04-10-2023
عالميات
|
النهار العربي
أسعد عبود
أسعد عبود
نجح 21 نائباً محسوبين على الجناح المتشدد في الحزب الجمهوري من الموالين للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في حذف البند المتعلق بطلب الرئيس جو بايدن مبلغ 24 ملياراً أخرى من المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا، من مشروع التمويل الموقت للحكومة الفيدرالية، الذي تم الاتفاق عليه في ربع الساعة الأخير من ليل السبت - الأحد.
التسوية الموقتة أنقذت إدارة بايدن من الذهاب نحو الإغلاق الفيدرالي، أي العجز عن دفع رواتب الموظفين في الإدارات الحكومية. واضطر البيت الأبيض إلى القبول بإرجاء مسألة المساعدات لأوكرانيا إلى وقت لاحق، كي يتجنب أزمة ذات مضاعفات داخلية كبيرة، كانت سترتد حكماً على شعبية الرئيس الأميركي مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية.
وهذه المرة الأولى التي يواجه فيها بايدن مأزقاً على صعيد مساعدة أوكرانيا منذ بدء الحرب قبل 19 شهراً. وهي بمثابة إنذار يشير إلى تحول أوكرانيا على نحو متزايد إلى موضوع خلاف رئيسي داخل الولايات المتحدة.
حذف بند المساعدات لأوكرانيا من بند التمويل الفيدرالي الأميركي، يثير الهلع في كييف وفي عواصم أوروبية أخرى. وبما أن المساعدات العسكرية والاقتصادية التي قدمتها إدارة بايدن قد بلغت حتى الآن نحو 130 مليار دولار، تكون الولايات المتحدة قد تحملت العبء الأكبر من الحرب ضد روسيا في أوكرانيا.
أي نقص في المساعدات الأميركية من شأنه أن ينعكس سلباً على الجبهات داخل أوكرانيا، وكذلك على الحكومات الأوروبية التي سيتعين عليها مضاعفة مجهودها الحربي لتعويض النقص الأميركي. وهذا بدوره سيقود إلى مزيد من الاقتطاعات من برامج الخدمات الاجتماعية وموازنات مخصصة لأغراض سلمية.
وفي خطوة لافتة تزامنت مع الجدل الدائر في الولايات المتحدة بشأن المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا، كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يستضيف مؤتمراً دولياً في كييف لشركات تصنيع أسلحة غربية، ويعرض عليهم القيام بمشاريع على الأراضي الأوكرانية. بدا الأمر وكأنه خطوة استباقية. وكأن هناك شعوراً أوكرانياً، بأن المساعدات الأميركية لن تدوم على النحو الذي باشره بايدن، وأن قلقاً جدياً بدأ يساور القيادة الأوكرانية، من احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024، وتالياً يتعين على كييف تدبير شؤونها منذ الآن بالاعتماد على نفسها أولاً.
إشارة سلبية أخرى تلقتها كييف من سلوفاكيا، مع فوز حزب شعبوي معارض لتقديم المساعدات إلى أوكرانيا في الانتخابات التشريعية التي أجريت الأسبوع الماضي. ويتوقع محللون أن تحدث حكومة برئاسة روبرت فيكو تغيّراً جذرياً في سياسة سلوفاكيا الخارجية لتصير أشبه بالمجر في عهد رئيس وزرائها فيكتور أوربان.
إلى ذلك، تنظر أوكرانيا بقلق أيضاً إلى ما ستسفر عنه الانتخابات التشريعية في 15 الشهر الجاري في بولندا. وفي الأسابيع الأخيرة، ساد توتر في العلاقات بين البلدين على خلفية تقديم كييف شكوى أمام منظمة التجارة العالمية، بسبب فرض وارسو حظراً على استيراد القمح الأوكراني. وفجّر رئيس الوزراء البولندي ماتيوش موارفيتسكي قبل أسبوعين مفاجأة من العيار الثقيل، عندما أعلن توقف بلاده عن تزويد أوكرانيا بالسلاح.
كل هذه التطورات لا تقع موقعاً حسناً لدى كييف، التي حصلت منذ الهجوم الروسي على مساعدات غربية غير مسبوقة، مكّنتها من الصمود والانتقال إلى الهجوم. وأي خلل في نظام المساعدات التي تتلقاها من أميركا أو من دول أوروبية من شأنه أن ينعكس خللاً في ميزان القوة على الجبهات.
من الآن فصاعداً، لم يعد في إمكان كييف أخذ المساعدات الغربية على أنه أمر مسلّم به. وهذا يؤشر إلى تراجع التأييد داخل الدول الحليفة لاستمرار الحرب، وتالياً تنامي الميل لدى الرأي العام الغربي نحو العثور على حل تفاوضي اليوم قبل الغد.
أخبار ذات صلة