21-10-2018
صحف
لكن حال المراوحة السائدة لم توقف حركة الاتصالات والمشاورات التي استمرت طيلة يوم امس، وكان ابرزها اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري برئيس حزب " القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ودام لمدة ساعتين، شكل محطة أساسية على طريق التشاور المباشر بين الحريري وجعجع حيال البدائل المتاحة التي تذلل عقدة تأمين التمثيل المتوازن للقوات ضمن معايير التشكيل التي توافقت عليها القوى السياسية غداة الانتخابات النيابية.
لم يرشح عن اللقاء ما يبدد الضبابية التي سادت في الساعات الماضية نتيجة تعذر تذليل عقدة إسناد حقيبة وازنة للقوات، بعدما ابلغ رئيس الجمهورية الرئيس المكلف صراحة عدم تنازله عن حقيبة العدل التي كان اقترحها الحريري على جعجع.
لكن ما رشح عن المواقف الاخيرة لكل من " حزب الله" وتيار " المردة" ان على صعيد التمسك بتوزير سنة 8 آذار وترشيح النائب فيصل كرامي لحقيبة وزارية من ضمن حصة رئيس الجمهورية، لا يؤشر الى ان العقدة قواتية حصرا، بل ان ثمة توجها لتأخير الولادة الحكومية.
فالتصعيد بدأ من خلال ابلاغ وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الرئيسَ المكلف تمسك بعبدا بحقيبة العدل، واستكمل بموقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المصر على تأمين مقعد لسنّة المعارضة في مجلس الوزراء، ما اوحى أن فريق 8 آذار قرر استغلال انهماك المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية بملف الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، من اجل حشر الحريري ودفعه نحو مزيد من التنازلات، وان على حساب القوات تمهيدا لإخراجها من الحكومةً، بحيث يحقق هذا الفريق ربحا مزدوجا: أضعاف الحريري داخل الحكومة من جهة واضعاف "القوات" من خلال إبقائها خارج السلطة وتضييع مكاسبها المحققة في الانتخابات النيابية من جهة اخرى. وكان عكس هذا المناخ كلام عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون في حديث له الى "إذاعة النور" قبل يومين.
حتى مساء امس، لم يلح في الأفق ما يشي بأن العقدتين القواتية والسنية قد تم تذليلهما، بدليل ان الرئيس المكلف لم يطلب موعدا للقاء رئيس الجمهورية، كما انه لم يلتق رئيس المجلس نبيه بري بعد عودته من جنيف، لاطلاعه على مستجدات التأليف. علما ان كلام بري امس لا يوحي بأي تقدم اذ قال امام الصحافيين امس ردا على سؤال بشأن الحكومة "بعدو الفول خارج المكيول والعلم عند الله!". لكن ورغم هذا المناخ، حافظ الرئيس المكلف على تفاؤله مجددا القول امام الصحافيين ردا على سؤال عن عقدة حقيبة العدل بالقول " كلو بينحل".
وكان وزير الاعلام ملحم الرياشي الذي حضر اجتماع بيت الوسط الى جانب جعجع صرح على الأثر بان "الأجواء إيجابية والامور تحتاج الى بعض الوقت والمهم ان نصل الى حكومة متوازنة".
وتحفظت مصادر سياسية حيال هذه الإيجابية، متسائلة عن سبب العودة الى الكلام عن الحكومة المتوازنة، وعن البدائل التي يمكن ان تؤمن التمثيل المتوازن، بعدما استوجبت عقدة العدل الحاجة الى اعادة النظر في توزيع الحقائب من جديد على الكتل السياسية.
و عليه، فقد تواصل شد الحبال حول وزارة العدل امس مثيرا توترا في علاقات "التيار الوطني الحر" و " القوات". وفي هذا السياق، ذكّر امين سر تكتل "لبنان القوي" النائب ابرهيم كنعان ان "رئيس الجمهورية متمسّك بوزارة العدل، وأعلن مراراً ان عهده يبدأ في اول حكومة بعد الانتخابات، واول اسس الاصلاح هو العدل، وحرمان الرئيس من هذه الحقيبة في غير محله لأن لديه مشروعاً يريد تحقيقه"، متسائلا "كيف نسائل رئيس الجمهورية من دون ان تكون بين يديه اي اداة للحكم لذلك، فوزارة العدل اساسية على هذا الصعيد في ظل التوزيع القائم لوزارتي المال والداخلية". في المقابل، غرد عضو "الجمهورية القوية" النائب عماد واكيم ان "تعطل تشكيل الحكومة من اجل عدم اعطاء وزارة العدل للقوات؟ يجب ان تبقى في حصة الرئيس من اجل مكافحة الفساد؟ منذ سنتين هذه الوزارة من حصة من؟ لماذا لم تكافح الفساد؟ هل هناك من منع الوزير القيام بهذا الامر؟ بربكم لا تستخفوا الى هذه الدرجة بعقول اللبنانيين".
وذهب عضو الكتلة "النائب وهبي قاطيشا في تصريح لـوكالة الانباء "المركزية" ابعد اذ قال ان "التشكيل عاد الى المربع الاول، فكلما اظهرنا ايجابية في تشكيل الحكومة كلما شددوا اكثر، لماذا؟ لأنهم يريدون اسقاط الحريري تماما كما حصل عام 2011 عندما أسقط الحريري على بوابة البيت الأبيض. اليوم، يحاولون إسقاط الحريري مجددا على باب القصر الجمهوري، كي ينفردوا في الحكم. واعتبر قاطيشا ان "العدل" ليست الا غطاء وستارا للهدف المبطن الذي ذكرته. قبلها كانت عقدة أخرى تستخدم كغطاء، كل يوم غطاء مختلف والهدف نفسه. إحراج الحريري لإخراجه. العدل حجة، ينتهون من حجة ويعودون الى غيرها. عدنا الى نقطة الصفر. وهناك نظام خارجي يريد السيطرة مجددا على لبنان بواسطة الحكومة".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار