما يحتاجه هذا الاتفاق هو اعادة الاعلان عن الالتزام به وانا “أكيد أكيد أكيد” على حد قول الحكيم، يردف الرياشي، يعود التوازن الوطني وتؤلف الحكومة في دقائق”. وفي رده على سؤال من يتحمل مسؤولية سقوط الشق السياسي للاتفاق، أجاب ضاحكاً: الا تعرف من يدفع ثمن اسقاطه؟ وختم، قائلاً: لا تعليق على كل حال”
في المقلب العوني، لا يشارك النائب إبراهيم كنعان، العراب الثاني للاتفاق “الشبوق” اللقب الذي ناله خلال المفاوضات التي تمخض عنها “اتفاق معراب”، نظرة البعض الى انهيار الاتفاق الذي أسس لوضعية وطنية جديدة وتحديداً في الساحة المسيحية.
بكلمات ثابتة وواثقة، أكد كنعان أن “الاتفاق لم ينهر بل بالعكس، وفي الاستحقاقات الكبرى وتحديداً من بعد حصوله ووصول الرئيس ميشال عون الى سدة الرئاسة، أثبت نجاحه وصوابيته وفي طليعة هذه العناوين قانون الانتخاب الذي اعاد التوازن الى التمثيل المسيحي في مجلس النواب والتمثيل الوزاري في مجلس الوزراء”.
وفي الوقت نفسه، اعتبر كنعان انه “انهار في نظر من يعتبره اتفاق محاصصة فقط او انه موضوع منصب في الكازينو او اوجيرو، علما ان ما تضمنه الاتفاق ليس محاصصة بقدر ما هو مشاركة في السلطة، والاتفاق له بعد استراتيجي ووطني، فهو لم يقل ان الفريقين اصبحا حزباً واحداً، بل أكد في آخر بنود “اعلان النوايا” انهما ليسا حزبا واحدا والاختلاف السياسي قائم على ان لا يؤدي الى خلاف او يضرب بالعلاقة بين الطرفين بعرض الحائط”.
واعتبر ان “بعض التشنجات بين الفريقين على مواقع التواصل ليست في محلها ولكن يمكن ضبطها، والخلاف كان يفترض ان يضبط اكثر لان العكس ليست في مصلحة احد من الطرفين”.
وعن مستقبل هذا الاتفاق والخطوات التي يجب ان تنفذ كي يعود الى سابق عهده، قال كنعان: “الاتفاق الرؤيوي الذي قاد الى تفاهما الرابية (اعلان النوايا) ومعراب (الشراكة في السلطة) قائم ولم تتبدل الرؤية وما يحتاجه اليوم هو عودة حوار بين التيار والقوات لبحث الملفات الاساسية وهو قد يعقد في اي لحظة، والاساسي في هذا الاتفاق ما قاله الرئيس عون في مقابلته عشية ذكرى انتخابه: “في السياسة مع القوات مثل ما اختلفنا، يمكن أن نتفق، لكننا ملتقون على الوطن” وهذه رسالة سياسية ان لا عودة الى الوراء في العلاقة بين الفريقين، وهذا ما يقوله ايضا الدكتور جعجع، “لا عودة الى الوراء”.
واضاف: “لا يجب ان يُفهم منه تراجع اي من الطرفين عن تفاهمتهما الداخلية واختلافهما حول بعض المواضيع الاستراتجية والسياسية في الداخل والخارج. وهذا ما ميّز في الماضي البعيد واليوم الوضعية المسيحية ويميزها اليوم باعتبارها عابرة للمذاهب والطوائف والاصطفافات الاقليمية والدولية”.
مع نهاية العام 2018، هل تشهد السنة الجديدة انفراجاً في العلاقة “القواتية – العونية”، وتعود المياه الى مجاري الشق السياسي من “اتفاق معراب”؟
أخبار ذات صلة
محليات
الرياشي: لا خطة “ب” بلا معوض
أبرز الأخبار