أما وقد أقر مجلس النواب قانون الصندوق السيادي مع أقل تعديلات ممكنة توافق عليها النواب، لا تبدّل جذرياً في أي بنوده ومندرجاته كما وصلت الى الهيئة العامة للمجلس من لجنة المال والموازنة، ينتظر اللبنانيون صدور القانون في الجريدة الرسمية، على أن يُفعّل العمل به فور بزوغ فجر الثروة النفطية الموعودة.
التعديل الأول الذي طال المادة السابعة لحظ فقط كلمة “تعاون” التي استبدلت بكلمة استشارة لتصبح المادة بعد تعديل الكلمة كالآتي: يتولى إدارة الصندوق مجلس إدارة مؤلف من ثمانية أعضاء لبنانيين، من ذوي الخبرة، يتم تعيينهم، لمدة خمس سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح مجلس الخدمة المدنية بالتشاور (بدل بالتعاون) مع مؤسسة توظيف دولية خاصة يحال حكماً الى مجلس الوزراء من خلال رئيس مجلس الوزراء، على أن يُسمّى في مرسوم التعيين رئيس مجلس الإدارة ونائبه من بين الأعضاء المعينين ويشغل رئيس المجلس صفة مدير عام الصندوق أيضاً.
المهم في هذا البند كما أقرته لجنة المال، وفق ما أكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان لـ”النهار” أن “مرجعية التوظيف بقيت لمجلس الوزراء، علماً بأن ما ورد في المادة 7 من تعاون بين مجلس الخدمة المدنية بالتعاون مع مؤسسة توظيف دولية خاصة هو لضمان عدم العودة إلى المحاصصة من خلال استعانة الحكومة بأشخاص من خارج إطار المواصفات المطلوبة الذي حدّده القانون هذا، واستند إليه مجلس الخدمة مع مؤسسة التوظيف الدولية، مع التأكيد على احترام المواصفات المذكورة في المادة السابعة بشكل علمي ومهني لضمان وصول أشخاص بمستوى عالٍ الى مجلس إدارة الصندوق”.
واعتبر كنعان أن “هذا ما حرصت عليه لجنة المال لكسب الثقة الدولية من خلال احترام الأسس التي وضعها صندوق النقد الذي وضع شروط للانتساب الى مجموعة الصناديق السيادية الدولية، بما يمكن لبنان من الانتساب الى هذه المجموعة، خصوصاً بعدما ذاع صيت لبنان في العالم بتجربة سلطته الفاشلة بإدارة المال العام”.
ووفق المادة كما جاءت من لجنة المال والموازنة “يجب أن تتوافر في أعضاء مجلس الإدارة الخبرات الآتية: إدارة المخاطر والخبرة في صناعة القرارات ذات الصلة بعمل الصندوق، خبرة متطورة في القيادة التنفيذية، بما في ذلك الخبرة في تطوير الرؤية والاستراتيجية المالية والاستثمارية، وخبرة عالمية تشغيلية في بنية تحتية أو أصول عقارية أو أسهم خاصة ذات رأس مال يفوق مليار دولار لا تقل عن عشر سنوات.
بيد أن التعديل الذي طال نسب الاستثمار الواردة في المادة 13 وتم فيه رفع الاستثمارات في الداخل من 25 الى 40% يشي بأن وراء الأكمة مَن عمل وينتظر لفرض محاصصة في استخدام الاستثمارات وتوزيع منافعها على المحاسيب، إذ بعدما “كانت يجب ألا تقّل نسبة الاستثمار خارج لبنان من محفظة الادخار والاستثمار عن 75% من مجموع أصولها وعائداتها”، أصبحت 60% في الخارج على أن لا تقل داخل لبنان عن 25%. وأوضح كنعان لـ”النهار” أن نسبة الـ75% التي أقرتها لجنة المال كانت تأخذ في الاعتبار التجربة السيئة مع الحكومات المتعاقبة التي كانت تعتمد المحاصصة في صرف المال على المشاريع غير المنتجة للطوائف والقوى الحزبية والسياسية، بما يضيع الإيرادات المحتملة من الثروة النفطية والغازية على مشاريع لا تأخذ في الاعتبار التنمية الشاملة ويكون مصيرها الهدر لطموحات سياسية بدل أن تكون مشاريع إنتاجية”.
وفيما كان مطروحاً في بعض الاقتراحات التي دمجتها لجنة المال والمقدمة من “الجمهورية القوية” و”لبنان القوي” و”التنمية والتحرير” و”اللقاء الديموقراطي” أن تكون وزارة المال صاحبة الوصاية على الصندوق، عدلت لجنة المال والموازنة البند، طارحة وصاية مجلس الوزراء وفقاً لشروط واضحة بالنسبة للمواصفات ومؤسسة التوظيف الدولية ومجلس الخدمة لتعيين الأشخاص المؤهلين.
ووفق التعديلات التي لحظتها لجنة المال “يقوم مجلس الإدارة، بتنفيذ تفويض الاستثمار. ويحق له اقتراح تعديل التفويض إذا تبيّن له خلال التنفيذ ضرورة ذلك تماشياً مع التطورات المالية والاقتصادية التي يمكن أن تطرأ، على أن يعرض التفويض المعدل على مجلس الوزراء ومجلس النواب مجدداً للموافقة. ويمكن في الحالات المستعجلة الطارئة إدخال ملاحق على التفويض بموافقة مجلس الوزراء على أن تُعرض على مجلس النواب لاحقاً. كذلك يعيّن مجلس الوزراء مدقّقاً خارجياً مستقلاً معترفاً به دولياً لمراقبة حسابات الصندوق. يرفع المدقق تقريره إلى مجلس الإدارة فيرفعه رئيس المجلس بدوره بعد موافقة مجلس الإدارة عليه مرفقاً بتقريره السنوي الداخلي الذي يتضمن طريقة تنفيذ تفويض الاستثمار إلى مجلس الوزراء ومنه إلى مجلس النواب لإقراره وفقاً للأصول، على أن يُنشر بعدها على الموقع الإلكتروني للصندوق.
ويحق لديوان المحاسبة، بالإضافة إلى ممارسة سلطة الرقابة المؤخرة على الصندوق، تعيين مدقّق خارجي مستقل معترف به دولياً للاستعانة به لمراقبة صحة وقانونية تنفيذ المهام من قبل مجلس الإدارة وللتأكد من أنها تتوافق مع القوانين اللبنانية المرعيّة الإجراء ويقدم تقريراً بذلك إلى مجلس النواب. ويحدد مضمون التقارير السنوية كما وتواريخ نشرها بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، على أن تعفى عائدات الصندوق ومعاملاته من الضرائب.
بالنسبة لقواعد الإيداع، تودع العائدات في محفظتين: محفظة الادخار والاستثمار ومحفظة التنمية للصندوق السيادي وفقاً لقواعد الإيداع الآتية:
– محفظة الادخار والاستثمار: تودع في محفظة الادخار والاستثمار جميع واردات الدولة من الأنشطة البترولية باستثناء العائدات الضريبية، على أن يُسحب جزء من عائداتها وفقاً لقواعد السحب المحددة في المادة 13 من القانون.
– محفظة التنمية: تودع في محفظة التنمية العائدات الضريبية من الأنشطة البترولية بهدف حفظها واستثمارها، على أن يسحب جزء منها لغايات إنمائية وفقاً لقواعد السحب المحددة في المادة 13 من هذا القانون، ويُفتح لها حساب خاص في مصرف لبنان. تصبح جزءاً من رأسمال كل محفظة عائدات استثمار أرباح بيع الأصول، والأرباح الموزَعة، وعائدات الاستثمار على أصول الصندوق.
أما قواعد السحب، فتخضع عمليات السحب من محفظتي الصندوق للشروط الآتية:
لا يجوز سحب أي مبلغ من محفظة الادخار والاستثمار إلا من أجل استثماره وفقاً للشروط المحددة في تفويض الاستثمار، وتبقى أموال المحفظة مجمدة بهدف تكوين رأس مال احتياطي. أما إذا تجاوزت عائدات الاستثمار قيمة الدين العام بالعملة الأجنبية فيحوّل الفائض حكماً إلى محفظة التنمية. على أن لا تقّل نسبة الاستثمار خارج لبنان من محفظة الادخار والاستثمار عن 75% من مجموع أصولها وعائداتها. وكذلك لا يجوز السحب من عائدات محفظة التنمية خلال سنة مالية معينة إلا في حال إقرار موازنة الدولة حسب الأصول بحيث تلحظ فيها المبالغ المقرر سحبها وإنفاقها بشرط أن لا تتجاوز قيمة هذه المبالغ ثلث إجمالي أصول المحفظة. ولا يجوز إجراء أي سحب من محفظة التنمية خلال السنوات الثلاث الأولى من تاريخ أول إيداع للعائدات فيها، وتجمد هذه العائدات بهدف تكوين رأس مال احتياطي.
والاهم أنه يُحظر استعمال أموال الصندوق لتسديد ديون الدولة، إلا إذا أظهر قطع حساب الموازنة فائضاً أولياً في وارداتها على نفقاتها فيمكن استخدام عائدات محفظة التنمية لهذا الغرض.