26-06-2018
مقابلات
ولاحظ خليل في كلمته خلال مؤتمر “الشراء العام وفرص تعزيز الصمود والنمو المستدام” أنّ المؤتمر الذي افتًتِح بحضور عدد من المديرين العامين وممثلي الهيئات الاقتصادية ومؤسسات القطاع الخاص والنقابات وممثلي المؤسسات الاقليمية والدولية وهيئات المجتمع المدني، “يأتي في لحظة مصيرية من تاريخ لبنان حيث التحدي الكبير إما أن نكون دولة قادرة على الاستمرار والحياة والصمود في وجه تحديات العالم، وإما أن نعلن فشلنا في مواكبة العصر وتحدّياته وعجزنا كمسؤولين سياسيّين في إدارة الدولة”.
وأضاف: “لا مكان بعد اليوم لإدارة لا تعتمد حوكمة مسؤولة تحاسب في لبنان على أساس القوانين المرعيّة الإجراء، ولا مكان لدولة لا تحدّث قوانينها بطريقة تواكب العصر وتسمح بضبط المال العام الذي هو ملك الناس دافعي الضرائب”.
وتابع: “مجمل القوانين المتّصلة بإدارة الدولة والمال العام يجب أن تُحدّث وأن تُصاغ بطريقة تعيد ثقة المواطن اللبناني بدولته من خلال الإلتزام بالأنظمة والقوانين”. وأشار إلى أن موضوع الشراء العام يعتبر واحدًا من العناوين الأساسيّة المهمّة في هذا السياق، حيث يشكّل الشراء العام ما مجموعه 13% من حجم الموازنة العامة للدولة أي ما يوازي 5% من الناتج الوطني، وبالتالي نحن أمام مسألة حيويّة وأساسيّة تتّصل باستقرارنا المالي والاقتصادي وبقدرة توظيف هذا المال بالطريقة الصحيحة التي تخدم مصالح المواطنين”.
وقال: “نحن بحاجة إلى هذا الأمر بدلًا من أن يبقى في الدائرة نفسها التي تُعتمد حاليًا على مستوى إدارة الدولة، لأنّ القانون الذي عملنا عليه طويلًا في اللجان النيابية، وهو قانون الصفقات العمومية أو الشراء العام، لم يأت على مستوى الطموح الذي كنّا نأمله والذي يتطلّب ربّما وبجرأة وضع اليد من جديد وإعادة النظر في صياغة هذا القانون لكي يأتي منسجمًا مع الحقيقة الثابتة، أننا نريد عمليّات شراء عام شفّافة نزيهة تخضع لمنطق المنافسة الحقيقيّة، وتعتمد الآليّات والأدوات القانونيّة والعلميّة التي تسمح بالوصول إلى النتيجة المرجوّة والتي تحفظ المال العام ومصالح المواطنين وجودة المنتج نتيجة هذا الشراء العام”. وشدد على أن “هذا الأمر يعتبر إصلاحًا بنيويًا له علاقة بالنظرة إلى الدولة ككل وليس تفصيلًا جزئيًا يتّصل بمفردة واحدة بل يأتي في سياق متكامل لا بد من أنْ يصل إلى أهدافه في إعادة بناء كل المؤسّسات التي يتكامل بعضها مع بعض ليعطي الصورة النموذجية عن الدولة التي نريد”.
وأضاف: “لا يمكن أن نتجاهل هذا الاهتمام العالمي الذي يأخذ واحدًا من أشكاله من خلال اهتمام السفراء وممثلي المنظمات الدولية وكل المتابعين الملف اللبناني، وهذا الأمر يشكل تحديًا لنا كمسؤولين لبنانيّين في أن ننتج صورة نموذجية عمّا يجب أن تكون عليه إدارة الشراء العام في لبنان. ولا يمكن أيضًا أن نتحدّث عن إطلاق مشاريع بمستوى وحجم ما أعدّيناه في المشروع الاستثماري التنموي في البلد والذي انعقد بمشاركة ومساهمة دوليّة واسعة في باريس من دون أن تكون لدينا القواعد التي تطمئن الواهبين والمموّلين والقطاع الخاص والدول والمؤسّسات على أننا نسير في الطريق الصحيح”.
وتابع: “عندما نعطي هذه الصورة من التحدّي، لا نشكك في قدرتنا على الوصول إلى الأهداف المرتجاة، بل نحاول أن نحفّز الرأي العام وقوى المجتمع المدني والهيئات المراقبة لأعمال الدولة على أنّ تسلّط الضوء على هذا الأمر لكي نصل إلى مرحلة نستطيع معها أن ننتج موقفًا يحفظ مصالح هؤلاء الناس من جهة، ويحفظ قدرة الدولة على الاستمرار والتطوّر من جهة أخرى”.
واردف: “إسمحوا لي أن أعترف أمامكم أننا لم نكن في كثير من الأحيان على قدر المسؤوليّة في احترام القواعد التي يجب أن تعتمد في إدارة الصفقات والشراء العام، لا عبر إدارة المناقصات وبطريقة شفافة ندّية لا تقيّد هذه الإدارة بدفاتر شروط عاجزة عن فتح باب المنافسة أمام الناس بشكل متساوٍ، ولا على مستوى القرار بضبط الشراء بالتراضي الذي حصل في كثير من المجالات والمحطات. وعندما أقول هذا الكلام إنّما أوجّه نقدًا عامًا لنا جميعًا لكي نتوقّف وبشكل واضح وجلي وصريح عن كل أشكال صفقات الشراء العام بالتراضي وأن نصل، وهذا من أهداف هذا المؤتمر وتوصياته، إلى إعداد دفاتر شروط نموذجيّة تُقدَّم في كل المجالات وتأتي في سياق استراتجيّة للشراء العام أيضًا تشمل كل إدارات ومؤسسات الدولة”.
واستطرد: “لم يعد يوجد اليوم في العالم ربّما إلا بعض الدول التي لا تعتمد دفاتر شروط نموذجيّة موحّدة، ولا يوجد اليوم كثير من الدول التي لا تعتمد المناقصات المفتوحة إلكترونيًا والتي يستطيع أيّ كان في البلد أن يدخل وأن يشارك ويبدي رأيه وأن يعزّز مبدأ المنافسة المطلوب في هذه المجالات. لهذا نحن ملتزمون ونتعهّد بأن نحوّل شعار مكافحة الفساد والهدر إلى حقيقة تبدأ باحترام الأصول وقواعد الشراء العام لمنع وإلغاء كل الصفقات التي تحصل بالتراضي والتركيز على إدارة حكيمة من خلال إدارة المناقصات من جهة ومن خلال العمل على إعداد دفاتر شروط نموذجية وفتح باب المنافسة الشريفة واعتمادا الآليّات والأدوات والوسائل الإلكترونيّة الحديثة التي تعزّز هذا المبدأ”.
واعتبر أن “هذه المسألة ليست إداريّة ولا تتّصل فقط بعمليّة ضغط بل تأتي في سياق المنطق الاقتصادي ومنطق توظيف المال في خدمة الشأن الاجتماعي والشأن العام لكل الناس”. ورأى أن “الأثر المباشر لهذه القواعد سيكون على الوقائع الاقتصاديّة الداخليّة في لبنان، أيضًا ربّما من خلال إعطاء الأولويّة للإنتاج اللبناني لتحفيز القطاع الخاص اللبناني أولًا على الإنتاج وثانيًا على الاستيراد المنظّم والقادر على أن يخدم التوجّه الاقتصادي للدولة ورفع قيمة هذا الاقتصاد وحجمه بما يساعد على إعادة تشكيل الدورة الماليّة الجديدة وتكوينها بالطريقة التي تخفّف إلى حدٍ كبير من نسبة العجز ونسبة الدين على الناتج المحلّي من خلال تكبير حجم هذا الناتج، بالإضافة إلى الوفر الذي سيؤمّن للماليّة العامة لتستطيع أن توظّف جزءًا من الأموال الموفّرة لمشاريع وخدمات أخرى”.
وشدد على ضرورة “الإنطلاق إلى المرحلة العمليّة”، معتبرًا أن “هذا المؤتمر ليس ملتقى للترف الفكري والنقاش النظري. بل المطلوب أن تصدر توصيات من مسؤوليّة وزارة المال أن تحملها إلى مواقع القرار التنفيذي في الحكومة وموقع القرار التشريعي في المجلس النيابي ولجانه المتخصّصة. وبالتالي علينا العمل على إنشاء مجموعة عمل فنّية متخصّصة في هذا الأمر للمباشرة فورًا في إعداد دفاتر الشروط النموذجيّة والدفع باتجاه إقرار قانون الصفقات العموميّة وتحديث إدارة المناقصات والتفتيش المركزي بالطريقة التي تؤمّن وتحفظ قوّة واستقلاليّة وحصانة هذه المؤسّسات بعيدًا عن تأثير الوزراء والمديرين وكل من يتّصل بإدارة هذه الصفقات والعمل الجدّي على التحوّل نحو تقديم الخدمات الإلكترونيّة التي تسمح بإطلاق المناقصات المفتوحة بعيدًا عن الشوائب الإداريّة”.
وشدد على ضرورة “الوصول إلى مرحلة لا تكون المناقصات فيها جزئيّة إنما تأتي ضمن جدول عام لكل الدولة في كل مؤسّساتها تتوحّد فيها المواد الشبيهة والمماثلة لبعضها بعض بالطريقة التي تؤمّن وفرًا أكيدًا ستؤمّن بعودة التوازن المالي للبلد”. ورأى أن “هذا الأمر يرتبط بمشروع إعادة بناء الدولة”. وقال: “لا يمكن أن نتحدّث عن مكافحة الفساد من دونه أو بتجاوزه، ولا يمكن أن نتحدّث عن ضبط لمنطق الرشوة السائد، والتصنيفات العالميّة تؤكّد هذا الأمر، من دون أن نخطو خطوات على هذا الصعيد”. واعتبر أن “الوقت حان لوضع حدٍ لمثل هذه الممارسات، ولكي نؤكّد أننا جديرون في حمل أمانة الناس في رسم مستقبلهم وأننا جديرون في المحافظة على تأمين فرص تحقيق طموحات شبابنا وأجيالنا الصاعدة”.
ولاجظ أن “هدر الوقت هو جزء من الفساد، ولهذا التحدّي أمام كل القيادات السياسيّة اليوم، وفي ظلّ ظروف اقتصاديّة وماليّة معقّدة وصعبة على مستوى الداخل والمنطقة، أن نسرع في تشكيل حكومة جديدة، قادرة على إعادة تشكيل هذه الثقة وبنائها بين المواطن والدولة وأن تتحمّل مسؤوليتها في عمليّة إصلاح جدّي وجذري لأوضاعنا الاقتصاديّة والماليّة والاجتماعيّة”. واضاف: “المسألة ليست مسألة طلبات خارجيّة أو تمنيات خارجيّة أو تقارير تتّصل بمؤسّسات تصنيف دوليّة أو مؤسّسات ماليّة دولية وليست ترفًا إنما هي حاجة وطنية داخلية لكي نُطلق فعلًا عمليّة إصلاح حقيقي بنيوي لا يمكن أن نستمر من دونه. وهذا الأمر يتطلّب أن نستكمل بناء مؤسساتنا الدستورية من خلال تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن”. وتابع: “من الخطير جدًا أن نغامر في توقّعات الناس وبطموحاتهم، لنُسرع ونتجاوز الجدل القائم حول بعض التفاصيل المتصلة بأحجام وبمحاولات رسم سواتر وحدود في علاقات القوى السياسيّة بعضها مع بعض”. وختم قائلًا: “علينا أنْ نتحوّل إلى إدارة حكوميّة سياسيّة قادرة على أن تلامس حقيقة الواقع الذي نعيش على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي وأن نعمل بشكل جدّي لحل هذه المشاكل. ومؤتمرنا هو على هذه الطريق وربما من المستغرب أنْ يأتي في الوقت الضائع ولكن بالنسبة إلينا لا وقت يجب أن يضيع على الناس، وعلينا أن نستفيد من كل لحظة لكي نؤسّس لبناء الدولة التي تحمي وطننا لبنان”.
دو بيولييه
ورأت نائبة رئيسة بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان جوليا كوش دو بيولييه أن توقيت المؤتمر “مناسب جدًا إذ يأتي بعد ثلاثة أشهر من مؤتمر سيدر الذي قدّمت فيه الحكومة اللبنانية خطة مشاريع استثمارية شاملة تشمل قطاعات عدّة وبرنامجًا إصلاحيًا طموحًا”. ورأت أن هذا البرنامج الإستثماري “مهم جدًا لرفاه الشعب اللبناني ولتعزيز تنافسية الاقتصاد اللبناني”، معتبرةً أن “تنفيذ خطة الحكومة يتيح إصلاح إدارة عدد من القطاعات وإدارة الشراء العام”، ومشددّة على أنها “فرصة مهمة للغاية للبنان”.
وأضافت: “في ظل ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي إلى 150 في المئة، قد تشكل الخطة الإستثمارية خطرًا كبيرًا إذا تمت إدارتها بطريقة سيئة، وهذا ما يعزز أهمية الشراء العام السليم والحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد في تحقيق الفائدة القصوى للبنان من المشاريع التي سينفذها”. وأملت “أن يكون تحديث الشراء العام من أهم أولويات الحكومة الجديدة في الأشهر المقبلة”، وأن تعتمد في هذا المجال “مقاربة مدروسة تقوم على الإصلاح خطوةً خطوة”. واشارت إلى أن هذا الأمر “يتطلّب احترام استقلالية الهيئات الرقابة الموجودة حاليًا كديوان المحاسبة والتفتيش المركزي للتأكد من تنفيذ القوانين الحالية ومنها تلك التي أقرت حديثًا، كقانوني الوصول إلى المعلومات ومكافحة غسل الأموال، ومن ثم على الحكومة الجديدة توضيح الصلاحيات والتحضير جيدا للإنتقال إلى الهيئات والإجراءات الجديدة وفق المعايير الحديثة”.
وأكّدت أن الإتحاد الأوروبي “كان ولا يزال ملتزمًا دعم لبنان في هذا المجال”، مذكّرة بما قدّمه للبنان في هذا الصدد. وقالت إن “الإتحاد، انطلاقًا من صداقته وشراكته القديمتين مع لبنان، ملتزم دعم استقراره”. وشدّدت على أن مؤتمر “سيدر” يشكّل “فرصة أمام الحكومة اللبنانية للبدء بتنفيذ خطة واسعة للإصلاح والإستثمار، والأهم أن يترافق ذلك مع آلية للمتابعة، توخيًا للشفافية التامة والوصول إلى المعلومات ازاء الشركات الدوليين”. وختمت قائلة: “كلما حصل تأخير في تنفيذ هذه الإصلاحات ساء الوضع الإقتصادي”، آملة في أن تضمّن الحكومة الجديدة برنامجها توصيات المؤتمر ومناقشاته.
بييري
أما مديرة مكتب البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير لدى لبنان غريتشين بييري فشرحت دور البنك في المنطقة، مشددة على أهمية لبنان بالنسبة إليه. وأوضحت أن البنك سيركّز في لبنان “على تعزيز الاستثمار في القطاع الخاص”، ويهتم بالقطاع المالي والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والطاقة والطاقة المتجدّدة. وذكّرت بأن البنك ساهم في مؤتمر “سيدر”، وسيقدم الدعم “من خلال الخطة الاستثمارية”. ورأت أن الإصلاحات المالية التي التزم بها لبنان “مهمّة كونها تساهم في تعزيز الشفافيّة والإيرادات
وأضافت: “نتطلع لمساعدة الحكومة في تحضير برامج ضمن خطط الاستثمار والشراكة بين القطاع العام والخاص ونرغب في دعم مشاريع كهذه”. وختمت بالتأكيد على الشراكة بين البنك الأوروبي ولبنان.
لازاريني
ولاحظ المنسّق المقيم للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني أن “ثمّة توافقًا في لبنان على أهمية الاستقرار والنمو لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية”. ووصف الشراء العام بأنه “من المواضيع الأساسية لبلوغ هذا الهدف”. واشار إلى أنه “أحد الإصلاحات التي التزمتها حكومة لبنان في مؤتمر سيدر في باريس لتحسين الحوكمة الماليّة”.
ولفت إلى أن “الحكومة اللبنانية ستعرض في شهر تمّوز المقبل خلال مؤتمر عالمي على أعلى المستويات السياسيّة سيُعقد في نيويورك، التقدّم الذي أحرزته في اتجاه تحقيق الأهداف وخطّتها للمضيّ قُدُمًا في المراجعة الوطنيّة الطوعيّة، وبوجود حكومة جديدة قريبًا ومجلس نيابي جديد، يكون لبنان في موقع جيّد للتخطيط لخطواته المقبلة في خطته الإصلاحيّة”
ورأى أن “المبادرات المطلوبة والتي تتناسب مع الرؤية الوطنيّة، لا تشمل فقط عناصر اقتصاديّة كتعزيز توفير فرص عمل، وقطاع سياحي نابضة، ومناخ ملائم للابتكار، إنّما أيضًا تعزيز الحماية الاجتماعية كالمساواة الجندريّة، ونظام صحّي يمكن للجميع استخدامه وتحسين نوعيّة التعليم، وكلّ ذلك يجب ألا يتعارض مع الحفاظ على االبيئة اللبنانية، بل أن يكون متوازيًا مع الحفاظ على نظام لبنان الإيكولوجي الغني”.
وشدّد على أهمية دور القطاع الخاص والمجتمع المدني “إلى جانب الحكومة ومجلس النواب لرسم وتحقيق لبنان الذي يطمح إليه اللبنانيون”. كذلك ابرز أهمية بناء القدرات البشرية والتدريب في عملية تطوير الشراء العام الفعّال، ودعا إلى “اعتبار الشراء العام مهنة أساسيّة في الإدارة”. وختم مؤكدًا استعداد البنك الدولي والأمم المتّحدة “لمساعدة لبنان بكل الوسائل الممكنة في تحقيق الإصلاح في الشراء العام”.
فوتوفات
وتحدث سيبير فوتوفات ممثلًا المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومارجا، فلاحظ أن “العالم يشهد ضغوطًا متزايدة تتمثل في تدفقات المهاجرين وتزايد العنف في حين أن ثمة شكًا في قدرة الحكومات على مواجهة هذه الضغوط بفاعلية، مما أدى إلى تراجع ثقة المواطنين بها”. وشدد على ضرورة “أن تعمل الحكومات لتمتين العقد الاجتماعي بينها وبين المواطنين لزيادة الثقة”.
واشار إلى أن “البنك الدولي يعمل مع الحكومات لتحسين الشراء العام الإلكتروني ضمن ما يعرف الحكومة الإلترونية”. ولاحظ أن “لدى لبنان قدرات مهنية وعلمية تجعل منه بلدًا جائبًا، لكن التشريعات المتعلقة بالشراء العام فيه هي الأقدم في المنطقة إن لم يكن في العالم، وهي تاليًا غير كافية وتجاوزها الزمن، ولا تلائم متطلبات العصر”. وعدّدَ منافع تحديث قوانين الشراء العام، ومن بينها توفير الشفافية والعدالة والفاعلية والقابلية للمحاسبة، إضافة إلى كونها “تمهّد الطريق للاستداامة والحدّ من الفساد وتعزيز قدرة لبنان على جذب التمويل ومشاركة القطتاع الخاص”.
الحكيم
واعتبر الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا – الإسكوا المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الأوسط محمد علي الحكيم، أن “القرارات الحكيمة المسؤولة التي تتّخذها الحكومات عند تخصيص الموارد العامة في مسائل الصحّة والتربية والبنى التحتيّة هي المفتاح في مستقبل البلد، وفي دعم النشاط الاقتصادي وشبكات الأمان الاجتماعي خصوصًا في أوقات الأزمات، وهي المفتاح لمساندة الإبداع باتجاه التنوّع الاقتصادي والمنافسة”.
وشدد على ضرورة “التعاون لتحسين السياسات والقوانين والمؤسّسات والأدوات المتعلّقة بالشراء العام”. ورأى أنّ “إصلاحات الحوكمة في العالم العربي ضرورة لدعم الإصلاحات التي توصل إلى الاستدامة الماليّة والمساواة في الدخل، وتعزّز التوزيع العادل للمكاسب الاقتصادية، بالأخص لجهة الاهتمام بالمجموعات المهمّشة”. وأشاد بجهود الحكومة اللبنانية في هذا السياق من خلال مؤتمر “سيدر”.
بساط
ولاحظت رئيسة المعهد لمياء المبيّض البساط في كلمتها أن المؤتمر “يُعقَد في ظلّ تحديات مالية كبيرة تواجه لبنان أدّت إلى انعقاد مؤتمر سيدر في نيسان المُنصرم”.
واضافت: “لكي يتمكّن لبنان من الاستفادة من الدعم الدولي، ثمة إصلاحات هيكلية أساسيّة، أوّلها يتعلّق بقدرته على إدارة الأموال التي ستُمنَح له وعلى تحويل الخطط الطموحة واقعًا ملموسًا في حياة المواطنين، من خلال أنظمة شراء عام فاعلة شفافة تفتح المجال للتنافس وتوفير فرص العمل، وكذلك لتطبيق التزامات لبنان البيئية والاجتماعية”. ولاحظت أن “مُعظم العمل في السنوات الأخيرة تركّز حول تحديث الإطار القانوني للشراء العام في لبنان، لكن العمل الأساس الذي عادة ما يسبق وضع القوانين لم ينفّذ، وخصوصًا وضع سياسة عامة تَلحظ دور الشراء كمكوّن أساس في إدارة أموال المكلفين بالضرائب، وأداة لمكافحة الفساد والتواطؤ وتعزيز الشفافية، ورافعة للتنمية المستدامة”. وشددت أيضًا على أهمية “فتح نقاش حقيقي على قاعدة شراكة حقيقيّة بين الجهات المعنيّة كافة، أي الدولة التي تسعى إلى تحقيق القيمة الفضلى من إنفاق المال العام، ومؤسسات القطاع الخاص التي تسعى لدخول سوق الشراء لتعزيز تنافسيتها وتطوير أعمالها، والمستفيدون من الخدمات العامة الذي يسعون لخدمة سريعة وفاعلة وذات جودة عالية”.
ودعت إلى “الاستفادة من تجربة دول أخرى لجهة اعتماد المقاربات والتقنيات الحديثة في الشرا، وهي: أوكرانيا وتونس وتشيلي والبرتغال وفرنسا، بالإضافة إلى ممارسات جيدة ستشاركنا إياها المؤسسات الدولية المُشاركة”.
الجلسات
بعدها عُقِدت الجلسة العامة الأولى بعنوان “لماذا يُعتبر الشراء العام أداة استراتيجية لتعزيز الصمود والنمو المستدام في لبنان؟”، تلتها جلسة عامة ثانية بعنوان “التنافسيّة والابتكار: كيف يمكن للحكومة أن تعزز مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الشراء العام”. ومن ثمّ عُقدت طاولة مستديرة أولى عن “الخدمات الإلكترونية لتعزيز المنافسة والشفافية”، أعقبتها طاولة مستديرة ثانية تناولت “بيانات الشراء العام للحدّ من الغشّ والفساد”. ويُختتم المؤتمر غدًا الأربعاء.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار