30-08-2018
محليات
عامر مشموشي
عامر مشموشي
لقد أعلن الرئيس المكلف انه هو الذي يُشكّل حكومته ونقطة على السطر، وأعلن أيضاً انه إذا استمر المعرقلون في عرقلتهم لتأليف الحكومة، سيسميهم بأسمائهم، ونقطة أيضاً على السطر، فما الذي دفع الرئيس الحريري إلى مثل هذا التهديد بعد اتصاله برئيس الجمهورية، والاتفاق معه على عقد اجتماع خلال الأيام القليلة المقبلة لبلورة الصورة النهائية للحكومة العتيدة؟
هل ان الرئيس المكلف توصل إلى قناعة بأن هناك استحالة في التوصّل إلى اتفاق على تشكيل الحكومة التي يريدها، أي حكومة وحدة وطنية تشترك فيها كل المكونات اللبنانية من دون أية استثناءات، وعلى قاعدة التكافؤ والتوازن، وليس على قاعدة الغلبة أو الاستئثار أو الهيمنة، فكان لا بدّ له من ان يُهدّد الذين اوصلوا الأمور إلى الحائط المسدود بأن يكشف عنهم امام الرأي العام اللبناني المتلهف ليرى الحكومة الموعودة قد تشكلت وان ورشة الإصلاح والتغيير قد بدأت فعلاً وليس قولاً، وعندما يرفق تهديده بالقول يكون قد فتح الأبواب على أزمة سياسية طويلة الأمد وحافلة بالمخاطر السياسية والأمنية والاقتصادية وعلى جميع الأوجه، وحتى لا تصل الأمور الى هذا الحد أطلق الرئيس الحريري تحذيره الاستباقي للذين ما زالوا يعرقلون تأليف الحكومة لكي يتراجعوا ويقدموا له التسهيلات الكافية لكي يقلع بحكومته، التي ستكون في ذات الوقت حكومة العهد الأولى التي يعلق عليها الآمال الكبار في انطلاقته الموعودة؟
لكن الأمر، كما أجمعت عدّة مصادر سياسية، لا يتوقف عند هذا الحد، بل يصيب العلاقات بين الرئاستين الأولى والثالثة، ذلك ان الرئيس الحريري وجّه سهامه مباشرة إلى الذين لوحوا بإمكانية سحب التكليف منه، وكان يقصد بذلك رئيس الجمهورية الذي نسبت إليه مصادر سياسية وإعلامية انه لا يمكن ان ينتظر أكثر على الرئيس المكلف لكي ينتهي من تشكيل الحكومة ، وفسر هذا الكلام على انه تلويح من رئيس الجمهورية باتخاذ الإجراءات الدستورية المطلوبة لسحب التكليف من الرئيس الحريري إما بواسطة مجلس النواب أو بقوة الدستور، فجاء الرد من الرئيس الحريري بأنه غير معني بمثل هذا الكلام، وهو مستمر في تحمل مسؤولياته كرئيس مكلف بتشكيل الحكومة، ولا توجد أي مهلة محددة له للعزوف عن التأليف والذهاب بحكومته إلى المجلس النيابي وفق بيان مكتوب لنيل ثقة المجلس على أساس هذا البيان.
من هنا ترى مصادر سياسية ان الأزمة تجاوزت موضوع العقد والعقد المضادة، وتحولت إلى أزمة ثقة بين الرئاستين الأولى والثالثة، وبين الرئاسة الثالثة و”التيار الوطني الحر” الذي لا يزال متمسكاً بشروطه العرقوبية، لا سيما في ما يتعلق بحصة الرئيس القوي التي شدّد عليها مؤخراً رئيس التيار الوزير جبران باسيل ، واعتبر ان لا مساومة عليها مع أحد لأن مناقشات الطائف أتت صراحة على حصة رئيس الجمهورية في الحكومة بمثابة تعويض له عن تقليص صلاحياته، ولأن الرئيس القوي هو الذي يكون قوياً داخل الحكومة، وهذا بالمعنى السياسي ان هناك أزمة عميقة تتعدّى المحاصصة في الحكومة لتتحول إلى أزمة سياسية من دون أي أفق لها، بحيث تفوق تداعياتها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وحتى امنياً، وفق ما ألمحت إليه عدّة جهات معنية بما يجري على الساحة الداخلية تتجاوز بمسافة كبيرة الأزمة الرئاسية التي استمرت أكثر من سنتين، وكانت لها تداعيات كثيرة من بينها شل المؤسسات الدستورية بما فيها مجلس النواب الذي لم يتسنَ له، بفعل هذا الاجتماع، القيام بالمهام التي اناطه بها دستور الطائف.
وتصر المصادر السياسية على ان الكرة الآن ليست في ملعب الرئيس المكلف الذي لا يزال يقوم بواجباته في البحث عن حلول لأزمة تأليف الحكومة بما يرضي ضميره، ولا يجعل فريق يهيمن وحده على السلطة الاجرائية وبالتالي على القرار السياسي في البلاد كما كانت الحكومة في أوّل حكومة شكلها، وإنما يكون داخل الحكومة كونها حكومة وحدة وطنية وتوازن وطني ومشاركة فعلية لكل القوى السياسية على قدم المساواة.
المصادر تختم بأنها لا تتوقع ان يسفر الاجتماع المرتقب بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف عن أية نتائج ملموسة على صعيد تأليف الحكومة، ما دام رئيس الجمهورية أعلن انحيازه للفريق الذي يقوده في هذه المرحلة رئيس “التيار الوطني الحر”.
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
الخطر يداهم الإستحقاق... باريس تتحضّر لتبادر
محليات
جعجع : الثورة مستمرة!
أبرز الأخبار