تصاعدت في الأيام الأخيرة الوتيرة الاعتراضية لوجود النازحين السوريين في لبنان، ما استدعى من الحكومة أن تدعو إلى جلسة وزارية لبحث هذا الملف، بوجود الأجهزة الأمنية والعسكرية كافة، وفي طليعتهم قائد الجيش العماد جوزف عون.
لا يُنتظر من الحكومة أن تخرج بقرارات أو إجراءات صارمة ومانعة لحماية حقوق مواطنيها. وعلى رغم أهمية الاجتماع شكلاً، إلا أنّ المعلومات أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد يستعيد المبادرات التي أطلقتها حكومته في آب وتشرين الفائتين، ليؤكد مجدداً أن وجود النازحين السوريين يزداد يوماً بعد يوم عبئاً على بنية التركيبة اللبنانية بكل مستوياتها، ولا بد من المجتمع الدولي أن يجري بعض التعديلات على نظرته لهذا الوجود.
ما حصل في الأيام الأخيرة لا ينذر خيراً، خصوصاً أن التصعيد لبنانياً قابله انتشار دعوات سورية تحريضية على مواقع التواصل الاجتماعي ضد اللبنانيين، تطال كرامتهم وتعبّر عن حقد دفين موجود أيضاً لدى السوريين تجاه اللبنانيين، إضافة إلى دعوات للتسلّح والردّ والأهم ما يُساق عن حق السوريين في وجودهم في لبنان، وربما تجلّى ذلك ببعض المنشورات التي تحدثت عن نية لدى النازحين الاعتصام أمام مفوضية اللاجئين للاعتراض على موجة الاعتراض اللبنانية. إلاّ أن خروج دعوات مضادة من اللبنانيين في المكان والزمان نفسه حتّم إلغاء هذه التحركات، التي أتت متزامنة مع ذكرى انسحاب الجيش السوري من لبنان.
وفيما المطلوب الوصول إلى قرارات تحمي اللبنانيين، وتعالج مسألة الوجود السوري الديموغرافي في لبنان، علمت "النهار" أن التصعيد الأخير خلفيّته المنظمات الدولية التي اعترضت على أداء الحكم اللبناني تجاه النازحين والفورة في المناطق اللبنانية لتنظيم وجودهم، وخصوصاً المداهمات التي ينفذها الجيش اللبناني الذي لم يعد أمامه من وسيلة إلا ترحيل من يثبت وجوده في لبنان بطريقة غير شرعية.
وفي الإطار، يسأل مصدر متابع للملف: "هل بات شغل المنظمات الدولية أو مفوضية اللاجئين مراقبة مهام الجيش اللبناني؟ وهل تحولت هذه المنظمات الدولية إلى أجهزة أمنية تعترض على عدد المداهمات التي يقوم بها الجيش لهذا المخيّم أو ذاك"؟.
وتشكك المصادر المتابعة بخلفية هذه المنظمات الدولية، كاشفة لـ"النهار" عن قول أحد السفراء في إحدى لقاءاته مع مجموعة نواب لبنانيين: ""لو ما عندكن نازحين ما بتشوفو منّا قرش".
من هنا، بحسب المعلومات، لا يبدو أن في الأفق حلاً قريباً لهذا الوجود الديموغرافي الثقيل إلاً بقرارات سيادية حازمة. وما يقوم به الجيش اللبناني ضروري ومهم، وهو يقوم بترحيل فقط الموجودين بطريقة غير شرعية، لكن الحل الجذري هو على مستوى الدولة ككلّ، بعد تحوّل هذا الملف إلى ملف وطني بامتياز، عابر لكل المناطق والأحزاب والطوائف، والجميع لديهم الهاجس نفسه. والأهم، لعدم السماح باستغلاله في الظروف التي يمرّ بها لبنان كعنصر لتفجير الساحة اللبنانية لغايات قد تكون أبعد من ترحيل السوريين.