26-06-2018
مقالات مختارة
احمد عياش
احمد عياش
ربما بدا للبعض أن موقع الرئاسة الثالثة في حالة إنتظار تاركة للعهد أن يخوض معارك التوريث السياسي كيفما شاء وأهم هذه المعارك حالياً تلك التي تدور بين “التيار الوطني الحر” وبين “القوات اللبنانية”. وقد زجّ التيار بكل أسلحته السياسية الى درجة عطّل معها كامل حركة تأليف الحكومة خصوصاً في ظل عجز التيار عن إستمالة الرئيس المكلف الى مربّع تبني حسابات تحجيم تمثيل القوات لمصلحة تضخيم حجم التيار. وخلافاً لكل ما قيل عن لقاء باريس الاخير بين الحريري وباسيل، فإن المعطيات تفيد ان الحريري كان حازماً في إعتماد نهج يعطي “القوات اللبنانية” تمثيلاً يعبّر عن حقيقة تمثيلها النيابي، كما كان حازماً في إعطاء “اللقاء الديموقراطي” كامل حصة التمثيل الدرزي إنطلاقاً من نتائج الانتخابات النيابية أيضا. ولم يخف عن المراقبين ان عون قد تبلّغ من باسيل حصيلة لقاء العاصمة الفرنسية، فاستقر قراره على عدم البت بما حمله الحريري لاحقاً من تشكيلة حكومية، فكان جوابه للرئيس المكلف الذي كرر على مسامع رئيس الجمهورية موقفه الذي تبلّغه باسيل: “سأبلغك بموقفي مساء”. لكن مساء الجمعة مضى ومضت بعده أمسيات ولم يصل الى بيت الوسط جواب قصر بعبدا، ما رجّح مقولة ان باسيل سيقرر جواب الرئاسة الاولى النهائي.
لا تخفي اوساط وزارية واسعة الاطلاع لـ”النهار” ان هناك هوّة عميقة باتت تفصل بين الحريري وباسيل في مقابل إصرار رئيس الحكومة المكلّف على متانة العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية الذي لم يحسم حتى الآن موقعه الوسطي بين مختلف الاطراف بمن فيهم رئيس التيار السياسي التابع له. وتعطي هذه الاوساط مثليْن على ما تقوله: الاول، يتصل بالجدل الذي أثاره وزير الخارجية المكلّف تصريف الاعمال حول عودة النازحين السوريين الى ديارهم عن طريق إثارة نزاع مع المفوضية العليا للاجئين الامر الذي اضطر رئيس حكومة تصريف الاعمال، مباشرة وغير مباشرة، الى التصدي لمن يفترض انه وزير لا صلاحية له التقرير في هذه المسألة. أما المثل الثاني، فتجلّى في المحادثات التي أجرتها المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل في لبنان قبل ايام حيث تولى ممثل باسيل في التيار، وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال سيزار أبي خليل للتقليل من أهمية اقتراح قدمه الرئيس التنفيذي لشركة “سيمنس الالمانية في المحاثات التمهيدية بشأن الكهرباء وإعلانه إستعداد الشركة وخلال ستة أشهر فقط من معالجة القسم الاكبر من معضلة التوزيع التي يتسبب بهدر كبير للطاقة المنتجة. وعندما انضم الحريري وميركل الى المحاثات وسمع من مدير “سيمنس” ما إقترحه قال بالحرف الواحد: “نشكركم على هذا العرض وهذا ما يجب ان نسير الى تنفيذه”.
وتلفت الاوساط الوزارية الانتباه أيضاً الى ان حملات “التيار الوطني الحر” عبر فريق باسيل لم توفر ايضا الرئاسة الثالثة وفي مقدمة هذا الفريق النائب الياس بو صعب ووزير العدل في حكومة تصريف الاعمال سليم جريصاتي. وفي موازاة ذلك، تقول أوساط قريبة من الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط لـ”النهار” ان الاداء السياسي للوزير باسيل تسبب بـ “خصومة لبنانية واسعة مع كل عائلة رئيس الجمهورية”.
أين “حزب الله” من هذه التعقيدات التي تعطّل ولادة الحكومة الجديدة؟ في المعلومات المتوافرة ان الحزب ما زال عند موقفه في الاسراع في ولادة الحكومة كما عبّر عن ذلك بوضوح بالامس نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم. كما تقول المعلومات ان الحزب لا يمانع في ان تحصل “القوات اللبنانية” على تمثيل يعكس حقيقتها النيابية خلافاً للتوجه الحالي لحليفه “التيار الوطني الحر”، الامر الذي يحضّر لمبادرة قريبة جداً من الحزب لتذليل التناقضات تمهيداً لإقلاع سفينة الحكومة الجديدة.
عطفاً على ما سبق لا يبدو ان العهد في وضع مريح في إدارة سفينة ما يصفها “حكومة العهد الاولى” وفق الرياح التي يشتهيها باسيل. انه يبدو حالياً معزولاً على جميع المستويات تقريباً. المنطق يقول ان العهد يجب ان يعود الى مربع الادارة الوسيطة كي يحكم. وفي الانتظار، يبدو الرئيس المكلّف في موقع الذي يقول ان كلمته “راح تمشي” أطال الوقت أم قصر؟
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
الخطر يداهم الإستحقاق... باريس تتحضّر لتبادر
محليات
جعجع : الثورة مستمرة!
أبرز الأخبار