05-07-2024
عالميات
|
m.c الدولية
نايلة صليبي
ن
حذّرت دراسة من أن روسيا تحاول التدخل في الانتخابات البرلمانية الفرنسية، ولا سيما عبر المنصات الاجتماعية والهدف إيصال حزب "التجمع الوطني" إلى السلطة في فرنسا.
الانتخابات التشريعيةالفرنسية: التأثير الروسي لزعزعة استقرار فرنسا
تسلط الدراسة الصادرة عن المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي والتي تحمل عنوان "عشر دقائق حتى منتصف الليل على ساعة بوتين" على الاستراتيجية التي اتبعتها روسيا "لإضعاف الجبهة الجمهورية" و"زعزعة هيكلة المجتمع الفرنسي" خلال فترة الانتخابات. حلل التقرير الذي أعده ديفيد شافالارياس، مدير البحوث في مركز التحليلات والرياضيات الاجتماعية التابع للمركز الوطني للبحوث العلمية والإحصائية (CNRS)، استراتيجيات التأثير الروسي في فرنسا في سياق الانتخابات التشريعية لعام 2024. يرصد ديفيد تشافالارياس ضمن" مشروع بوليتوسكوب" النشاط السياسي على موقع إكس -تويتر منذ عام 2016.أعد ديفيد تشافالارياس هذه الدراسة من خلال تحليل 700 مليون رسالة أرسلها ما يقرب من 17 مليون مستخدم فريد بين عامي 2016 و2023. تثبت هذه الدراسة أن روسيا تسعى إلى "عملية إضعاف ثم قلب جبهة الجمهوريين" في الانتخابات. وأن هدف روسيا هو "إعادة هيكلة المجتمع الفرنسي بشكل منهجي من أجل تحقيق الانتقال إلى مجتمع مغلق أو ديمقراطية غير ليبرالية". وتحدد الدراسة أيضًا "التقاء المصالح بين نظام بوتين واليمين الفرنسي المتطرف". يعزو ديفيد تشافالارياس الانقلاب في القيم في فرنسا وضعف "الجبهة الجمهورية" جزئيًا إلى حملة زعزعة الاستقرار التي قادتها روسيا لسنوات على المنصات ولا سيما على منصة إكس/ تويتر سابقًا. الاستراتيجيات الرقمية تمحور التدخل الروسي بشكل أساسي بحملات تضليل على منصتي تويتر وفيسبوك. حيث نشرت، قبل أيام قليلة من الانتخابات الأوروبية، إعلانات كاذبة عن تجنيد جنود فرنسيين للقتال في أوكرانيا لإيهام الفرنسيين أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يستعد لخوض حرب مع روسيا.
كما يكشف التقرير عن إعلانات سياسية موجهة مدفوعة على فيسبوك من قبل جهات مرتبطة بروسيا نشرت في إطار أحداث قد تزرع الفتنة أو حتى الثورة، على سبيل المثال خلال مظاهرات المزارعين التي هزت أوروبا".
هذا بالإضافة على تلميحات لعدم قدرة فرنسا وبالتحديد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضمان الأمن خلال الألعاب الأولمبية. وتشير الدراسة إلى أن هذه الاستراتيجية في التضليل أثرت على عشرات الملايين من المستخدمين بين أغسطس 2023 ومارس 2024، وأقل من 20% من المنشورات المضللة هذه تم الإشراف على محتواها من قبل فيسبوك، "على الرغم من أن الإعلانات السياسية محظورة خلال فترات الانتخابات".
هذا الموقع المزيف CopyCat هو من ضمن الأمثلة العدّة للحملات الإعلامية المضللة التي تقوم بها روسيا، لمصلحة "حزب التجمع الوطني". جيوش من الروبوتات على موقع تويتر / إكس لتنفيذ حملات التضليل و نشر الرسائل المناهضة للحكومة الفرنسية، رصدت الدراسة استخدام روسيا للروبوتات، وكشفت عن وجود عشرات الآلاف من الحسابات المزيفة الآلية، بعضها ينشر أكثر من 70 تغريدة يوميًا. أوقد نشئت غالبية هذه الروبوتات في شهر يونيو 2024، وتنشط بشكل غير طبيعي للترويج الماكر بشأن الانتخابات التشريعية لعام 2024.
من بين الاستراتيجيات الأخرى التي لجأت لها روسيا للتضليل إنشاء موقع مزيف هو نسخة طبق الأصل من موقع مجموعة "معا" Ensemble - المجموعة السياسية للأغلبية الرئاسية، مع عنوان موقع URL معدّل بمهارة يشبه إلى حد بعيد اسم المجموعة. وقد عرض الموقع شراء أصوات الناخبين مقابل 100 يورو لجعل الناس يعتقدون أن هنالك عملية لشراء الأصوات بطريقة غير قانونية، كما أتاح هذا الموقع "جمع بيانات عن مؤيدي الحزب السُذَّج الذين وقع في فخ التزييف "، قبل إعادة توجيههم إلى الموقع الحقيقي.
التلاعب بالنقاش السياسي في فرنسا هذه العمليات في النشر المضلل تصاحبها أيضًا عملية طويلة من التلاعب بالنقاش السياسي في فرنسا بشكل خاص على منصة إكس/ تويتر، من خلال جعل الأحزاب الجمهورية تكره بعضها البعض إلى درجة عدم الرغبة في الوقوف معًا. ويكتب ديفيد تشافالارياس أن هذه الانتخابات التشريعية المرتجلة يمكن أن تكون "الخطوة الأخيرة قبل استيلاء شخصيات سياسية أقل عداءً لنظام بوتين على السلطة في فرنسا". تستخدم الحسابات المرتبطة بروسيا بنية وأداء خوارزميات منصة إكس/تويتر، لكي تتمكن من تنفيذ حملات زعزعة الاستقرار، ويُظهر ديفيد شافالارياس كيف يقوم الروس بشكل مصطنع بتوسيع ما يسمى بالمجتمع "المناهض للنظام" على منصة إكس/تويتر، الذي يلعب دور جسر بين مجتمعات اليسار واليمين المتطرف، حيث يتقاسم كلاهما المناصب التي تنتقد الإجراءات الحكومية.
ترافقت استراتيجية التضليل عبر المنصات الاجتماعية أيضًا عمليات إثارة المخاوف والشقاق على أرض الواقع. فقبل الانتخابات الأوروبية، اتُهمت أجهزة الأمن الروسية (FSB) بتدبير عملية ضد السامية بوسم مبانٍ في منطقة باريس "بنجمة داوود" لإرهاب اليهود و تذكيرهم "بليلة البلور" Kristallnacht العمليات التي نظمها ونفذها النازيون ضد اليهود في ألمانيا بين 9و10من نوفمبر 1938. وينطبق الأمر نفسه على "الأيادي الحمراء" التي تم العثور عليها على "حائط الصالحين" أمام النصب التذكاري للمحرقة في باريس في مايو 2024. كل ذلك على خلفية تصدير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى فرنسا.
تدخل روسي مستمر
على سبيل المثال، في الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية نشر الحساب محتوى "مثير للقلق" يتألف من صور ومقاطع فيديو عن "المجازر التي ارتكبتها حكومة نتنياهو في غزة والأزمة الإنسانية الناتجة عنها". وقد أدى ذلك إلى تضخيم "تصور فظائع غزة في أوساط مجتمع الجبهة الوطنية"، بهدف دفع حزب "فرنسا الأبية" إلى إدراج هذه القضية في حملته للانتخابات التشريعية، مما زاد من حدة التوتر مع حزب "التجمع الوطني". وفي نهاية المطاف، يخلص التقرير إلى أن "هذا الأمر يشجع الاستقطاب السياسي بين النقيضين".
زرع الشقاق على ارض الواقع
لا تخفي روسيا تدخلها، ففي فبراير 2024 دعا ديمتري ميدفيديف، الرئيس السابق للاتحاد الروسي، الكرملين إلى "دعم الأحزاب الغربية "المناهضة للنظام" بكل الطرق الممكنة" حتى تحصل على "نتائج صحيحة في الانتخابات". ويشير التقرير إلى أن موسكو سبق أن تدخلت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2017 من خلال "اختراق خوادم فريق حملة إيمانويل ماكرون". ولكن أيضًا عبر المنصات الاجتماعية بواسطة نشر رسائل كاذبة وخلق "حرب الميمات" صورة أو نص فكاهي يستخدم بشكل جماعي على المنصات الاجتماعية لتسميم المناظرات وتقوية المرشحين الشعوبيين.
فرض روسيا جزئياً مصطلح "الإسلاموية اليسارية" حللت لدراسة أيضًا مصطلح "الإسلاموية اليسارية" islamo" Gauchiste"، الذي غالبًا ما استُخدم خلال حملة الانتخابات التشريعية لتشويه سمعة الكتلة اليسارية التي تم تقديمها على أنها حليف للتيارات الإسلاموية الراديكالية . هذا المصطلح، الذي لم يكن معروفًا لعامة الناس قبل عام 2021، تم إضفاء الطابع الديمقراطي عليهعندما ذكره فريديريك فيدال في مقابلة على قناة Cnews. ذات التوجه اليميني المحافظ. ولكن قبل ذلك، كان هذا المصطلح متداولًا فقط على منصة إكس /تويتر و روج له من قبل حسابات تم تحديدها منذ ذلك الحين على أنها مرتبطة بروسيا.
ويخلص الباحث ديفيد شافالارياس إلى أن نتائج هذه العملية لتفكيك الجبهة الجمهورية يمكن رؤيتها أيضًا بواسطة مراقبة التفاعلات على منصة إكس/تويتر عبر تضخيم الصراعات بشكل مصطنع، حيث تمكّنت روسيا من عزل مجتمع "الجبهة الشعبية" تجمع اليسار و الخضر عن مجتمع "النهضة" الحزب الرئاسي، أي إن هناك نسبة تفاعل أقل بين "الجبهة الشعبية الوطنية" و"حركة النهضة " من نسبة التفاعل بين النهضة واليمين المتطرف. ويلاحظ ديفيد شافالارياس أن "هذا التكوين يشير إلى أن أي تقسيم للساحة إلى معسكرين في الجولة الثانية من شأنه أن يفصل بين الحزبين الحاكمين بدلًا من توحيدهما ضد اليمين المتطرف".
منصة إكس / تويتر نحو أقصى اليمين در! تبرز ظاهرة التلاعب الروسي بوضوح وبشكل خاص على منصة إكس/تويتر فمنذ أن اشترى إيلون ماسك الشركة أصبح الإشراف على المحتوى شبه معدوم. وكما يلاحظ ديفيد شافالارياس. "أدى التحول نحو اليمين المتطرف على منصة إكس /تويتر نفسها إلى تسريع وتيرة عمل روسيا "، وبالطبع، فإن منصة إكس/تويتر ليس سوى جزء من الصدى الإعلامي الذي يلقى صدى إعلامي أكبر لهذه المعارضات بين الأحزاب الجمهورية. فالنقاشات التي تغزو المنصة تغذي أيضًا وسائل الإعلام التقليدية، بما في ذلك القنوات الإخبارية التي تعمل على مدار 24 ساعة. يقول ديفيد شافالارياس : "إنها "لوحة صوتية مثالية"، التي، وإن لم تكن العامل الوحيد في صعود اليمين المتطرف في فرنسا، إلا أنها تفسر ذلك إلى حد ما.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار