06-01-2024
صحف
|
اللواء
انقضى الاسبوع الاول من الشهر الاول في السنة الجديدة على الحرب التي باتت بحكم المفتوحة في الجنوب، عطفاً على حرب غزة التي اعلنتها تل ابيب في 7 ت1 الماضي، والتي حوّلت القطاع الى دمار وخراب، ولم يبقَ فيه الا صمود اهله، وقدرة مقاومته على مطاردة جنود الاحتلال وضباطه في طول قطاع غزة وعرضه من شماله الى جنوبه.
ومع هذه الحرب في عناوينها الكبرى، الآخذة في التبلور، تتراجع الاهتمامات بالملفات المحلية، باستثناء ما هو داهم منها، كملف النفايات، او استحقاقات المتقاعدين والموظفين، وسوى ذلك من الخلافات المالية بين الحكومة ولجنة المال النيابية، مع تسجيل تطور ايجابي، تربوياً، باعلان المدارس الكاثوليكية العودة الى التدريس مع انتهاء العطلة المدرسية الاثنين المقبل.
وفي ما يشبه جردة حسابات حول العمليات المستمرة منذ ثلاثة اشهر، وعلى امتداد جبهة واكثر من 100 كلم، كشف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن خسائر الاحتلال، والنتائج التي تحققت لجهة جعل تحرير الارض الجنوبية من المحتلة، ممكنا من النقطة «OMEB» حتى الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
ثلاث رسائل هامة تتعلق بالداخل اللبناني في كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، أمس في تأبين القيادي في الحزب محمد ياغي. واحدة سياسية داخلية، واثنتان تجمعان البعدين السياسي والعسكري.
أولا للتذكير هي الكلمة الرابعة لنصر الله منذ بدء معركة طوفان الأقصى، وهو بنى في خطابه، أمس، على كلمته السابقة له الأربعاء الماضي، مع فارق انه لجأ هذه المرة إلى الإستفاضة في "الشرح" وإيراد الوقائع لخسائر العدو وصولا إلى التحليل واستشراف ما هو مقبل، وهذا المقبل ما زال غامضا لنصر الله وللحزب كما للإسرائيليين أنفسهم وكل من هو في المعركة.
في الرسائل أولى داخلية سياسية تتعلق باستبعاد قرب الحل الرئاسي رغم كل ما قيل مع "تمديد" واقع قائد الجيش جوزف عون على رأس المؤسسة العسكرية. فالوقت ليس لهذا الملف الذي قد تفعل حرب غزة ومفاعيلها في تحديد مستقبله، أو هكذا يريد البعض في لبنان عبر ربط ملف الرئاسة بتطورات الإقليم.
لذا مرّ نصر الله سريعا جدا على موضوع الرئاسة باعتباره ليس أولوية الآن. وهو بالفعل كذلك، مع فارق انه مهما كانت نتيجة الحرب على غزة فإنها لن تكون مفصلية في كل الاحوال على الصعيد الرئاسي كون موازين القوى الداخلية لن تتغير وسيبقى أي مرشح غير توافقي أعجز من الوصول إلى الرئاسة، لا سيما مرشح محور الممانعة سليمان فرنجية، اقله في ظل الموازين الحالية وهو ما كان على هذا المحور أن يعيه منذ البدء مع ترشيح فرنجية قبل نحو عام..
الرسالة الثانية كانت مرتبطة بحدث اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري.
خرج نصر الله عن سردية الاحتفاظ بحق الرد "في المكان المناسب وفي الوقت المناسب". وهي سردية عربية تاريخية استُعملت في الواقع تاريخيا للتهرب من مسؤولية الرد على الاعتداءات الإسرائيلية، وفي ذلك ربط نصر الله الرد بالميدان. وهذا يعني بأن الرد، غير المعرّف عسكريا، قد يأتي في أية لحظة مؤاتية في الميدان وحتى ربما لن يكون في الميدان اللبناني وحده..
الواقع ان كثيرين افترضوا ان "حزب الله" سيوجه صواريخه فورا نحو العمق الإسرائيلي بعد قليل على اغتيال العاروري. لكنهم بدوا قاصرين عن فهم المنطق الذي يعمل به الحزب في رؤيته، كون عملية امنية عسكرية بالغة الخطورة، ذات بعد فلسطيني سياسي من ناحية وجغرافي لبنان في قلب الضاحية الجنوبية من ناحية موازية، تحمل بما تحمل أبعادا امنية وعسكرية، لن يكون التسليم بها حسب الحزب، وهي شبيهة بدلالاتها بعمليات اغتيال قياديين في الحزب مثل مغنية ومصطفى بدر الدين وغيرهما مع فارق انها المرة الاولى منذ العام 2006 التي يضرب فيها الإسرائيلي في قلب الضاحية، بمعنى آخر بيروت وهذا خرق كبير وخطير..
وبذلك أراد نصر الله تأكيد عدم توسيع الجبهة كما عدم تصعيدها والإلتزام بالانخراط العسكري الحالي للحزب بما يتخطى المناوشات العسكرية وبما يقل عن الحرب الشاملة. وهذا معروف لدى أقطاب محور وحدة الساحات وعلى رأسهم "حماس" بكل تلاوينها لا سيما جناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام".
لذلك لجأ الأمين العام لـ"حزب الله" إلى سرد وشرح ماهية العمليات التي قام بها الحزب لمساندة جبهة غزة مع باقي الجبهات في شكل تكاملي، لرفع المظلومية عن الجبهة الجنوبية وتأكيد فاعليتها ليس فقط عسكريا بل اقتصاديا وعلى الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وهو بذلك أراد التأكيد على ما قاله في المرة السابقة من ان الحزب غير مردوع وان توسيع الجبهة من ناحية الاسرائيلي تحت الضغط الشعبي سيذهب اهل الشمال ضحيته لا بل انهم سيكونون أول الدافعين لثمنه.. وكان بهذا مباشرا في الاعلان ان الضغط موجه إلى حكومة العدو بمقدار ما هو موجه لإيقاف الحرب.
البعد الثالث اللبناني، يتعلق بالفرصة التي وفرتها "الحرب" في الجبهة الجنوبية لناحية تحرير ما تبقى من أرض لبنانية من أقصى الغرب حتى الشرق.
قد يحمل كلام نصر الله هنا الكثير من المعاني لكنه موجه في الدرجة الاولى نحو المفاوض الاميركي لناحيتين: أولا ان لا مفاوضات تحت اي عنوان قبل وقف ما يجري من عدوان، وبالتالي ما يجري جنوبا مرتبط بالعدوان على غزة وعندما تتوقف الحرب هناك يمكن الولوج بمفاوضات حول لبنان. ثانيا كان ذلك (وربما غيره) استباقا لجولة المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين وكل ما يحمله في جعبته واستباقا لكل محاولة لفرض قواعد جديدة على القرار 1701 الذي كانت إسرائيل الخارق الأول والمستديم له.
في خلاصة ما يهم الجمهور اللبناني متعدد الأطياف في حديث نصر الله، أن الاخير مارس فعل التأكيد على ما أدلى به الاربعاء الماضي لناحية جدوى ورقعة الحرب مع توفير الهامش لكل جبهة أخرى، اي ضبط النفس واللهجة، ومن شأن ذلك ان يطمئن الداخل، لكن مع تحضير الداخل نفسه من ان الجنون الاسرائيلي سيدفع بالحزب إلى الذهاب بالمعادلات نحو النهاية إذا ما "فُرضت الحرب" على لبنان. وهو ما أكده الامين العام للحزب بالمعنى العام وإن كان لم يلجأ إليه مباشرة كما فعل في ذكرى قائد لواء القدس قاسم سليماني قبل أيام.
وإذا لم تحصل مفاجأة فإن الرسالة الإعلامية المقبلة ستكون في أواسط شهر شباط المقبل مع الموعد السنوي لشهداء الحزب السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب وعماد مغنية.
وفي الوضع الميداني على الحدود قال نصرالله « على امتداد أكثر من 100 كلم وما يزيد عن 90 يومًا تمّ استهداف كلّ المواقع الحدودية المعادية وعدد كبير من المواقع الخلفية والمستعمرات ردًا على الاعتداءات على المدنيين. تابع: حزب الله نفّذ ما يزيد على 670 عمليةً في خلال 3 أشهر وتم إستهداف 48 موقعاً حدودياً أكثر من مرة. اردف: في كيان العدو الخبراء يقولون إن عدد القتلى الحقيقي هو ثلاثة أضعاف ما يعلنه الجيش وهو مجبور على التكتّم لكي لا يذهب الى حرب يعرف أنها صعبة جداً. اضاف: من سأل عن الفائدة لفتح الجبهة الجنوبية أقول أن هدف هذه الجبهة امران الاول الضغط على حكومة العدو من أجل وقف العدوان على غزة كما حصل في باقي الجبهات منها العراق واليمن والهدف الثاني تخفيف الضغط عن المقاومة في غزة ميدانياً، كاشفا الى انه عندما «اضطر العدو الى سحب الفرق في الأعياد جاء بفرق من غزة وليس من الجبهة الشمالية».
وقرأت مصادر سياسية في الاطلالة التلفزيونية الثانية للامين العام لحزب الله للسيد حسن نصرالله خلال ثلاثة أيام فقط، مطالعة دفاعية لتفرد الحزب باشعال الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، تحت عناوين التضامن مع غزّة واشغال قسم كبير من قوات الاحتلال الاسرائيلي عن المشاركة بالحرب ضد الشعب الفلسطيني، وتهجير سكان المستوطنات الإسرائيليين الى خارج المنطقة، مفندا حجم الخسائر التي تسبب بها تدخل الحزب العسكري بالأرقام والوقائع التي يخفي معظمها العدو الاسرائيلي حسب قوله، وفي المقابل تجاهل نصر الله وجود الدولة اللبنانية بالكامل، او اراء معظم الشعب اللبناني الرافض لهذه العملية الخطيرة وتداعياتها المأساوية التي تسببت بها، لجهة الخسائر الكبيرة بأرواح المقاومين الذين استشهدوا جراء الاشتباكات الدائرة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، او الخسائر بصفوف المدنيين وتهجير قسم كبير منهم من مساكنهم واراضهيم والضرر التي تسببت بها القنابل الفسفورية بالبساتين والإحراج والممتلكات، والدورة الاقتصادية والمالية بالبلاد عموما.
ووصفت المصادر كلام الامين العام لحزب الله حاول، ان الرد على جريمة اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري ورفيقيه لن تمر وستكون بالميدان، بالعبارة المطاطة التي تخرج عن السياق التقليدي لدول محور الممانعة، بالرد في المكان والزمان المناسبين، وتحمل في طياتها اكثر من تفسير، وان كانت بمجملها تصب في خانة استيعاب تداعيات الجريمة وتهدئة مشاعر متهورة واستيعاب منتقدي الاختراق الامني الاسرائيلي للمربع الامني للحزب، باعتبار ان امكانيات الرد الفوري محدودة او غير ممكنة حاليا.
واعتبرت المصادر ان خلاصة قول نصرالله ان مايحصل يشكل فرصة تاريخية لتحرير كل شبر من الاراضي اللبنانية المحتلة ووقف التدخلات والتهديدات الإسرائيلية ضد لبنان، بأنه يفتح باب المفاوضات السلمية مع إسرائيل بعد بلوغ الوضع الحائط المسدود بالاشتباكات الدائرة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، ويشكل محاولة لاستيعاب نقمة الرافضين للمواجهة العسكرية مع إسرائيل والتخفيف من حدة التهديدات الإسرائيلية بانزلاق الوضع نحو حرب شاملة ،في حين يعلم القاصي والداني ان لبنان تبلغ خلال الزيارة الاخيرة للمستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، مقترحات إسرائيلية لحل مشكلة النقاط المختلف عليها لترسيم الحدود، باستثناء النقطة b1 على رأس الناقورة التي ماتزال تعترض التوصل إلى اتفاق شامل للترسيم.
وإزاء المواقف المعلنة ارجأ اموس هوكشتاين زيارته الى بيروت.
جدول بوريل
والوضع برمته، سياسياً وجنوبياً، وعلى مستوى المنطقة، سيكون على جدول محادثات بعثة الاتحاد الاوروبي الى لبنان برئاسة جوزيب بوريل، والمقررة بين 5ك2 و7ك2 (امس الجمعة الى الاحد).
واعلنت البعثة ان بوريل سيلتقي «رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزاف عون. وسيجتمع أيضاً مع قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) اللواء أرولدو لاثارو». وأوضحت أن الزيارة «ستشكل مناسبة لمناقشة جميع جوانب الوضع في غزة وحولها، بما في ذلك تأثيره على المنطقة، ولاسيما الوضع على الحدود الجنوبية، فضلاً عن أهمية تجنب التصعيد الإقليمي واستمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، والتي رفعها الاتحاد الأوروبي أربع مرات لتصل إلى 100 مليون يورو».
وقالت: «سيعيد الممثل الأعلى التأكيد على ضرورة دفع الجهود الدبلوماسية مع المسؤولين الإقليميين بغية تهيئة الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين وفي المنطقة».
المجلس العسكري تفاهم بين سليم وعون
سياسياً، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الاتصالات التي تنطلق بهدف بت تعيينات المجلس العسكري ورئيس الأركان في الجيش اللبناني داخل الحكومة ليس مضمونا أنها ستتمكن من النجاح في حسم الملف لاسيما أن هذه التعيينات وفق ما هو متعارف عليه في القانون تحتاج إلى تفاهم بين وزير الدفاع وقائد الجيش، فضلا عن أن إشكالية حسم مجلس الوزراء الذي يصرف الأعمال تعيينات أمنية أو غيرها. ورأت هذه المصادر أنه بغض النظر عن تصنيفها بين الأهمية أو الأكثر اهمية فإن بعض الأفرقاء لاسيما الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يوفد نوابه من أجل التواصل مع المعنيين وتحريك الملف انطلاقا من ضرورته، مشيرة إلى أن خطوة التمديد لقائد الجيش والتي جنبت خضة في المؤسسة العسكرية يراهن عليها أن تنسحب في توافق غالبية الأفرقاء على التعيين.
وأعلنت أنه لا بد من التأكد من موقف التيار الوطني الحر الذي سبق ونقل عنه عدم ممانعته في التعيين إنما قبل التمديد لقائد الجيش.
ميدانياً، لم يتوقف العدوان الاسرائيلي على القرى والبلدات اللبنانية حيث واصل استهداف المنازل بشكل تصعيدي ادى الى تدمير الكثير من المنازل والاضرار الاخرى، وردت المقاومة باستهداف مواقعه كافة وتحقيق اصابات مباشرة، كما شيعت شهداءها الذين سقطوا بفعل العدوان في اليومين الماضيين.
واستهدف القصف المدفعي الإسرائيلي المعادي صباح امسبلدة عيترون وأطراف بلدة يارون.
كماشنت الطائرات الحربية الاسرائيلية المعادية غارتين بين بلدتي شيحين ومجدل زون.
بدورها، واصلت المقاومة استهداف جنود الاحتلال، في موقع المرج عند الحدود الجنوبية.
واعلنت المقاومة الاسلامية مساء استهداف بركة ريشا بصواريخ بركان، وحققت اصابات مباشرة.
واعتبر وزير الدفاع غالانت خلال زيارة الجهة الجنوبية ان اسرائيل تعطل الحل السياسي على العسكريين ولكن ساعة الصفر باتت تقترب.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار