مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

لماذا تستعصي الهدنات في السودان؟

26-05-2023

عالميات

|

النهار العربي

سميح صعب

سميح صعب

المعركة بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تستعصي حتى الآن على الحل. وقبول الطرفين بالهدنة التي توسطت فيها السعودية والولايات المتحدة، كان من قبيل الاسترضاء للخارج، أكثر منه قراراً جوهرياً بوقف القتال الدائر منذ 15 نيسان (أبريل) الماضي.

 

هذا القتال في ضوء الإلتزام غير الكامل بوقف النار، الذي كان يفترض أن يدوم لسبعة أيام اعتباراً من الاثنين الماضي، يهدد بالتحول حرباً شاملة بين جنرالين، طامع كلاهما بحكم السودان منفرداً وليس بالشراكة. وهذا ما آل إلى الانفجار في ما بينهما.

 

البرهان وحميدتي اللذان ورثا نظام عمر البشير، لم يقتنع أحدهما بالشراكة، لا بينهما ولا مع المكوّنات المدنية، التي تمر الآن بأضعف أوقاتها، بعدما كانت قاب قوسين أو أدنى من نقل السودان من ضفة الحكم العسكري إلى ضفة الحكم المدني، في انتفاضة نيسان (أبريل) 2019، التي حال الجنرالان المتقاتلان دون نجاحها.

 

خرج وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن متحدثاً قبل أيام في مناسبة الإعلان عن الهدنة الأخيرة، ليهدد منتهكيها بالعقوبات في خطوة، يبدو أنها لم تعد تجدي نفعاً، بعدما تمكن البرهان وحميدتي من ترسيخ نفوذهما في السنوات الأربع الماضية وقضيا على فرص الإنتقال السياسي السلمي.

 

وكيف لرجلين، يرى كل واحد منهما في نفسه، أنه الأجدر بقيادة السودان كله، أن يقبل أحدهما بالتنازل للآخر. بالنسبة إليهما من يتراجع الآن خطوة واحدة إلى الوراء كأنما فقد كل شيء. ومن هنا الإصرار على مواصلة القتال وعدم العودة إلى ما قبل 15 نيسان (أبريل) الماضي.

 

وإذا كان بلينكن يرى في العقوبات وسيلة للضغط، فإنه تأخر أربعة أعوام، عندما تركت واشنطن البرهان وحميدتي يتخلصان من الحراك المدني تدريجياً. وأين كان بلينكن عندما انقلب الجنرالان على حكومة عبدالله حمدوك في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021. تلك اللحظة الانقلابية هي التي أسست للانفجار الأخير.

 

الفوضى، التي تضرب السودان اليوم وتجعل مواطنيه يبحثون عن ملجأ في الخارج، لمن استطاع الخروج طبعاً، هي الوصفة التي يريدها الجنرالان اللذان يدعيان الشرعية ويزعمان القتال من أجل الانتقال بالبلاد إلى الحكم الديموقراطي. هل يصدق ذلك؟

 

شرعية البرهان كما شرعية حميدتي مستمدة من السلاح والمال ومن اغتصابهما للسلطة في 2019 ومنع الانتقال السياسي إلى حكومة مدنية تقود البلاد إلى انتخابات حرة ونزيهة للمرة الأولى منذ 1985.

 

البرهان وحميدتي ينتقلان بالسودان إلى مستقبل غامض، لا أحد يمكنه التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور. وإذا لم يستطع حميدتي التشبث بالخرطوم، فلديه دارفور، بحجم فرنسا، وبثروات طبيعية تمكنه من تجنيد المزيد خلفه ومن شراء المزيد من السلاح والعتاد.

 

والأوضاع الدولية المحتدمة بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة ثانية، ليست عاملاً مساعداً على التهدئة في السودان المفتوح على سبعة حدود.

كل التحركات الدولية إزاء السودان هذه الأيام أتت متأخرة، لأن أياً منها لم يكن يتوقع الوصول إلى هذه المرحلة. وحدهما البرهان وحميدتي كانا على دراية بما يجري ويشتريان الوقت. وعندما وصلا إلى ساعة الحقيقية... اصطدما.

 

ويبقى السودانيون العاديون وحدهم من يدفع ثمن الصراع بين جنرالين، قرر كلاً منهما إلغاء الآخر، فقذفا بالسودان إلى مهاوي اقتتال يمكن أن يتطور إلى صراع تتورط فيه قوى إقليمية ودولية.

 

وأي وساطات يمكن أن تسلك إلى نهايات سعيدة، طالما لا توجد إرادة لدى البرهان أو حميدتي بالإنكفاء وإفساح المجال أمام قيام حكومة مدنية، هي الحل الوحيد الذي يمكن أن ينقذ البلاد من حرب أهلية أخرى ومن تقسيم آخر ومن تشريد المزيد من الملايين بين الداخل والخارج.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما