11-03-2024
مقالات مختارة
|
نداء الوطن
أطلقت وزارة الداخلية والبلديات، خلال الأسبوع الماضي، خريطة طريق لتنظيم الوضع القانوني للنازحين السوريين وآلية عودتهم، في مقرّ المديرية العامة للأمن العام. تتعدّد الخطط والنتيجة واحدة حتى الآن: توسُّع انتشار السوريين من نازحين سياسيين أو اقتصاديين، متسلّلين، مقيمين شرعيين... في مختلف المناطق اللبنانية، وتوظيفهم في قطاعات عمل كثيرة، وتملّكهم واستئجارهم منازل ومحال تجارية بطريقة غير قانونية في معظم الحالات.
لذلك، وبعد عدم تبيان نتيجة ملموسة للتعاميم السابقة التي أصدرها وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، والتي أساسها البلديات، تُنتظر نتيجة عمل المديرية العامة للأمن العام على ملف النزوح السوري، بعدما تسلّمت «داتا» النازحين من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، والتي تشمل نحو مليون و486 ألف نازح من دون تصنيفٍ أو تحديد لتاريخ التسجيل أو الدخول الى لبنان، ما يُعقّد تحديد الوضع القانوني لهؤلاء، بحسب ما كشف المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري. تكمن أهمية تسليم هذا الملف إلى الأمن العام، بحسب جهات متابعة لملف النزوح، في أنّ المديرية بدورها القانوني مسؤولة عن الدخول الى لبنان والخروج منه، عبر المعابر البرية والبحرية والجوية. كذلك من واجبات الأمن العام، مع الجيش منع التسلّل عبر الحدود الى لبنان، وترحيل من لا يحوز الأوراق القانونية والإقامة الشرعية داخل الأراضي اللبنانية. وتكمن أهمية البيانات والمعلومات التي تسلّمها الأمن العام من الـUNHCR في أنّه بات قادراً على إجراء مطابقة ومقارنة بين هذه الداتا وبين المعلومات التي يملكها الأمن العام انطلاقاً من عمله. بذلك، يُمكن أن يحدّد الأمن العام السوريين المُسجّلين كنازحين والذين يتحرّكون في الوقت نفسه ذهاباً وإياباً من لبنان الى سوريا، وأن يجري التدقيق في الأبعاد القانونية للسوري الموجود في لبنان، وبالتالي تحديد من تسقط عنه صفة النزوح ويجب ترحيله الى بلده.
بالتوازي، هناك أهمية للعمل الديبلوماسي وتشكيل قوة ضغط خارجية مساندة للبنان في هذا الملف. وهذا ما فشلت فيه الحكومات المتعاقبة. لكن يبرز أخيراً عمل ديبلوماسي مكثف مع الأوروبيين تحديداً، الذين يتعاطون مع هذا الملف من منظار واحد. النائب سيمون أبي رميا (رئيس لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية – الفرنسية وعضو لجنة الصداقة اللبنانية – الأوروبية) دأب على زيارة باريس وستراسبورغ للاجتماع بأصحاب قرار ونواب فرنسيين وأوروبيين ووضعهم في حقيقة النزوح السوري الى لبنان بالأرقام. ولكي لا يتعامل هؤلاء المسؤولون الغربيون مع هذه الخطوة على أنّها متأتية عن فئة أو حزب في لبنان، حصل اتفاق بين أبي رميا ورئيس مجلس النواب نبيه بري على تشكيل وفد لزيارة البرلمان الأوروبي وإبلاغه بأنّ هذا موقف لبناني واحد تتوافق عليه المكونات اللبنانية النيابية والسياسية كلّها. وتحققت زيارة هذا الوفد النيابي لبروكسل، خلال شباط الماضي، حيث اجتمع بأصحاب القرار على مستوى البرلمان الأوروبي وفي الاتحاد الأوروبي، إضافةً الى مسؤولين في وزارة الخارجية البلجيكية.
المقاربة الأوروبية لملف النزوح تقوم على بُعدين، بحسب ما يقول أبي رميا لـ»نداء الوطن»: الأول إنساني بحيث يعتبرون أنّ النازحين معارضون هربوا من الحرب والاضطهاد في سوريا، والثاني قانوني إذ إنّ هؤلاء السوريين نزحوا الى لبنان وهناك اتفاقية للأمم المتحدة عام 1951 خاصة بوضع اللاجئين، باتوا يساعدون النازحين على أساسها، لتأمين حياتهم اليومية الكريمة. ويشير الى أنّ «كثيراً من النواب الأوروبيين غير سلبيين تجاه لبنان بل يحبون البلد، غير أنّهم لا يعلمون دقة موضوع النزوح السوري وأهميته وخطورته، ولا يأخذون في الاعتبار التداعيات السلبية لهذا النزوح على لبنان على المستويات الأمنية والاقتصادية وعلى الكيان والهوية اللبنانية. وهنا تكمن أهمية ما نقوم به».
الوفد اللبناني شرح للنواب الأوروبيين أنّ «العودة الطوعية والآمنة التي يتمسّكون بها تقضي على لبنان، لأنها دعوة الى بقائهم ودمجهم تدريجياً بالمجتمع اللبناني. كذلك وضعهم في صورة هذا الملف وتداعياته بالأرقام والتفاصيل. ويلفت ابي رميا الى «أنّنا اكتشفنا خلال اللقاءات، أنّ مفوضية اللاجئين لديها مكتب في سوريا وتساعد من يعيشون في حالة عوز وفقر هناك، وكان طلبنا الأساس أنّه بدلاً من مساعدة النازحين في لبنان، والتي تُعتبر دعوة للسوريين الى ربح الأموال هنا، يجب إرسال هذه الأموال الى سوريا ومساعدة السوريين في بلدهم، فبهذه الطريقة تعيدونهم الى بلدهم من جهة وتزيحون هذا العبء عن لبنان».
يبدو أنّ زيارة الوفد النيابي اللبناني للبرلمان الأوروبي بدأت تثمر، أقلّه لجهة إبداء اهتمام أوروبي بالملف، بحيث زار النائب في البرلمان الاوروبي جيوفروي ديدييه لبنان خلال هذا الأسبوع، واجتمع برئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية النائب فادي علامة وابي رميا، وبحث معهما في موضوع النازحين السوريين في لبنان ومساهمة البرلمان الاوروبي في عودتهم الى بلادهم. ويعتبر ابي رميا أنّ زيارة ديدييه للبنان إشارة أوروبية إيجابية لجهة أنّ هناك اهتماماً بمتابعة موضوع النزوح. ويلفت الى متابعة التواصل مع أكثر من نائب أوروبي و»وضعهم في تفاصيل التفاصيل» حول النزوح. ويرى ابي رميا، أنّ هناك بداية تفهّم من نواب أوروبيين لموقف لبنان، قد تُترجم مستقبلاً في التصويت على قرارات في البرلمان الأوروبي متعلّقة بملف النزوح. فالأساس خلق قوة ضغط من قبل نواب أوروبيين لصالح لبنان.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار