04-09-2023
إقتصاد
|
المدن
عزة الحاج حسن
عزة الحاج حسن
لن تكون منصة بلومبرغ محصورة بفئات معينة من المستخدمين، كما كان الحال مع منصة صيرفة، إنما ستكون متاحة أمام الجميع للتداول بالليرة والدولار والاسهم والعملات والمعادن وغيرها من الأدوات المالية. وفي الوقت عينه، لن تشكّل المنصة انعكاساً واضحاً على المواطنين. فمشهد حقائب وأكياس الليرات التي شهدتها المصارف في السنوات الأخيرة لشراء الدولارات "المدعومة" عبر منصة صيرفة قد انتهى إلى غير رجعة.
وحسب المعلومات، فإن مصرف لبنان لن يلعب عبر المنصة الجديدة دور الداعم الدائم لليرة على حساب احتياطاته، كما لعب في منصة صيرفة، إنما سيتدخل عند الحاجة وسيلعب دور البائع والشاري كما هو حال باقي المتداولين من مصارف وصرافين ومواطنين وتجار وغيره.
ما يعني باختصار، أن مصرف لبنان يسعى من خلال منصة بلومبرغ إلى إخضاع الليرة والدولار لعمليات العرض والطلب، ولن يكون هناك من أفضلية بشراء الدولار لفئة على أخرى. فالمنصة ستسهل على البنك المركزي ممارسة أحد أدواره في ضبط عمليات التداول والمضاربة وتدخله في مسألة سعر الصرف، كما ستتيح للدولة ايضاً الدخول عبر المنصة كشارية للدولار في مقابل أموال الجباية التي تجمعها بالليرة من السوق.
يعوّل مصرف لبنان على منصة بلومبرغ الجديدة المرتقب إطلاقها، في سبيل تحديد سعر الصرف المعتمد فعلياً في لبنان، وتوحيد أسعار الصرف إلى حد كبير. ويرى مصدر في مصرف لبنان أن الأهداف المنشودة من المنصة الجديدة ليست مستحيلة، خصوصاً أن سعر صرف الدولار لا يزال مستقراً على الرغم من توقف عمل منصة صيرفة منذ اكثر من شهر، مع عدم تدخل مصرف لبنان بائعاً للدولار، بالإضافة إلى تقارب مسار سعر الصرف بين السوق السوداء وسعر منصة صيرفة المفترض.
وبرأي المصدر المصرفي، فإن هذا الواقع سيسهّل مهام مصرف لبنان من خلال منصة بلومبرغ، التي من المقرر أن تشكّل ضابطاً لإيقاع سعر الصرف في السوق، إلى جانب تقليص اقتصاد الكاش، الذي بات واسعاً جداً، وكشف آلية التداولات وأحجامها والمنفذين لها، ما يجعل المنصة أكثر شفافية مما كانت عليه منصة صيرفة.
بين الدور النظري والفعلي
دور منصة بلومبرغ المنشود من مصرف لبنان لا يتجاوز الحدود النظرية. فدورها الفعلي لا بد أن يتأثر ويتماشى مع الواقع المفروض على سعر الصرف، والمحكوم بالطلب على الدولار لا على العملة الوطنية. من هنا لا يعوّل الكثير من الخبراء والمصرفيين على منصة بلومبرغ. ويرى مصدر مصرفي آخر بأن منصة بلومبرغ المرتقب إطلاقها قريباً، لن تُحدث تغييرات كبيرة في سوق الصرف، ما لم تقم السلطة السياسية بمواكبتها بسلسلة قرارات، أولها إعادة التسعير في الأسواق الاستهلاكية بالليرة اللبنانية، وقرارات أخرى تُعيد الليرة الى التداول وتخفف من حدة الدولرة، وتالياً الطلب على الدولار. إلا أن هذه الآمال تنسفها موازنة 2024 التي تكرّس الدولرة وتفرض سلة ضرائب ورسوم جديدة بالدولار الأميركي.
ويستغرب المصرفي مسألة التعويل المبالغ فيه على منصة بلومبرغ للتداول، في حين أن وجهة السوق تتجه إلى شراء الدولار وليس بيعه. الأمر الذي من شأنه أن يعيدنا إلى مرحلة الصفر حين تم إطلاق منصة صيرفة. بمعنى آخر، من غير المتوقع أن يتم التداول عبر منصة بلومبرغ بالعملات الأجنبية بشكل طبيعي، إنما الطلب سيفوق العرض قطعاً. وهنا لا بد من السؤال عن ماهية دور مصرف لبنان وقدرته على التدخل بالسوق حين تدعو الحاجة.
حسب المعلومات، سيكون تدخل مصرف لبنان محدوداً. ما يعني أنه لن يتمكن من خلق توازن بالسوق بين العرض والطلب على الدولار. وقد يقتصر تدخله فقط على تغطية رواتب القطاع العام وبعض التدخلات الطفيفة، وربما بيع الدولة مبالغ دولارية محددة. أما في حال عودة المضاربات المفتعلة على العملة، فحينها سيعجز مصرف لبنان عن التحكم بسعر الدولار عبر المنصة. إذ أن قدراته على التدخل محدودة جداً. ومن غير المتوقع أن تحقق منصة بلومبرغ بعضاً من أهدافها، ما لم تستمر حال الاستقرار السياسي النسبي، ومرافقتها بقرارات لاجمة لانفلات السوق من جديد.
أخبار ذات صلة
إقتصاد
إغلاق هيئة الأسواق المالية
أبرز الأخبار