12-09-2023
إقتصاد
|
الانباء
اريج عمار
اريج عمار
بعد تأجيل جلسة مجلس الوزراء إلى اليوم، وإقرار الموازنتين 2023 و 2024 في الجلسة الصباحية بعد حوار حاد حصل حول بنود الموازنتين: 2023 التي أتت متأخرة من الأساس لتُسمّى من مراقبين "موازنة أواخر 2023"، وموازنة 2024 التي تم البحث فيها بعد تعليق الكثيرين على بنودها والضرائب المطروح فرضها على المواطنين، وذلك بالرغم من طلب رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، سحب البنود الخاصة باستيفاء الجبايات بالدولار والإبقاء على ضريبة القيمة المضافة TVA بنسبة11 في المئة بدلاً من 12%.
وفي هذا السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي، نديم السبع، أن عدداً من الضرائب سيكون موجوداً في موازنة 2024، والقرار الذي تمّ اتّخاذه من قِبل مجلس الوزراء الإثنين سيقوم بتثبيت الـ TVA عند 11??، لكن لن يكون له تأثير كبير على الأسواق. وكذلك موضوع سحب البنود الخاصة باستيفاء الجبايات بالدولار، وذلك بحسب السبع، بناءً على الانتقادات التي طالت هذا البند، باعتبار أنّ العملة الرسمية في لبنان هي الليرة اللبنانية، وبالتالي من غير المقبول استيفاء الجبايات بالدولار، "مع العلم أنّه لدى الدولة الكثير من المصاريف بالدولار، وهذا الأمر كان يمكن أن يساعدها في ذلك". وأضاف، سترتفع الضريبة على نقل النعوش من الخارج، والضريبة أيضاً على المواد الغذائية. ولكن الأمر الإيجابي في موازنة 2024 سيكون أنّها ستُقَرّ قبل بداية عام 2024، بعكس ما حصل في السنوات السابقة. إلّا أنّ هذا كلّه سيؤدي إلى المزيد من الركود الاقتصادي، خصوصاً مع احتساب الضرائب على نسبة 40%، وبمعنى آخر تمكين المواطن من دفع الضرائب من خلال "اللولار" الموجود في المصارف، أي اعتراف الدولة ب 60% "haircut" على الودائع.
موازنة 2023
أمّا عن موازنة 2023 التي تم إقرارها لأواخر هذا العام، فاعتبر السبع أنّ المشكلة في هذه الموازنة ليست في الضرائب والرسوم المفروضة فيها، "بل المشكلة الأساس في كيفية استخدام هذه الضرائب. فلا مشكل في أن يدفع المواطن الضرائب إذا كان سيتلقّى مقابلها خدمات وتطوير وإنماء، ولكن من غير المنطقي أن يدفع المواطن ضرائب و TVA بنسبة 11% من أجل المحاصصات، وعدم تفعيلها في أي إفادة للمواطن، وعدم استثمارها في أي منشأة للدولة، وأنّ إقرار الموازنة في أواخر العام يأتي لأنّ هناك غيابٌ تام للسلطة، وفوضى كبيرة حاصلة إضافةً إلى غياب العمل الصحيح في لبنان، ولا تبرير آخر لهذا التأخير. وبالرغم من كل سيّئات هذه الموازنة، إلّا أنّ إيجابياتها تكمن في ضبط أسعار صرف الدولار ما أدّى اليوم إلى حصر سعر الصرف ب 3 أسعار، وهي: السوق السوداء، منصة بلومبيرغ، والسعر الرسمي في المصارف 15,000 ل.ل، وبالتالي اقترب سعر منصة بلومبيرغ، أو صيرفة سابقاً، من سعر السوق الموازي".
ويشير السبع إلى أنّ الضرائب الموجودة فيها هي "على كل الشيء"، إذ أنّه من الضروري، قبل فرز هذه الموازنة، معرفة أنّ الاقتصاد يعتمد على ثلاث قطاعات أساسية، يقول السبع، "أوّلها القطاع المصرفي، وثاني قطاع هو التأمين، وثالثها قطاع العقارات. وبالتالي فإنّ وضع الضرائب على الإسمنت، وعلى انتقال الملكيّة، وعلى متر البناء، وعلى المعاملات العقارية. وبالتالي فبدلاً من أن تكون الدولة تعمل على مساعدة قطاع العقارات وتقديم التسهيلات، تزيد الدولة من الرسوم والضرائب التي تضرّ بالقطاع الذي قد يكون ركيزة لإعادة الانطلاق مرةً أخرى، خصوصاً مع وجود قطاع مصرفي مضروب. وقطاع التأمين أيضاً معطّل، وبالتالي باتت الضرائب موضوعة على كل الناس، ولا يمكننا أن نضع الضرائب على كل القطاع العقاري بالتساوي بين مَن شقّته تساوي أكثر من 500 متراً ومَن تبلغ شقّته 120 متراً، وبالتالي هذه الموازنة لا أرى أنها ستغيّر شيئاً. وهذه موازنة ضرائب بناءً على طلب IMF والبنك الدولي، وبالتالي ضرائب عشوائية.
كما ويؤكّد السبع بأنّ هذه الموازنة، "لن تغيّر شيئاً، ولأنّ الضرائب عشوائية، وفي بلدٍ يعاني من ركود اقتصادي، من غير النافع وضع ضرائب عشوائية بل يجب أن تكون موجّهة كالضرائب على الأملاك البحرية، والمقالع، والكسّارات، وعلى أرباح الشركات الكبيرة، لكي لا نزيد من حدة الركود التضخمي، أو stagflation، وهذا الشيء يؤذي الاقتصاد بشكلٍ كبيرٍ جداً. وبالتالي فإنّ هذه الموازنة لن تغيّر شيئاً، وبما أنّ هذه الموازنة هي الأساس لموازنة 2024، فإنّ الرسوم التي تمّ إقرارها في موازنة 2023 سيتمّ بطبيعة الحال جبايتها في أوائل عام 2024".
ما المطلوب؟
"على الدولة اللبنانية أن تعمل على وضع ضرائب تصاعدية" يقول السبع، ويضيف "لا يمكن للدولة فرض الضرائب بالتساوي على كافة المودعين. فمثلاً إذا كان هناك شخص لديه 100 مليون ليرة في البنك فسوف يأخذون 3% من حصر الإرث، ومن لديه 300 مليون دولار أيضاً سيُستقطع 3% منه، وهذا الأمر غير عادل". وأشار أيضاً إلى أنّ الدولة ليس لديها استثمارات، ولا توجد خطة للاستثمارات لكي تُطبّق من جمع هذه الضرائب. وبالتالي لن نرى، في اعتقادي، أي تغيير قادر على أن يحل المشكلة، لأنهم يضعون ضرائب في ظل ركود اقتصادي، وبالتالي فإنّ هذا يفاقم المشكلة. وباعتقادي أنا فهذه موازنة تقشفية بناءً على طلب IMF، والمهم أيضاً أن نلفت إلى أنّ، "هذه الضرائب التي يتم وضعها هي في ظل الاقتصاد الذي يحتوي على اقتصاد موازٍ قيمته بين 10 أو 12 مليار دولار، وهو الاقتصاد "الكاش"، وهذا ليس مسجّلاً، وليس موجوداً، ولا تعلم عنه الدولة أي شيء، وأكثر من نصف الاقتصاد اللبناني بات اقتصاداً موازياً، وبالتالي ليس عليه ضرائب. ولا يمكن حلّ هذا الاقتصاد إلّا من خلال إعادة هيكلة المصارف. وذلك سيجبر التجار على أن يقوموا بالمعاملات المصرفية من دون أن نضرّ بالمستثمر، وفي ذات الوقت أن تستفيد الدولة من دفعه للضرائب، وهذا ضروري من أجل إيقاف الاقتصاد الموازي وضبطه، إلّا أنّ الدولة اللبنانية لم تلحظ ذلك في خططها، وهذا لن يجبر التجار والمستثمرين على العودة إلى التعامل مع المصارف، وهذا سيخسّر الدولة الكثير !"
إذاً، وبالرغم من إيجابية طرح موازنة 2024 قبل بدء عام 2024، إلّا أنّ أموراً كثيرة ناقصة في هذه الموازنة، وبإمكانها التأثير سلباً على الاقتصاد أكثر وأكثر.
فهل مَن يلحظ في هذه الدولة كل هذه السلبيات، ويلعبَ دوراً في تحسين الوضع الاقتصادي والمالي في البلد قبل فوات الأوان؟
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
حفلة نفاق من أجل أمين معلوف
مقالات مختارة
«لبننة» اللجنة الخماسية: «الدجاجة قبل البيضة أم العكس»؟!
أبرز الأخبار