05-01-2024
صحف
كتبت صحيفة "الديار": دخل لبنان والمنطقة مرحلة «حبس الانفاس» بانتظار ما ستؤول اليه التطورات الامنية والعسكرية المتسارعة على خلفية المحاولات الاسرائيلية- والاميركية تعديل «قواعد الاشتباك»
عبر تفعيل سياسة الاغتيالات على امتداد الجبهات المفتوحة على كل الاحتمالات منذ السابع من تشرين الاول. واذا كانت واشنطن تسعى الى استعادة «الهيبة» بعد تعرض قواعدها لمئات الهجمات، بينما تحاول اسرائيل الهروب من مازقها في غزة عبر محاولة توسيع الحرب، فان هذا التطور الخطير دفع اطراف محور المقاومة وفي مقدمتهم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى التاكيد بان الرد على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حماس صالح العاروري آت، ولا جريمة من دون عقاب. وهو موقف تردد خلال الساعات القليلة الماضية على لسان مسؤولين ايرانيين اثر تفجيرات مرقد الجنرال قاسم سليماني، وبعيد اغتيال القيادي في الحرس الثوري رضي الموسوي في دمشق، وكذلك من قبل مسؤولين عراقيين بعد غارات اميركية على مقر للحشد الشعبي في بغداد، وايضا عبر اعلان زعيم انصار الله عبد الملك الحوثي بان اقدام البحرية الاميركية على قتل عشرة من قوات انصار الله لن يبقى دون رد.اذا بات الرد محسوما وبات السؤال اين سيحصل؟ ومتى؟ ومدى حجمه؟ وكذلك تداعياته!
ردود نوعية «عاجلة»
وفيما احتضنت منطقة طريق الجديدة تشييع العاروري، في «رمزية» لها دلالتها اللبنانية، وتزامنا مع حراك دبلوماسي اميركي في المنطقة، يبدو ان دخول المواجهة مرحلة جديدة تتطلب ردودا نوعية مختلفة سيتحدث عنها الميدان في آجال قريبة، وليست بعيدة كما يعتقد البعض، بحسب اوساط معنية بهذا الملف، قالت «للديار» أن محور المقاومة معني بافهام العدو انه غير «مردوع»، ولن يسمح له بخلق قواعد جديدة للاشتباك تمكنه من التمادي في ضرباته الامنية والعسكرية على الساحة اللبنانية خصوصا، وهو امر تبلغه الاميركيون عبر قنوات غير مباشرة اثر ثلاث «رسائل» حملت مضمونا متشابها تم ابلاغها لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وقائد الجيش جوزاف عون، عبر من خلالها الاميركيون عن مخاوفهم من انزلاق الساحة اللبنانية الى حرب واسعة، وطالبوا بان لا تكون ردود فعل حزب الله غير «متناسبة» مع طبيعة الحدث كي لا تصعب بعدها امكانية حصر «النيران» ومنعها من التمدد، وكان واضحا من خلال تلك «الرسائل» ان وجهة نظر الادارة الاميركية تفيد بان المستهدف ليس من حزب الله وهو جزء من تصفية الحساب بين اسرائيل وحماس، اما استهدافه في الضاحية الجنوبية فلا معنى له خارج سياق «توفر الهدف»، اي بمعنى ان واشنطن تحمل حزب الله مسؤولية السماح للعاروري بالتواجد في تلك المنطقة!
رفض تعديل قواعد الاشتباك
طبعا، لا معنى لتلك الرسائل، بالنسبة لحزب الله، والجواب العلني الذي تقصد السيد نصرالله ابلاغه للاميركيين، عندما اشار في كلمته امس الاول الى ان هذه الرواية لا تنطلي على الاطفال، سبقها رد واضح من المقاومة بان تعديل» قواعد الاشتباك خط احمر» ولن تكون الكلمة الاخيرة لاسرائيل التي ستدفع ثمنا باهظا ردا على هذه الجريمة. ولهذا فان كل المحاولات الاميركية خلال الساعات القليلة الماضية للحصول على «وعد» بان يكون الرد «قابلا للهضم»، باءت بالفشل، وسيبقى تقدير الموقف لدى قيادة المقاومة حيث من المرتقب ان يعيد السيد نصرالله توضيح بعض النقاط المرتبطة به اليوم.
توتر اميركي-اسرائيلي؟
هذا الموقف، سيسمعه المبعوث الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين اذا قرر العودة الى بيروت بعدما اجرى،بحسب مصادر دبلوماسية، محادثات «متوترة» مع المسؤولين الاسرائيليين وفي مقدمتهم وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت على خلفية عدم رغبة واشنطن في خروج الوضع عن السيطرة على الحدود مع لبنان، فيما تشعر ادارة بايدن ان ثمة فريقا وازنا في الحكومة المصغرة يدفع الامور باتجاه التفجير لحسابات داخلية ضيقة.
غالانت ونفاد الوقت
وكان وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت،ابلغ هوكشتاين إن هناك نافذة زمنية قصيرة للوصول إلى تفاهمات دبلوماسية مع لبنان، وشدد على أن تل أبيب تعمل على تغيير الواقع الأمني على طول الحدود اللبنانية، وأكد غالانت على الأولوية القصوى لتمكين أكثر من 80 ألف إسرائيلي نازح من العودة إلى منازلهم، ولفت الى انه هناك نتيجة واحدة محتملة فقط «خلق واقع جديد على الساحة الشمالية، سيمكن من العودة الآمنة للاسرائيليين،ومع ذلك، فإننا نجد أنفسنا عند مفترق طرق فهناك نافذة زمنية قصيرة للتفاهمات الدبلوماسية، وهو ما نفضله.
خطة هوكشتاين؟
ووفقا للمعلومات، فان هوكشتاين يحمل خطة واضحة لتخفيف التوترعلى الحدود الجنوبية، عبر انجاز اتفاق ترسيم بري على غرار اتفاق الترسيم البحري الذي تمكّن من ابرامه منذ اشهر، وهو يحاول الحصول من تل أبيب على موافقة على انسحابها من نقطة «ب-1» التي تقع في رأس الناقورة، وكانت احتلتها قبل انسحابها من لبنان عام 2000وهي من النقاط التي كان يتحفّظ عليها لبنان، وكذلك استكمال اسرائيل انسحابها من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والشق اللبناني من بلدة الغجر ووقف اختراقها للأجواء اللبنانية.
«الهروب» الى الامام
ووفقا لصحيفة «واشنطن بوست» الاميركية، هناك محاولة من قبل نتنياهو ومجلس الحرب الإسرائيلي، للهروب الى الامام من الضغوط الداخلية، التي أضافت مصداقية إليها، المحكمة العليا الإسرائيلية برفض مقترحات حكومة نتنياهو القضائية، ولفرملة أي أثر للضغوط الأميركية والأوروبية، من خلال دفع المنطقة خطوة أكبر، نحو حرب مع لبنان، وربما مع إيران، وقد تكون عملية كرمان، ضمن هذا الإطار.
عودة التظاهرات
ووفقا للصحيفة، فان النقاش السياسي عاد بقوة الى الداخل الاسرائيلي بعدما ألغت المحكمة العليا التعديلات القضائية كما بدا الانقسام واضحا داخل حكومة الحرب، فلم يظهر بيني غانتس ووزير الدفاع يوآف غالانت إلى جانب نتنياهو في مؤتمرات صحافية أخيرة. وعبّر الاثنان عن تقبل بعض الأفكار التي طرحتها إدارة بايدن، لجهة دور السلطة الفلسطينية في إدارة غزة، واليوم التالي للحرب، وهي أفكار رفضها نتنياهو وعناصر أخرى في حكومته المتطرفة. ووفقا للصحيفة، في اللحظة التي يشعر فيها غانتس أن الوقت قد حان لترك حكومة الحرب، ستبدأ كرة الثلج بالتدحرج، لكن لو فتحت جبهة ثانية مع حزب الله، فسيتغير الوضع مرة أخرى.
حراك دبلوماسي
في هذا الوقت، يستعد وزير الخارجية الاميركية انطوني بلينكن لزيارة المنطقة، وقد شدد في اتصال هاتفي مع نظيرته الفرنسية كاترين كولونا على ضرورة منع توسع النزاع في غزة، بما في ذلك خطوات إيجابية لتهدئة التوترات في الضفة الغربية وتجنب التصعيد في لبنان وإيران. وكذلك وقف الهجمات على السفن التجارية بالبحر الأحمر .وليست الولايات المتحدة وحدها من يسعى للتبريد، بل تعمل على الخط عينه، باريس، وقد اكد السفير الفرنسي هرفيه ماغرو امس أن جهد بلاده منصب لضمان عدم جر لبنان إلى التصعيد الجاري في الإقليم، ولفت الى أن الوزير جان ايف لودريان سيكون قريبا في بيروت لمتابعة مهمة اللجنة الخماسية في السعي لإيجاد حل لازمة الشغور الرئاسي. وفي سياق متصل،اجتمع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب بمستشار الرئيس الاميركي جو بايدن لشؤون الشرق الاوسط بريت ماك غورك في البيت الأبيض، وتم البحث في ضرورة الاستمرار بالجهود الديبلوماسية الاميركية الرامية الى تحييد لبنان عن الحرب في غزة.
هكذا حصل الاغتيال!
في هذا الوقت، حسمت التحقيقات في عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري ان الاستهداف نفّذته طائرة حربية إسرائيلية. وتبين ان الشقة المستهدفة أخلتها حركة حماس بعد عملية طوفان الأقصى، وكانت المرة الأولى التي تستخدم فيها يوم الاربعاء حيث عقد الاجتماع الذي حضره العاروري بعد عودته الى بيروت قبل بضعة أيام، بعد رحلة خارجية لعدة أسابيع أمضاها بين قطر وتركيا.
وفيما لا تزال التحقيقات مستمرة للوصول الى طبيعة الخرق الامني، وكيفية وصول الاستخبارات الاسرائيلية لتلك المعلومات الدقيقة حول تحرك الشهيد العاروري خلال الساعات التي سبقت اغتياله. وقد رصدت الرادارات وجود طيران حربي على علو شاهق فوق البحر خلال تنفيذ العملية وتبين أن 6 صواريخ أطلقت على المبنى، وهي صواريخ «جي بي يو»دقيقة توجه عبر الليرز، ومداها 64 ميلا، انفجر منها اربعة ونجح اثنان منها على الأقل في اختراق سقفين قبل الوصول الى الغرفة، حيث كان الاجتماع. ووفقا للمعلومات، ظهر في سطح المبنى 3 فتحات، ونوعية الصواريخ من النوع ذات الحجم الصغير التي تحمل رأساً تفجيرياً يحوي مواد شديدة الانفجار.
تشييع العاروري
في هذا الوقت، شيّعت حركة حماس نائب رئيس مكتبها السياسي، في منطقة طريق الجديدة، وهو امر بالغ الدلالة ويحمل رمزيته لجهة الحاضنة الشعبية في تلك المنطقة التي حاول الكثيرون خلال السنوات الماضية سلخها عن ماضيها المقاوم، وشارك الآلاف في تشييعه ومرافقيه عزام الأقرع ومحمد الريس، وانطلق موكب التشييع الحاشد من مسجد الإمام عليّ إلى «مقبرة الشهداء» المجاورة لمخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين. وقد أمّ المصلين في الجنازة ممثل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أمين الفتوى الشيخ أمين الكردي، وحمل المشاركون في التشييع الأعلام الفلسطينية ورايات حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
ترقب اسرائيلي
وفيما يسود الترقب داخل اسرائيل ازاء الرد المرتقب لحزب الله، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين إسرائيليين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، الامل بان يظهر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ضبط النفس، نظرا لعدم مقتل أي من قادته في الغارة. وقال أحد من المسؤولين»هناك حاملة طائرات ونأمل أن تكون كافية» في إشارة لحاملة الطائرات الأميركية في شرق البحر المتوسط.
نصرالله وقواعد الاشتباك
وقد واكب الإعلام الإسرائيلي كلمة الأمين العام لحزب الله، وأشارت قناة «كان» إلى أنّ الأمين العام لحزب الله أكد أنّه «لا يستطيع السكوت أمام ما جرى في الضاحية، ولفتت الى انه قال للإسرائيليين «توقّعوا رداً، ولكن احذروا ألا يؤدي هذا إلى الحرب». وأضافت القناة أنّ الاستنفار الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية – الفلسطينية بلغ ذروته، تحسّباً لرد حزب الله. واشارت الى ان السيد نصر الله لفت إلى أنّ حزب الله يقاتل حالياً بصورة مضبوطة، ولكن إذا ذهبت إسرائيل حتى النهاية فسيذهب نحو النهاية، مؤكدة أنّ السيد نصر الله «حدّد القواعد ويبقى السؤال إلى أين ذاهبون من هنا؟. وفي هذا السياق، حذّر اللواء في الاحتياط الإسرائيلي، عقوب عميدرور، من أنّ الحرب في لبنان أصعب بعشر مرات من القتال في غزة بالنسبة للجبهة الداخلية.
الاحتمالات مفتوحة
من جهتها، رات صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية ان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات، وبرايها فان السيد نصر الله يعلم أن إسرائيل تخسر الدعم الدولي مع تلاشي ذكرى هجوم السابع من تشرين الأول، ويمكنه أيضا رؤية تصدع المجتمع الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية. وهو بامكانه ان ينتظر وسوف يضرب إسرائيل في أضعف لحظة ممكنة. وللسبب نفسه قد تقرر إسرائيل القضاء على حزب الله الآن.؟!
لماذا اغتيال العاروري؟
من جهتها، اعتبرت صحيفة «هآرتس» ان إسرائيل قامت بخطوة زادت من تعقيد وضعها من خلال إخلاء عشرات آلاف المدنيين من الشمال ،وهكذا حظي حزب الله، بإنجازه الكبير بعد ان تحول مستوطنو الشمال إلى لاجئين، إضافة إلى المخلين من بلدات الغلاف، ومطالبتهم الحكومة تأمين عودتهم في واقع أمني أفضل، يضع إسرائيل وحزب الله على مسار تصادم أكثر شدة، حتى بدون صلة بتصفية العاروري. وفي محاولة لشرح دوافع الاغتيال، لفتت الصحيفة الى ان اسرائيل ارسلت اشارة بأنها مستعدة بما فيه الكفاية حتى لاحتمالية الحرب في لبنان. لكن هذا رهان غير بسيط، واتخاذ قرار التصفية يتعلق بدوافع أخرى أيضاً؛ فبعد ثلاثة أشهر على الحرب، لم تنجح إسرائيل في تصفية أي قائد كبير في حماس. وتصفية العاروري، الشخصية البارزة التي كان لها دور كبير في تخطيط مئات العمليات في الضفة الغربية، تعد اليوم بمثابة بديل معقول، بحسب تعبير «هارتس»!
الاعتداءات الاسرائيلية ورد المقاومة
ميدانيا،تواصل القصف المدفعي الإسرائيلي على القرى الحدودية واستهدف أطراف بلدات جنوبية عدة. من جهتها، ردت المقاومة على الاعتداءات عبر استهداف تموضعًا لجنود العدو الإسرائيلي في شتولا بالأسلحة المناسبة وحققّتا فيه إصابات مباشرة». واستهدف حزب الله ايضا نقطة الجرداح بالأسلحة المناسبة واعلن ايضا عن استهداف تجمع لجنود العدو الإسرائيلي في المطلة بالأسلحة المناسبة كما أطلقت المقاومة صاروخاً مضاداً للدروع تجاه مستوطنة «المطلة» وأصاب مبنى داخلها.
وكان جيش الاحتلال صعد مساء امس الاول من اعتداءاته، فاستهدف بالطيران منزلا في بلدة الناقورة لصاحبه من آل حمزة مؤلفا من ثلاث طبقات فدمره بالكامل، واسقط ضحايا وألحق اضرارا جسيمة بالمنازل المحيطة وبالسيارات والممتلكات. وأدى قصف المنزل الى استشهاد 5 عناصر في من حزب الله بينهم رابط بلدة الناقورة حسن يزبك، كما ادى الى اصابة تسعة جرحى من المدنيين نقلتهم سيارات الاسعاف الى مستشفيات مدينة صور.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار