13-02-2024
مقالات مختارة
في زمن الصوم، يعيش الموارنة تجربة روحانية عميقة تجسد نظرتهم الفريدة للدولة الضامنة لحرية المعتقد، وتعكس صلابة إيمانهم وعمق عقيدتهم في بناء وطن يسوده التعايش والشراكة بين جميع طوائفه. هذه الفترة، التي تُعلي قيم الزهد والتأمل، تتجاوز كونها ممارسة للامتناع عن الطعام، لتُصبح تأكيداً على التزامهم الراسخ بمبادئ الإيمان المسيحي الباحث عن الخلاص، التقرب إلى الله، واحترام الآخر.
في لبنان، حيث يشكل التنوع الديني والثقافي جوهر الهوية الوطنية، يبرز زمن الصوم كشهادة حية على الحياة المشتركة والاحترام المتبادل بين مختلف الطوائف. هذه الفترة الروحية تعمق الإدراك بأهمية حرية العقيدة كحق أساسي لكل إنسان، معززةً بذلك النسيج الاجتماعي ومؤسسات الدولة التي ترتكز على العدالة والمساواة.
الصوم، بتشديده على النقاء الروحي والتجرد، يحث الجميع على التأمل في معاني الحياة وواجباتهم تجاه بعضهم البعض، خاصةً تجاه الفئات الأقل حظّاً. هذا الجانب الاجتماعي للصوم يرتبط بقوة بفكرة الدولة كمجتمع يسعى نحو الخير العام، مؤكداً أن الإيمان الحقيقي يجب أن يتضمن العمل على الرحمة والعدالة.
في هذا الإطار، يصبح الصوم مثالاً حيّاً على كيفية إسهام الإيمان بإيجابية في الحياة العامة، مقوّياً أواصر الوحدة والتضامن بين مختلف أطياف المجتمع. ويدعونا إلى احترام حرية الآخرين في ممارسة معتقداتهم وإلى تقدير القيم الإنسانية المشتركة التي توحدنا كأُمّة.
بالتالي، يقدم المسيحيون خلال زمن الصوم درساً مهمّاً في الحياة، مؤكدين أن الإيمان، الحرية، والمواطنة يمكن أن تتعايش بانسجام، ليُشكلوا معاً أساس لبنان الذي يُعلي من قيم التنوع ويحترم كرامة الإنسان.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار