13-07-2019
مقالات مختارة
يوسف دياب
يوسف دياب
ولم يقتصر هذا الصراع على القضاة، بل دخل على خطّه وزراء محسوبون على عون، عبر الكتاب الذي وجهه وزير الدفاع إلياس أبو صعب إلى وزير العدل ألبيرت سرحان (كلاهما من فريق عون)، وطلب فيه الأول من الثاني إحالة مفوّض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار وقاضي التحقيق العسكري آلاء الخطيب على التحقيق، محملاً إياهما مسؤولية «التقصير بالتحقيق في الملف المالي العائد لرائد متقاعد في الأمن العام، متهم بتقاضي الأموال في ملف الكلية الحربية». ولم يتردد الوزير سرحان بإحالتهما على التفتيش، قبل أن يتراجع عن هذه الإحالة.
وعلقت مصادر قضائية مقربة من تيار «المستقبل»، الذي يرأسه الحريري، على ما أثير مؤخراً حول القضية، والدافع وراء طلب وزير الدفاع من زميله وزير العدل الشروع بالتحقيق مع القاضيين الحجار والخطيب على «تقصير لم يرتكباه». وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «غاية هذه الإحالة، الإيحاء بأن الحجار والخطيب المحسوبين على رئيس الحكومة متورطان بقضايا فساد، وليس بعض القضاة المحسوبين على العهد وحدهم في دائرة الشبهة»، مشيرة إلى «تصويب متعمّد على القاضي هاني الحجار بوصفه مستشاراً قانونياً للحريري ومقرباً منه، والغاية من ذلك الردّ على قرار التفتيش القضائي الذي أحال مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس (الذي يحظى بحماية رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، ووزير الدفاع إلياس بو صعب ووزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي) على المجلس التأديبي، بعد التحقيق معه بشبهات وعلاقته بأحد السماسرة الموقوف بأكثر من ملف قضائي».
وتحدثت المصادر عن «خطأ إجرائي ارتكبه جرمانوس». وبرأي المصادر «هناك أشخاص قبضوا أموالاً لإدخال تلامذة ضباط إلى الكلية الحربية، وفي إطار هذه الدعوى رفعت السرية المصرفية عن حسابات الضابط المتقاعد ومدني آخر، لكن جرمانوس لم يضمّ هذا الشقّ إلى الملف الأساسي، وأعدّ ملفاً على حدة، وأحاله إلى مديرية المخابرات في الجيش»، لافتة إلى أنه في 14 تشرين الثاني 2017، أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا قراره الاتهامي في هذا الملف، من دون المطالعة بالأساس ومن دون إنفاذ مطالعة فرعية، وفي اليوم التالي ميّز مفوض الحكومة القرار لكونه خالف القانون، ولم يأخذ بالمطالعة الفرعية التي تطلب ضمّ الملف المالي إلى الملف الأساسي».
كانت محكمة التمييز الجزائية، برئاسة القاضي جوزيف سماحة، سارعت إلى إبطال القرار الاتهامي، وأعادت الملف إلى القاضي أبو غيدا لمتابعة التحقيق أو تكليف قاضٍ آخر، فأحيل الملف على قاضي التحقيق العسكري آلاء الخطيب. وتزامن ذلك مع الاستدعاء الذي تقدّم به الضابط المتقاعد في الأمن العام أمام النيابة العامة التمييزية خلال شهر مارس (آذار) 2018، وطلب فيه حصر الحجز على أمواله بقيمة المبلغ الذي اتهم بقبضه في ملف الكلية الحربية، وهو 100 ألف دولار، في حين أن المبلغ الموجود في حسابه يتجاوز الأربعة ملايين دولار. وأوضحت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»، أن «النيابة العامة أحالت الاستدعاء على قاضي التحقيق العسكري آلاء الخطيب، الذي أجاب عليه بأن الدعوى الموجودة أمامه متعلّقة بصرف نفوذ وتقاضي 100 ألف دولار أميركي من أجل إدخال أشخاص إلى المدرسة الحربية، وأن القضاء العسكري ليس صاحب اختصاص للبت برفع الحجز عن أموال الضابط المذكور والتحقيق بشبهة تبييض الأموال». ولفتت إلى أن الخطيب «أعاد الملف إلى النيابة العامة التمييزية بحسب الاختصاص للشروع بالتحقيق بموضوع تبييض الأموال، خلافاً لما يشاع أن قاضي التحقيق العسكري ومفوض الحكومة المعاون هاني الحجار أغفلا التطرق إلى ملف تبييض الأموال».
في المقابل، استغربت مصادر مقرّبة من وزارة العدل، زجّ اسم وزير العدل بالسجال الدائر في هذه القضية، وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن سرحان «لا يقارب هذا الملف عبر التشفّي والانتقام من هذا القاضي أو ذاك بخلفيات سياسية». ونفت أن وزير العدل أو مصادره «وراء تسريب معلومات عن إحالة القاضيين هاني الحجار وآلاء الخطيب على التفتيش القضائي».
وشددت على أن «همّ وزير العدل هو إبعاد التدخلات السياسية عن العمل القضائي، بدليل نفي سرحان إحالة الحجار والخطيب على التفتيش». لكنّ مصادر مقرّبة من «تيار المستقبل» سألت: «لماذا لم ينف وزير العدل التسريبات عن إحالة القاضيين المذكورين على التفتيش إلا بعد أربعة أيام من نشرها؟»، ورأت أن النفي «جاء بعد نشر المستندات التي تؤكد أن إجراءات القاضيين هاني الحجار وآلاء الخطيب في الملف لا تشوبها شائبة، وأن مخالفة القانون حصلت من قضاة آخرين».
أخبار ذات صلة
محليات
هل يُقال بيطار من منصبه؟
أبرز الأخبار