02-03-2018
صحف
بدا واضحاً ان لبنان اصطدم بحسابات مباغتة حيال الاستحقاق المالي الأساسي الذي يشكله اضطرار الحكومة الى اطلاق رسالة حاسمة عن اتخاذها خطوات اصلاحية ملموسة ومقنعة في اتجاه المجتمع الدولي المدعو عبر ثلاثة مؤتمرات دولية لدعم لبنان خلال الشهرين الجاري والمقبل اللذين يسبقان الانتخابات النيابية. واذ بدأت "الجراحة القيصرية " الصعبة لخفض ما نسبته 20 في المئة من موازنات الوزارات تبعاً لما طلبه رئيس الوزراء سعد الحريري من جميع الوزراء، تتكشف تباعاً التعقيدات المالية والمطلبية المتصلة بوضع كل من الوزارات، علماً ان ثمة تفاوتا في التعقيدات بين الكثير من الوزارات ولا ينطبق عليها جميعاً المعيار نفسه.
والواقع ان هذا التطور الذي تجري فصوله في الجلسات اليومية التي تعقدها اللجنة الوزارية ان برئاسة الرئيس الحريري أو برئاسة نائب رئيس الوزراء غسان الحاصباني في غياب رئيس الحكومة الذي يزور المملكة العربية السعودية منذ ثلاثة أيام، بلغ حداً مثيراً للاهتمام في الايام الاخيرة في ظل "صدام الاولويات" المتسابقة بين الوزارات والوزراء، علماً ان عوامل تأثير عدة مباشرة وغير مباشرة تساهم في تحريك هذا الصدام ولكن يتقدمها عاملان أساسيان هما: أولاً "المصادفة السيئة" التي تملي على الوزراء والوزارات التقيد القسري بخفض النفقات والمخصصات في لحظة انتخابية تقترب معها البلاد من اشتعال حمى التنافس على مشارف شهرين فقط من موعد الانتخابات في 6 أيار. ثانياً بروز اتجاهات "استنسابية" أو على الاقل مفتقدة للتجرد الكافي في التمييز بين وزارات تقع على عاتقها ادارة أوضاع اجتماعية بالغة الصعوبة مثل وزارات الشؤون الاجتماعية والتربية والصحة، ووزارات أخرى تحتمل "ترف" الخفض المالي أكثر من سواها. ولعله من المجدي التذكير بان كثيرين تندروا في الايام الاخيرة.
ومع بدء المدعي العام المالي الاستماع الى افادات زملاء صحافيين حول صفقة البواخر المولدة للكهرباء، بأن بعض القطاعات في لبنان يجب اخضاعها وحدها "للترشيق القسري" لان شبهة الفساد السياسي تلاحقها من دون مس قطاعات أخرى تتصل بخدمة الفئات الاكثر حاجة الى الاعانة الرسمية. وفي أي حال، لم تعد عملية ترشيق الموازنة خياراً رضائياً يمكن تجاوزه اذ ان الاستعدادات لعقد مؤتمر "سيدر -1" في باريس في نيسان المقبل قد ثبت تماماً برسالة فرنسية رسمية نقلها امس السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مؤكداً له ان المؤتمر سيعقد في 6 نيسان على ان يعقد الاجتماع التحضيري للمؤتمر على مستوى كبار الموظفين في 26 آذار. لكن المفاجئ في ما نقله السفير فوشيه الى الرئيس عون تمثل في ابلاغه ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ارجأ الزيارة التي كان ينوي القيام بها للبنان والعراق في النصف الاول من نيسان نظراً الى تضارب الاجندات، مشدداً في المقابل على ان الزيارة تبقى قائمة وسيحدد موعدها الجديد لاحقاً.
الخفوضات والتداعيات
في غضون ذلك، استكملت اللجنة الوزارية المكلفة درس مشروع الموازنة اجتماعاتها في السرايا الحكومية برئاسة نائب رئيس الوزراء. وعرضت في اطار مناقشة أرقام موازنات الوزارات، موازنات التربية والشؤون الاجتماعية والصحة. وأوضح وزير المال علي حسن خليل بعد الاجتماع ان النقاش في موازنة وزارة التربية انتهى، كاشفاً "اننا تعاملنا مع موازنتها بالخفض كباقي الوزارات". وهذا الامر أثار استياء وزير التربية مروان حمادة الذي، بعدما عرض رؤيته مؤكداً رفض الخفض في موازنة وزارته، غادر الاجتماع، وكلف المدير العام للوزارة عرض الارقام. وكان حماده عبر قبيل الاجتماع عن استيائه من البحث في خفض موازنة وزارته "فيما يعد الرئيس عون بمئات المليارات للقطاع الخاص". وقال: "لن أقبل بخفض موازنة وزارة التربية ولا قرشاً". أما وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي فكشف ان "هناك 594 جمعية ومؤسسة متعاقدة مع الوزارة تستوفي كل الشروط وسبق لي ان فسختُ عقوداً مع 20 جمعية غير منتجة، وسأحاول اقناع اللجنة بعدم خفض موازنة الوزارة التي خفّضتها أصلاً".
وبدا لافتاً في هذا السياق ان الوزير حمادة تعرض لانتقاد حاد للمرة الاولى من منسقية جبل لبنان الجنوبي في "تيار المستقبل" التي اتهمته "بالمزايدة الشعبوية" ردا على قوله في افتتاح معرض " لو كان الرئيس الحريري معنا لكان علم اهمية القطاع التربوي". ورد حمادة لاحقاً بدوره على ما وصفه بـ"التحوير والتشويه للكلام الذي عرفت به المعرض التربوي التوجيهي الذي تشرفت بافتتاحه باسم الرئيس سعد الحريري، وأمام تعليق إحدى المنسقيات الحزبية، أود أن أذكر أصحاب البيان بأنني لست من هواة الحملات الشعبوية، وإن ما يربطني بفكر ومبادىء الرئيس الشهيد رفيق الحريري ودولة الرئيس سعد الحريري وجمهورهما، أعمق وأمتن من محوري الكلام".
الى ذلك، شارك وزير الشؤون الاجتماعية بيار ابو عاصي في اعتصام نفذه الاتحاد الوطني للأشخاص المعوقين، الذي يمثل زهاء 100 مؤسسة من كل المناطق، على الطريق المؤدي الى القصر الجمهوري في بعبدا، للمطالبة بحقوقهم. وأوضح ان 75% من موازنة الوزارة تذهب الى المُسعَفين عبر مؤسسات الرعاية في اعلى معايير الشفافية والرقابة، مبدياً استعداده لاعتماد أي معايير أخرى ولكن رافضاً وقف العمل حتى انتهائها.
في غضون ذلك، أقفلت بورصة الترشيحات امس بعد 24 يوماً على فتح باب الترشيح، على 87 شخصاً، بينهم 15 سيدة. وتقدم عدد من الوزراء والنواب الحاليين بترشيحاتهم أمس. اما التطور البارز في التحالفات فتمثل في اعلان النائب محمد الصفدي عزوفه عن الترشح ودعم "تيار المستقبل" في طرابلس.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار