11-09-2023
عالميات
|
INDEPENDENT عربية
منى المنجومي
منى المنجومي
قبل 22 عاماً استيقظ العالم على أضخم وأكبر تفجيرات إرهابية، عُرفت فيما بعد بأحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وكان السؤال المطروح حينها كيف تم تنفيذ أربع عمليات انتحارية راح ضحيتها ما يزيد على ثلاثة آلاف بواسطة طائرات مدنية، استطاع خاطفوها استهداف مبانٍ تعد الأهم في الولايات المتحدة، من دون أن يُكشف أمرهم، ولا سيما أنهم عاشوا ودرسوا الطيران في أميركا، وكانوا يتبادلون المعلومات ببساطة.
وبحسب دراسة لمعهد الولايات المتحدة للسلام بعنوان "الإرهاب على الإنترنت"، فإن مهاجمي 11 سبتمبر كانوا يتواصلون علناً، وينشرون المعلومات باستخدام كلمات مشفرة مرتبة مسبقاً. على سبيل المثال، تعني "كلية التخطيط الحضري" مركز التجارة العالمي، وتمت الإشارة إلى البنتاغون باسم "كلية الفنون الجميلة". كما نصت رسالة محمد عطا الأخيرة إلى الثمانية عشر إرهابياً الآخرين الذين نفذوا الهجمات، على أن "الفصل الدراسي يبدأ بعد ثلاثة أسابيع أخرى. لقد حصلنا على 19 تأكيداً للدراسات في كلية الحقوق وكلية التخطيط الحضري وكلية الفنون الجميلة وكلية الهندسة".
سر الرموز
كانت تلك الرموز ضرورية، بحسب منسق اتصالات العملية، رمزي بن الشيبة، والذي كان الخاطف رقم 20، بحسب المخطط الأوّلي للعملية، بما عرف بعملية الطائرات فيما بعد، والتي كانت خلية هامبورغ نواتها الأولى، ضمت ثلاثة من قائدي الطائرات المستخدمة في التفجيرات، وهم محمد عطا، ومروان الشحي، وزياد جراح، إضافة إلى ابن الشيبة.
وكان التخطيط الفعلي قد بدأ في أواخر عام 1998 عندما انتقلوا جميعاً للسكن في شارع (ماريان شتراسا)، المنزل رقم 54، بمدينة هامبورغ الألمانية كي يلحق بهم بعد ذلك هو وسعيد بحاجي، وزكريا الصابر.
وبحسب المعلومات، شكلت هذه الشقة في الطابق الثاني ما يمكن ببساطة وصفه بمطبخ عملية الحادي عشر من سبتمبر، والتي وضعت فيها جميع الخطط بما في ذلك طرق التواصل والرموز المستخدمة في الرسائل.
جزء من التنسيق
وبحسب تصريحات ابن الشيبة لإحدى القنوات الفضائية، فإن اختيار الرموز كان جزءاً من مسألة التنسيق. وقال، "اختصاراً هي عملية ربط الخلايا بعضها ببعض وتكوين حلقة اتصال بينها وبين القيادة العامة في أفغانستان، وتحديد أولويات عمل هذه الخلايا ومتابعتها حتى تنتهي من مراحل العمل إلى وقت ساعة التنفيذ"، لافتاً إلى أن محمد عطا هو من اختار اسم كلية التخطيط الحضري كرمز هدفه هو برجا التجارة في نيويورك.
وأوضح أن السبب الرئيس في تسمية الأهداف بأسماء كليات يعود إلى أن التواصل بين أفراد التنظيم "يشكل فجوة أمنية خطيرة يمكن للعدو من خلالها التسلل ومحاولة إفشال أي عملية، لذلك كان من الضروري أن ينشئ التنظيم شبكة لأكثر وسائل الاتصال أماناً (الإنترنت)، وكان من الضروري أن تكون البساطة في لغة الاتصال والتطوير في طريقة الاتصال".
وسرد ابن الشيبة في إحدى محادثاته الهاتفية مع محمد عطا، الذي كان يترأس خلية التفجير في أميركا عندما هاتفه عند الفجر قبل الحادي عشر من سبتمبر بأسبوعين، يحكي له نكتة مصرية، ولغزاً له معنى، وقال له بالنص، وبلهجة مصرية "عصايتين شرطة وكعكة نازل منها عصاية"، ليجيب رمزى، "توكل على الله"، ولم يكن اللغز إلا تاريخ تنفيذ العملية، وهو 11/9.
غرف الدردشة
وأكد ابن الشبيبة في لقاء صحافي أُجري معه قبل اعتقاله في كراتشي عام 2002، أن أعضاء الخلية لم يكونوا يعرفون بعضهم أثناء تدريبهم على الطيران في أميركا، منهم من كان يدرس بمفرده، والبعض كانوا يدرسون على شكل ثنائي، في حين أن 15 الآخرين الذين كانوا ضمن عملية التفجيرات، دخلوا أميركا في وقت لاحق قبل تنفيذ العملية بوقت قصير.
ويقر ابن الشبية الذي كان يمثل حلقة الوصل الرئيسة بين محمد عطا وقيادة "القاعدة" في أفغانستان، بأنه استخدم غرف الدردشة العامة لنقل المعلومات، فقبل ثلاثة أسابيع من ساعة الصفر يتقمص أبو عبدالرحمن (محمد عطا) شخصية شاب يبعث من أميركا لحبيبته جيني في ألمانيا رسالة عبر إحدى غرف الدردشة على الإنترنت، لم تكن جيني هذه سوى رمزي بن الشيبة، كتب لها حبيبها بالألمانية يقول، "سيبدأ الفصل الدراسي الأول بعد ثلاثة أسابيع، ليس هناك أي تغييرات، كل شيء يسير على ما يرام، وهناك مبشرات جيدة وأفكار مشجعة، مدرستان للدراسات العليا، وجامعتان، كل شيء يسير حسب الخطة، لهذا، الصيف سيكون بالتأكيد حاراً، أريد أن أتحدث إليك عن بعض التفاصيل، تسع عشرة شهادة للدراسة الخاصة، وأربع امتحانات، سلامي للبروفيسور. إلى اللقاء".
ملفات الرسوم
ولم يتوقف استخدام أعضاء خلية الطائرات الرموز لتوصيل المعلومات والتطورات في تنفيذ خططهم، بل استخدموا طريقة أخرى لتجنب الكشف عن المعلومات المخفية، والتي تتضمن إخفاء الرسائل داخل ملفات الرسوم.
وكشفت الدراسة عن أن المنفذين أرسوا عبر البريد الإلكتروني الصورة الرقمية للمركب الشراعي تتضمن خريطة، وملف أغنية رقمية احتوى على مخططات لأحد المبنى المستهدفة.
وفي إحاطة قُدّمت في أواخر سبتمبر 2001 من جانب رونالد ديك، مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، تبين أن "خاطفي هجمات الحادي عشر من سبتمبر استخدموا الإنترنت جيداً".
الإرهاب الحديث
في السياق ذاته، كشفت دراسة أخرى لمعهد الولايات المتحدة للسلام بعنوان "كيف يستخدم الإرهاب الحديث الإنترنت؟" عن أنهم يخوضون حروبهم في الفضاء السيبراني كما يفعلون على الأرض".
ووفقاً للدراسة، فإن الإرهابيين لديهم ثماني طرق مختلفة لتقديم قضيتهم للعالم، بدءاً من الحرب النفسية، وصولاً إلى التوظيف وجمع التبرعات المالية وتسهيل العمليات الإرهابية وتوصيل المعلومات بين بعضهم".
وبحسب الدراسة اعتمد نشطاء "القاعدة" بشكل كبير على الإنترنت في التخطيط، وتنسيق هجمات 11 سبتمبر، ووجد مسؤولو التحقيقات في الهجمات الآلاف من الرسائل المشفرة التي تحتوي على ملفات تم نشرها في منطقة محمية بكلمة مرور على مواقع الويب في الكمبيوتر الشخصي للعقل المدبر لتفجيرات خالد شيخ، والملقب بـ"أبي زبيدة"، والمعتقل في غوانتانامو حالياً.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار