20-12-2023
صحف
|
النهار
لم تساعد زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى بيروت، باريس كثيراً في استعادة زخم التحرك الفرنسي في اتجاه لبنان، بعد محاولات كثيرة في هذا السبيل. فرغم اعطاء الزيارة عنواناً وحيداً يتصل بأمن الجنوب، وضرورة التزام أقصى درجات ضبط النفس من اجل عدم الانجرار الى حرب من شأنها ان تدمر لبنان، والتأكيد على اهمية الجهود الديبلوماسية لتفادي الذهاب إلى خيار الحرب الذي تهدد به إسرائيل، ورغم حرص الديبلوماسية الفرنسية على عدم الخوض في اي نقاش حول الاستحقاق الرئاسي بعدما شعرت باريس بأنها فقدت مبادرتها في هذا الشأن، أثير الموضوع الرئاسي أمام كولونا خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته، عندما سئلت عن استمرار دعم بلادها للمرشح سليمان فرنجية. وكان لافتاً الجواب الذي ردت به على السؤال بقولها انها لا تعرف مَن هو فرنجية.
حمل الجواب الديبلوماسي رسالة واضحة بان باريس لم تتراجع عن موقفها الاخير الذي أعلنته وزارة الخارجية في شكل فاجأ الأوساط السياسية قبل اشهر بأن ليس لدى باريس مرشح للرئاسة، داعية في بيان اصدرته الوزارة في نيسان الماضي اللبنانيين إلى اختيار قادتهم.
في مراجعة لكل المواقف الفرنسية، حرصت باريس على عدم الدخول علناً في التسميات. هي عملت عند إطلاق مبادرتها على تسويق معادلة فرنجية للرئاسة مقابل السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة، من منطلق ان تكون الرئاستان ممثلتين للفريقين السياسيين الابرزين في البلاد. لكن المبادرة التي عملت عليها باريس لأشهر طويلة وحاولت تسويقها لدى المجموعة الخماسية اصطدمت بالرفض، ما أدى إلى تعثّرها، وتراجع فرص نجاح فرنسا في إرساء حل سياسي للازمة الرئاسية في لبنان.
وكان واضحاً حرص كولونا على عدم الدخول في الملف الرئاسي الذي يتولى ادارته الموفد الخاص للرئيس ايمانويل ماكرون، الوزير السابق جان - ايف لودريان، اذ تحصر كولونا مهمتها بملف الجنوب والوضع الامني وتطبيق القرار الدولي، فيما يتفرغ لودريان، الذي يعمل بتوجيهات ايضاً وبالتنسيق معها، على مواكبة ملف انتخاب رئيس الجمهورية.
ولكن، هل اسقط جواب كولونا المرشح فرنجية من الحسابات الفرنسية؟ تجيب اوساط قريبة من الاخير ان فرنسا لم تعلن يوماً دعمها لفرنجية بالاسم، وان كانت مبادرتها قامت على دعم هذا الترشيح، مضيفة ان اكثر من عامل دخل على خط خربطة كل المشهد المتصل بالاستحقاق الرئاسي والمعادلات التي تحكمه، اهمها اندلاع حرب غزة، ومن ثم التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون. وتكشف ان فرنجية كان من اول الداعمين للتمديد لعون، وقرن قوله بالفعل، رغم ادراكه ان قرارا كهذا سيقلص حظوظه الرئاسية، باعتبار ان عون لن يخرج من السباق الرئاسي، كما ان حظوظه سترتفع كخيار ثالث يجري العمل عليه. وينطلق دعم فرنجية، بحسب تلك الأوساط، من اقتناعه بأهمية بقاء عون على رأس المؤسسة العسكرية، هو القادر على صون الاستقرار الامني في البلاد، مع تأكيد القدرة على التعاون والتفاهم في ما بينهما، على قاعدة ان الرئاسة ليست نهاية المطاف في المسيرة السياسية لرجل إذا لم تتوافر فرصة انتخابه، ان يكون من القادرين او الفاعلين في صناعة الرئيس. وقد حرص الرجلان على تظهير تفاهمهما في العشاء الذي جمعهما مساء الخميس الماضي، والذي عكس علاقات ودية بينهما، وإنْ كانا على مسافة واحدة في السباق إلى بعبدا.
قد تكون اوساط بنشعي لمست ان فرص فرنجية ربما تضاءلت، لكنها حتماً لم تنتفِ، ما دام الثنائي الشيعي لا يزال متمسكاً بمرشحه، ولا يزال يعطل جلسات الانتخاب، قبل حصول التفاهم على الرئيس. لكن الثابت انه لم يعد لباريس الدور الفاعل في هذا المسار بعد تعثّر مبادرتها، كما ان لا كلام اليوم في هذا الملف، اقله ليس قبل ان تستأنف اللجنة الخماسية اجتماعاتها المرتقبة مع مطلع السنة الجديدة، عندما تكون صورة غزة قد تبلورت، كما صورة المشهد الجنوبي، ليبنى على الشيء مقتضاه!
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار