10-07-2024
محليات
أتمنى الموت"، تقول أمّ خطاب، وهي لاجئة سورية تعيش في خيمة واهية على طول الحدود الشمالية الشرقية للبنان منذ سنوات. "نحن نعيش في قلق ورعب دائمَيْن. وأصبح الموت أرحم من العيش هنا".
تعكس كلماتها الواقع الصارخ الذي يواجهه عشرات الآلاف من اللاجئين في الهرمل والقاع وعرسال، حيث تنتشر في تلك البيئة القاحلة المخيمات المؤقتة المصنوعة من القماش المشمع والخِرق. وتوفر هذه الملاجئ الهشة القليل من الحماية ضد العناصر القاسية، وحماية شبه معدومة من الموجات المتزايدة للمشاعر المعادية للاجئين في لبنان. يحاصَر اللاجئون في مساحات غير مناسبة ذات أرضيات ترابية، ويواجهون يوميًا الخوف من نقاط التفتيش الأمنية والتوترات المحلية. هكذا يبدأ أحدث تقريرٍ لمنظمة "أطباء بلا حدود" العاملة في لبنان، التي أكدت أنّه ومنذ نيسان الفائت، كثّف لبنان المداهمات والإجراءات الأمنيّة لمعالجة قضية الأفراد غير المسجلين (أي من التابعية السّوريّة).
وشمل التقرير شهادات حيّة للاجئين سوريين، عانوا من تبعات هذه الحملات. المساعدة الطبية صعبة وقالت المنظمة، أن المرضى السّوريين الذين يبحثون عن الرعاية الصحيّة في عيادات "أطباء بلا حدود" في محافظة بعلبك الهرمل، يواجهون عوائق متزايدة بسبب المخاوف والقيود المفروضة على حركتهم. وبالنسبة للكثير من اللاجئين في المحافظة، أصبح قرار طلب المساعدة الطبيّة الآن محفوفًا بالخوف. وأضاف: خلال هذه الحملات الأمنيّة، غالبًا ما يُقبَض على المواطنين السّورييّن حاملي المستندات منتهية الصلاحية عند نقاط التفتيش ويُرحَّلون قسرًا إلى سوريا، وعادةً من دون أن تتاح لهم فرصة الاتصال بأسرهم في لبنان. ولجأ مرضى آخرون يعانون من أمراض مزمنة إلى تقنين الأدوية أو التوقف عن تناولها نهائيًا، خوفًا من مغادرة خيمتهم للحصول عليها.
وأشار فريق الرصد الميدانيّ التابع للمنظمة، أنّه وعندما يسترجع اللاجئون ذكريات الماضي، غالبًا ما يروون أحداث الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى لبنان بكلمات مماثلة، فيصفون فرارهم من الدمار حاملين الملابس التي تغطي أجسادهم فقط وعثورهم على الأمل في البقاء على قيد الحياة في تلال لبنان. واستطرد التقرير: "في البداية، رحب بهم المجتمع المضيف بحرارة، لكن الأوضاع تدهورت منذ ذلك الحين وسط الانهيار الاقتصادي في لبنان. ومع ذلك، بينما يرزح لبنان تحت وطأة عامه الخامس من الأزمة الاقتصادية الحادّة، أصبح اللبنانيون في جميع أنحاء البلاد حاليًا أقل تقبلًا للاجئين السوريين. وأجبرت الصعوبات الاقتصادية، التي تفاقمت بسبب الخوف من الحركة، اللاجئين على الاختيار الصعب بين سلامتهم وصحتهم. وحاليًا، تأتي صحتهم النفسية في أسفل قائمة أولويات اللاجئين".
"ها هم قادمون!" وتابع: "إنّ الخسائر الجسدية والنفسية التي يتحملها اللاجئون نتيجة هذا الوضع هائلة". وفي هذا السياق يقول لاجئ للمنظمة، "أملنا الرئيسي هو العيش بأمان وعدم استدعائنا من قبل قوات الأمن. إنّ الخوف هو السبب الرئيسي لمعاناتنا هنا". هذا الخوف المنتشر "ليس عائقًا أمام الرعاية الصحية فحسب، بل هو رفيق دائم في حياتهم اليومية". تقول أمّ خطاب التي تعاني من انهيارات عصبية منذ ترحيل ابنها أواخر عام 2023، "نعيش في قلق ورعب دائمَيْن. لا أستطيع حتى النوم بسبب هذه الحملات الأمنية وخوفي على أطفالي. وتتسارع دقات قلوب أطفالنا بسبب الخوف والقلق خلال هذه الحملات، ولا نسمع إلّا عبارة ها هم قادمون! أحاول مواساة أطفالي، ولكن في قرارة نفسي أشعر بالخوف أكثر منهم".
وأكدّت المنظمة أن الحرب السّوريّة التي انطلقت شرارتها عام 2011 أدت إلى دمار وعنف واسع النطاق، ونزوح ملايين الأشخاص إلى الدول المجاورة مثل لبنان وتركيا والأردن وخارجها. وأدى عدم الاستقرار الدائم إلى جعل سوريا مكانًا غير آمن بالنسبة للكثيرين، ممّا صعّب عليهم العودة إلى وطنهم. ويواجه اللاجئون السوريون الذين يبحثون عن الرعاية الصحية في شمال شرق لبنان عقبات متزايدة بسبب المخاوف والقيود المفروضة على حركتهم.
وأوصت أنّه لا ينبغي أن يعيق الخوف أو الترهيب وصول المجتمعات المستضعفة إلى الرعاية الصحية. ولا ينبغي على المرضى أيضًا الاختيار بين سلامتهم وطلب المساعدة الطبية.
أخبار ذات صلة