01-07-2019
مقالات مختارة
عماد مرمل
عماد مرمل
غالب الظن، انّها مسألة وقت قبل ان يتم اسئتناف «العلاقات الدبلوماسية» بين بيت الوسط والمختارة برعاية عين التينة، حيث تفيد المعلومات المتقاطعة، انّ بري قطع شوطاً متقدّماً في جهده التوفيقي، وسط استعداد من الطرفين المعنيين لإنجاح مبادرته التي قد تفضي في نهاية المطاف الى جمع الحريري وجنبلاط تحت مظلته، علماً انّ الزعيم الدرزي موجود حالياً خارج لبنان، ما يعني انّ «لقاء القمة» المحتمل مؤجّل الى حين عودته.
ويبدي جنبلاط حرصاً على التجاوب مع بري قدر الامكان، وهو الذي يرى فيه الصديق وقت الضيق، والضمانة الثابتة في ساحة متحرّكة ومهتزة، لا تصمد فوقها تحالفات او تفاهمات، في كثير من الاحيان.
عندما اشتد الخلاف بين «حزب الله» وجنبلاط أخيراً، تدخّل بري لتبريد الأزمة، واستضاف في عين التينة لقاء ضمّ وفدين من «الحزب» و»الاشتراكي». وحين انفجرت على جبهة «المستقبل»- جنبلاط قبل أيام، تدخّل رئيس المجلس مرة أخرى وأخذ على عاتقه مهمة تطويق مفاعيل الاشتباك المُستجد ومحاولة معالجة اسبابه، حتى لو انّ طرفيه ليسا من الطائفة الشيعية، وقد لا يتفق معهما سياسياً في أوقات كثيرة.
رفض بري ان يكتفي بالتفرّج على أحدث جولات «المصارعة الحرة» بين «المستقبل» و»الاشتراكي»، على رغم من انّ المبارزة كانت تجري خارج «أرضه». ويبدو انّ ما حفّزه على استدعاء «أرانبه» الى الخدمة ليس فقط الود الشخصي الذي يكنّه لجنبلاط او استشعاره بعبثية السجال وانعكاساته السلبية المحتملة على حكومة الحريري في توقيت حساس ومثقل بالملفات الشائكة، بل هناك على الارجح اعتبار آخر يكمن خلف وساطته، ويصح إدراجه في خانة «الحسابات الاستراتيجية» لرئيس المجلس.
ليس خافياً ان بري يُدرك جيداً دقة التوازنات اللبنانية، ويعرف تماماً الكلفة المرتفعة التي ترتبت على ارسائها بعد حرب مدمّرة، وهو الذي كان أصلاً أحد صنّاعها، قبل ان يصبح لاحقاً أحد حماتها. من هنا، يشعر رئيس المجلس انه معني شخصياً بتحصين هذه التوازنات ومعالجة اي خلل قد يصيبها، وبالتالي فهو يتفهم هواجس جنبلاط حيال مظاهر «الجنوح» السياسي والسلطوي لدى البعض خارج ضوابط اتفاق الطائف والدستور.
ولعلّ بري يفترض انّ من شأن ترميم علاقة الحريري- جنبلاط، وفق اسس سياسية واضحة، ان يفيد في حماية قواعد الشراكة والتوازن تحت سقف التمسّك بمقتضيات «الطائف» ورفض اي ثنائيات في السلطة، كتلك التي توحي بها علاقة سعد الحريري- جبران باسيل، ما يعني انّ مردود المصالحة المتوقعة، سيتجاوز في ميزان رئيس المجلس، حدود «المستقبل» و»الاشتراكي» ليشمل المعادلة الاوسع المتصلة بطريقة إدارة السلطة في لبنان.
وضمن سياق متصل، هناك من يلفت الى انّ بري يأخذ في الاعتبار،بأنّ سلوك البعض، الرامي الى فرض توازن جديد، لن يصيب فقط موقع رئاسة الحكومة او حضور جنبلاط في المعادلة الداخلية، بل ربما يؤثر بشكل او بآخر على الدور الشيعي ايضاً، وبالتالي فانّ رئيس المجلس يتحسب مسبقاً لهذا الاحتمال ويسعى الى مواجهة استباقية له، عبر حماسته لتسوية خلاف الحريري- جنبلاط ومنع اي استغلال له لتعديل قواعد اللعبة نحو تكريس التضخم في أدوار معينة على حساب الآخرين.
ويؤكّد مواكبون لهذا الملف، انّ اي مقاربة جذرية للمشكلة المتعددة الطبقات بين الحريري وجنبلاط يجب ان تُعالج الجوانب الآتية:
- الخلاف على طريقة إدارة الامور في البلد، وسط شعور جنبلاط بأنّ الحريري متهاون في صلاحياته، ومتساهل زيادة عن اللزوم مع الوزير جبران باسيل، وهو ما لا يُقرّ به رئيس الحكومة، الذي يعتبر انّ حرصه على استمرار «التسوية الرئاسية» مع «التيار الوطني الحر» لا يعني ضعفاً او تراجعاً امام رئيسه، علماً انّ انصار جنبلاط يعتبرون انّه ليس مطلوباً من الحريري ان يفك التحالف الذي يجمعه بباسيل، لكن عليه كذلك ان يجيد إدارته ويراعي ضرورة التفاهم مع الآخرين وتفهّم مصالحهم.
- الحصار السياسي الذي يشكو منه جنبلاط، مع الاشارة الى انّ القريبين منه أخذوا على رئيس الحكومة في الفترة السابقة انّه حيادي إزاء الضغوط التي يتعرّض لها رئيس «الاشتراكي»، سواء من حلفاء الحريري او من خصومه. وقد أتت زيارة باسيل الى الجبل وما رافقها من تداعيات لتعكس حجم الاحتقان السائد في صفوف أنصار جنبلاط.
- تراكمات التنافس في اقليم الخروب، حيث يلاحظ «الاشتراكيون» انّ «المستقبل» لا يُقدّر أهمية وجودهم التاريخي في المنطقة وحقوقهم فيها، الى درجة انه يهمل خصومه ويتفرّغ للتضييق على من يُفترض ان يكونوا حلفاءه، وفق ما يُنقل عن أوساط مؤيّدة لجنبلاط.
أخبار ذات صلة
محليات
جنبلاط يرفض لقاء لاريجاني
أبرز الأخبار