يقترب لبنان من مرحلة الخطّ الأحمر، المتمثل في بلوغ الفراغ في حاكمية المصرف المركزي، وما سيكون لذلك من تداعيات سلبية على الواقعين المالي والاقتصادي، لاسيما في ظل الخلافات حول كيفية مقاربة هذا الاستحقاق، وما الذي سيفعله نواب حاكم مصرف لبنان.
وفي حال استمر هذا النوع من الضياع فلابد من ترقب تداعيات سلبية كثيرة، ستفرض نفسها لفتح مسار سياسي جديدة يبني على ما بعد اجتماع الدوحة، خصوصاً أن الاجتماع قد فتح مساراً جديداً، ويحرك القوى الدولية بالتوازي بحثاً عن تسوية مرضية للجميع، ولا يكون فيها غالب أو مغلوب.
الملف المالي وخطورته، بالإضافة إلى ملف بدء التنقيب عن النفط والغاز في منتصف آب المقبل، وحضور مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، آموس هوكشتاين، إلى بيروت للمشاركة في الاحتفال، كل ذلك قد يفتح النقاش حول إنجاز ترسيم الحدود البرية الجنوبية للبنان.
وبحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن آلية التفاوض حولها ستكون مختلفة عن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، ولبنان لن يقدّم تنازلات، لأن الحدود مرسومة ومعروفة، ولكن ذلك كله سيكون بحاجة إلى وجود رئيس للجمهورية يواكب هذه الاستحقاقات، ويوقع على مراسيمه، لذلك فإن التوقعات تشير إلى تكثيف الحركة السياسية والدبلوماسية حول لبنان في بداية سبتمبر المقبل، وتحديداً قبل 3 أشهر من الوصول إلى مرحلة خطيرة أخرى هي مرحلة خروج قائد الجيش جوزيف عون من منصبه، وهو ما لا تسمح به قوى دولية كبيرة، لأن ذلك سيؤدي إلى تضرر المؤسسة العسكرية.
تحت هذه العناوين، ينتظر لبنان تحركات دولية مكثفة في الشهرين المقبلين، علماً بأن التحركات قد بدأت تتلمس طريقها بعد اجتماع الدوحة، من زيارة السفير السعودي وليد البخاري إلى دار الفتوى، وتأكيده على اتفاق الطائف والحفاظ عليه، بالإضافة إلى التحرك الدبلوماسي القطري الذي يسعى إلى تهيئة الأرضية التحاورية والتوافقية، تمهيداً لمرحلة أخرى، وصولاً إلى الزيارة التي سيجريها المبعوث الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى بيروت، وتقديم خلاصة اجتماع الدوحة للأفرقاء اللبنانيين، وإبلاغهم أنه لابد من البحث عن مقاربة جديدة.
تفعيل الحراك الدبلوماسي والدولي يمكن أن يتضمن أيضاً تلويحاً بإيجاد آليات جديدة، لفرض عقوبات أو إجراءات على مسؤولين لبنانيين، وهنا تشير مصادر متابعة إلى أن العقوبات الأميركية معروفة الوجهة، وهي تصدر إما بسبب الضلوع في الفساد، أو دعم الإرهاب، وسط معطيات تفيد بأن الأميركيين قد يعودون إلى استخدام سلاح العقوبات في الشهرين المقبلين، في المقابل فإن الأوروبيين وبعض الدول العربية يبحثون في مجال فرض إجراءات تتصل بمنع سفر وسحب تأشيرات وغيرها من مسؤولين يتهمون بتعطيل إنجاز الإستحقاق.
ويعتبر اللبنانيون أن اتفاقاً معيناً حصل في الدوحة على فتح المسار الجديد، وهو لابد أن يصل في النهاية إلى نتيجة تشبه إلى حدّ بعيد نتيجة اتفاق الدوحة 2008، وبعد وقت طويل قد تكون بحاجة إلى الظروف لتنضج وتكتمل. عناصر التدهور المالي والاقتصادي، وتحلل المؤسسات، بالإضافة إلى العقوبات والإجراءات، ستكون عناصر تفعيل لتعبيد الطريق أمام مثل هذا الاتفاق.