مقالات مختارة
بولا مراد
بولا مراد
قد تبدو المعادلة العونية منطقية ومفهومة تماما خاصة بعد تدهور العلاقة بين قيادتي «أمل» و«الوطني الحر» على خلفية تسريب فيديو وزير الخارجية جبران باسيل وهو يصف بري بـ«البلطجي»، وما استتبع ذلك من حراك في الشارع كاد يتحول لمواجهة طائفية لولا الاستنفار السياسي لاستيعاب التطورات. لكن ما تعتبره مصادر سياسية غير مفهوم، هو اصرار الوزير باسيل على خوض معركة يُدرك أنها خاسرة خاصة بعد اعلان رئيس الحكومة سعد الحريري قبل أيام وبشكل حازم أنّه وتيار «المستقبل» سيصوتان لصالح بري في انتخابات رئاسة المجلس المقبلة. وتضيف المصادر: «بهذا يكون الحريري قطع الطريق تماما على اي سيناريو كان يعول عليه «التيار الوطني الحر» لاسقاط بري، خاصة وان مواقف باقي الفرقاء معروفة تماما من هذا الملف وأبرزهم رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، الحليف الاستراتيجي لبري، كما مواقف «القوات اللبنانية» وتيار «المردة» وبالطبع «حزب الله».
ويستغرب الحزب مجرد الخوض بسجال حول رئاسة البرلمان، وهو يتعاطى مع الأمر على أنه «محسوم وتحصيل حاصل». وتعتبر مصادر مقربة منه ان «لا حاجة لأي من الفرقاء لخوض معركة خاسرة في هذا المجال، وان كان لدى الجميع الحرية المطلقة لاتخاذ القرار الذي يرونه مناسبا»، لافتة الى ان «حزب الله قالها مرارا وتكرارا بالسر وبالعلن لـ«الوطني الحر» أن أولويته المطلقة هي التحالف مع بري، وأنه اذا كان هناك اختلاف بوجهات النظر او حتى خلاف كبير ففي حال لم يتمكن من التوفيق بين حليفيه، سيقف بالنهاية في صف حليفه الشيعي».
واذا كان موقف حزب الله معروفا وينسجم مع سياسته واستراتيجيته العليا، فان حسابات الحريري تختلف تماما، فهو قد اتخذ قرار التصويت لصالح بري وعدم خوض اي مغامرة رغم تدهور العلاقة بين بيت الوسط وعين التينة بشكل غير مسبوق في المرحلة الماضية، لضمان عودته الى رئاسة الحكومة. اذ يُدرك «المستقبل» تماما أن خوض معركة الى جانب «الوطني الحر» برئاسة البرلمان سيعني معركة مقابلة في رئاسة الحكومة، يجد نفسه اليوم بغنى عنها، طالما هو قادر على تأمين شبه تفاهم وطني على عودة الحريري الى السراي الحكومي الصيف المقبل.
ولا شك ان قيادة «الوطني الحر» لن تطلب من الحريري المخاطرة بموقعه لتسجيل نقاط في مرمى بري لذلك ستكتفي بتسجيل موقف، رغم المعلومات عن انقسام حزبي داخلي بين مؤيد للتصويت لبري ومعارض له تماما. وتشير مصادر معنية الى انّه ورغم الاختلاف بوجهات النظر العونية، الا ان القرار محسوم بمحاولة ايصال بري ضعيفا الى سدة البرلمان، وهو قرار ينسجم مع الصراع المتفاقم بين رئيس المجلس ووزير الخارجية.
وقد يكون حزب «الكتائب» الوحيد الذي قد يبحث بامكانية التضامن مع «التيار الوطني» من خلال عدم التصويت لبري، وان كانت خلفيات القرار الكتائبي مغايرة تماما «شكلا ومضمونا» للقرار العوني. وتهزأ مصادر الثنائي الشيعي من هكذا احتمال، متسائلة اذا كان «الكتائب» أصلا قادر على تشكيل كتلة تفوق النواب الـ3، لافتة الى ان «كل محاولات «الوطني الحر» ستنقلب عليه، باعتبار ان الالتفاف الوطني حول بري هو أكبر من أي وقت مضى، فبعدما كان الانقسام في العام 2009 بين 8 و 14 آذار في أوجه ما استدعى تصويت «القوات» و«الكتائب» ونواب مستقلين آخرين بورقة بيضاء، أصبحت الأمور مختلفة اليوم والأرجح انه سينال عدد أصوات هو الأعلى منذ توليه سدة البرلمان في العام 1992.
وكان بري انتخب لولاية خامسة على التوالي في العام 2009 ونال 90 صوتا من أصل إجمالي الحضور البالغ 127 نائبا. واقترع 28 بورقة بيضاء فيما ادرجت ست اوراق اسماء مختلفة واحتسبت ثلاث اوراق ملغاة. وقد صوت نواب «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» لصالح بري رغم ما تردد قبل ساعات من موعد الانتخابات عن امكانية اتخاذ الطرفين قرارا بالتصويت ضده.
وتعتبر مصادر في «التيار الوطني الحر» ان انتخاب بري لولاية سادسة سيساهم بتمديد الوضع القائم وبمواصلة عرقلة مسار العهد الجديد، وان كانت تؤكد ان ما قبل الانتخابات لن يكون كما بعدها ايا كان رئيس البرلمان، مذكرة بما أعلنه رئيس الجمهورية عن ان عهده سينطلق فعليا بعد الاستحقاق النيابي.
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
"أرانب" برِّي بين الحريري وجنبلاط
مقابلات
بري: “مات الصبي”
مقالات مختارة
برِّي على خطى غاندي...
أبرز الأخبار