26-02-2018
محليات
وتشكّل محطة العلولا، أوّل اتصال سعودي – لبناني على هذا المستوى منذ أزمة الاستقالة التي أعلنها الحريري من الرياض في 4 نوفمبر الماضي قبل ان يعود عنها من بيروت في 22 من الشهر نفسه، وما تركتْه من “ندوبٍ” على أكثر من مستوى جاءت لتضاف الى “أصْل المشكلة” المتمثّل في “الغضبة” السعودية – الخليجية على خلفية “الانفلاش” الأمني – العسكري لـ“حزب الله”، بوصْفه الذراع الإيرانية الأبرز، في ساحاتٍ عدة بعضها يهدّد الأمن القومي لدولٍ في مجلس التعاون.
وتكمن الأهمية المضاعفة لزيارة الوفد السعودي، حسب أوساط مطلعة في بيروت، في أنّها ستكون مناسبة لما يشبه “المكاشفة” بين الرياض والحريري حيال مجمل المرحلة الماضية التي جاءت الاستقالة في سياقها وما تلاها، وسط انطباعٍ بأن المملكة التي كادت أن “تنفض يدها” من الملف اللبناني ما زالت تترك “فرصةً” لتدارُك المسار الانحداري في العلاقة بين البلدين ربْطاً بما تعتبره “سقوط لبنان في المحور الإيراني”، وهو ما تحمّل حلفاءها اللبنانيين جزءاً من المسؤولية عنه وما تخشى ان يَتكرّس في الانتخابات النيابية المقبلة.
وفي حين سيلتقي العلولا، الى الحريري، رئيسيْ الجمهورية العماد ميشال عون والبرلمان نبيه بري وعدداً من القادة السياسيين القريبين من المملكة، فإنّ الزيارة تؤكد وفق الأوساط نفسها عدم “إدارة الظهر” للبنان، ويفترض ان تؤسس لمسارٍ تطبيعي يتحدّد ما بعده بحسب ما ستفرزه الانتخابات.
وترى الأوساط ان الزيارة التي ستستمر لأكثر من يوم ستشهد بالتأكيد محاولةً سعودية لحضّ الحريري وحلفائه “السابقين”، وخصوصاً الذين حصل افتراق معهم إبان أزمة الاستقالة، على الانخراط في تحالفاتٍ انتخابية معاً أو أقلّه إدارة المعركة بتفاهماتٍ لا تفضي إلى ان يُضعِف أحدهم الآخر أو “يأكل من صحنه”، وفي الوقت نفسه إعادة الاعتبار للبُعد الاستراتيجي للاستحقاق الانتخابي بما يحقق التوازن مع “حزب الله” الساعي الى جعل صناديق الاقتراع استفتاءً على خياراته ومدْخلاً للإمساك بمَفاصل السلطة عبر القبض على “الثلث المعطّل” في البرلمان المقبل (من دون التيار الوطني الحر) بما يمنحه القدرة على التحكّم بمفاتيح استحقاقاتٍ مفصلية مثل الانتخابات الرئاسية.
وإذ تتوقّف الأوساط عيْنها عند حصول الزيارة مع بدء الاستعدادات لجولةٍ خليجية يعتزم الحريري القيام بها في سياق حشْد الدعم للمؤتمرات الدولية الثلاثة المقرَّرة للبنان في كل من روما (لدعم الجيش) منتصف مارس، وباريس (لدعم الاسثتمار) في 6 نيسان، وبروكسيل (لتعزيز قدرة لبنان على تَحمُّل عبء النازحين) أواخر نيسان، فإنها ترجّح ان تكون الرياض فاتحة هذه الجولة ولا سيما ان المملكة والإمارات أطلقتا إشاراتٍ غير معلنة الى عدم الحماسة لمشاركةٍ فاعلة في المؤتمرات ربْطاً بالموقف من “حزب الله” والاقتناع بأن “الخيط الفاصل” بين الأخير ولبنان الرسمي بات رفيعاً جداً في ظلّ تَحوُّل الحاجة الى صون الاستقرار ورقةً بيد الحزب لمزيد من “قضم” التسوية السياسية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي وذلك بما يخدم أجندته الخارجية و”القبض” على الواقع اللبناني.
واذ يصعب التكهّن من الآن بما يمكن أن تفضي إليه محادثات العلولا وتأثيراتها المحتملة على مسار التحضيرات للانتخابات النيابية وتحالفاتها، فإن الأوساط المطلعة ترى أن “حزب الله” بات متقدّماً على الجميع بخطواتٍ في السباق الانتخابي، هو الذي حَسَم مرشّحيه تحت عنوان التحالف الثابت مع شريكته في الثنائية الشيعية حركة “أمل” في مناطق ثقلهما في موازاة تحالفاتٍ في دوائر أخرى تنتظر بتّ حلفائه “حساباتهم”، فيما فرَضَ على خصومه المفترضين “قواعد اللعبة” في دوائرهم عبر تبني ودعْم مرشّحين محدَّدين.
كما أن “حزب الله” اندفع في الأيام الأخيرة وعلى أعلى مستوى في اتجاه تظهير البُعد الاستراتيجي للانتخابات النيابية بعدما كان وبلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله أعلن ان “معركتنا ليست مع أحد”، لافتاً الى عدم وجود اصطفافيْن سياسييْن يخوضان الاستحقاق، في إشارة الى اندثار اصطفاف “8 و14 آذار”.
وعَمَد نصرالله نفسه في إطلالته أول من أمس الى إطلاق عملية تحفيز جمهوره على التصويت للوائحه ولا سيما في بعلبك – الهرمل على قاعدة ان “هناك تآمراً على المقاومة اليوم أكثر من أي وقت”، متوجّهاً الى هذا الجمهور “لتحمي دم ابنك وإنجاز دماء أبنائنا وشهدائنا التي هي المقاومة واستمرارية المقاومة وقوة المقاومة أيضاً، أنت أوْلى أن تعطي صوتك لتحميها”، سائلاً “هل نوصل أناساً يسلّمون البلد للاميركيين، ويسلمون مثلا آبار النفط للاسرائيلي، ويتسامحون بحدودنا ويتآمرون على مقاومتناً مثلاً”؟
وتحدث عن اجتماعاتٍ في سفارات بهدف تشكيل لوائح وتأمين الدعم المالي لها بوجه “حزب الله”، معتبراً أن “كل عنوان المعركة الانتخابية المقبلة عند الأميركيين والسعوديين وعند بعض القوى السياسية وآخرين، أن العين هي بالتحديد على حزب الله بهذه الانتخابات”.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار