15-07-2023
صحف
|
النهار
وإذ بدت حرارة المشهد السياسي المربك اقرب الى حرارة موجة الحرائق المتنقلة والكثيفة التي ضربت بعض المناطق اللبنانية تحت وطأة حرارة صحراوية تجتاح لبنان والمنطقة بلهيبها، ازداد حبس انفاس القوى السياسية حيال ما يمكن ان ينتهي اليه اجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة الاثنين المقبل لممثلي دول “الخماسي” الذي اجتمع في باريس حول متابعة الازمة الرئاسية في لبنان .
وفي هذا السياق أفادت مصادر فرنسية رفيعة عبر "النهار" ان المبعوث الرئاسي جان ايف لودريان جاهز لتسهيل الحوار بين الاطراف اللبنانيين عبر ترتيب وتسهيل الحوار وانه مستعد لترتيب مثل هذا الحوار بعد الاستماع الى جميع القوى السياسية في لبنان . وهو قام بزيارة السعودية لاستشارة المسؤول عن الملف اللبناني المستشار نزار العلولا وطلب مساعدته ثم سيشارك في الاجتماع الخماسي في الدوحة الاثنين المقبل للاستماع الى اراء ممثلي الدول الخمس المشاركة وما اذا كانت تشجع اجراء حوار بين القوى اللبنانية . وقد عرض لودريان قبل سفره الى الرياض بعض افكاره على الفريق الرئاسي الفرنسي المتابع للملف اللبناني ولكن لم يتم حسم الموضوع بعد لان البعض يعتبر انه سبق لفرنسا ان نظمت حوارا للافرقاء اللبنانيين في سان كلو عندما كان الاتصال مقطوعا بين الاطراف اللبنانيين فيما اليوم الاتصال بين الاطراف ليس مقطوعا والبعض يشكك في نجاح مثل هذا الحوار وتبعا لذلك ينتظر لودريان نتائج اجتماعاته الاقليمية والدولية في قطر لحسم توصياته النهائية ورفعها الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون .
الى ذلك قالت المصادر الفرنسية نفسها ان ما تتمناه فرنسا للبنان هو انتخاب رئيس يلتزم ببرنامج واضح مع حكومة يمكنها السير في الاصلاحات ، وانه اصبح واضحا اليوم ان سليمان فرنجية رئيس تيار “المردة” ليس لديه اصوات الاغلبية كي يصبح رئيسا كما ان اي مرشح آخر لم يحصل على الاصوات لينتخب وينبغي على “حزب الله ” ان يستعيد هامش تحرك للانتقال والتحرك لاعادة فتح المسار . ولكن المصادر تساءلت هل تحل الامور اذا تحرك “حزب الله” ثم عارض رئيس “التيار الوطني الحر”جبران باسيل مثلا انتخاب قائد الجيش جوزف عون ؟ واستنتجت المصادر ان الانقسامات بين الاحزاب اللبنانية مخيبة لمن يريد مساعدة البلد على الخروج من ازمته .
الى ذلك علقت المصادر الفرنسية الرفيعة على موضوع عودة النازحين السوريين في لبنان الى بلدهم فقالت ان الموقف الفرنسي هو ان عودتهم مرتبطة بحصولهم على ضمانات عبر الامم المتحدة وبعودة طوعية بشروط انسانية آمنة لكي لا يتعرضوا الى قمع او سجن من النظام .
على ان العلامة الفارقة التي بدت كمؤشر فرنسي رسمي الى التحضيرات لاطلاق اقتراح الحوار برزت في الكلمة المسهبة التي القتها السفيرة الفرنسية #آن غريو مساء امس في قصر الصنوبر لمناسبة العيد الوطني الفرنسي والتي اكتسبت دلالات استثنائية اذ كانت الكلمة الأخيرة لغريو التي تنتهي مهمتها في لبنان في نهاية الشهر الحالي . وحرصت غريو على ان تاتي كلمتها بخلاصات لاذعة وصارمة وساخطة وصريحة في الكثير منها حول تداعيات جهود بلادها في لبنان كما عن الدعم الفرنسي والمساعدات الفرنسية للبنان ومن ثم حول نظرتها الى الوضع المقلق في لبنان . وإذ بدت في غاية الصراحة بقولها ” ان لبنان ليس على ما يرام وان الاستقرار الحالي استقرار خادع ” حذرت من ان “لبنان يخسر وكأنه يتعرض للبتر قواه الحية وشبابه “. واعتبرت ان “ما ينخر لبنان اليوم في الصميم هو الخوف من الاخر” ولكنها اكدت ان “العديد منكم يرفضون الاستسلام وفرنسا أيضا لن تستسلم “. ثم قدمت عرضا لافتا عكس الكثير من النبرة الساخطة وتضمن ما قام به الرئيس الفرنسي منذ ثلاث سنوات “لحشد الجهود وحمل قضية لبنان ودعمه ومن اجل شعب وقع ضحية تسويف حكامه ” واطلقت سلسلة تساؤلات عنوانها ” ما كان ليصبح عليه وضع لبنان اليوم لو ان فرنسا استسلمت ولو ان التزامها الى جانبكم بمساعدة دول صديقة تلاشى وتوقف ؟ ” ومن نماذج الأسئلة التي طرحتها “اين كنتم لو ان فرنسا لم تحتضن مع شركائها قواكم الأمنية وأين كنتم لو ان فرنسا لم تحشد جهود المجتمع الدولي ثلاث مرات متتالية لتجنبكم انهيارا عنيفا تحت وطأة الإفلاس المالي والانفجار في مرفأ بيروت .. ولو لم تهب لدعم مدارسكم كيلا تغلق أبوابها .. ولو ان الشركات الفرنسية قلصت اعمالها وتخلت عن فرق العمل المحلية فيها “. ثم تناولت غريو مهمة لودريان وأعلنت ان وساطته “خطوة تهدف الى جمع بلدان المنطقة والمجتمع الدولي التي ما زالت تهتم بمستقبل لبنان وقد اصبح وجودها نادرا كما ترمي الى توفير الظروف الضرورية لاقامة حوار هادئ بين افرقاء لا يتحدثون مع بعضهم البعض علما انه يقع عليهم جميعا انتخاب رئيس للجمهورية …”.
وذكر ان وزير الاشغال علي حمية غادر قصر الصنوبر احتجاجا على اخضاعه للتفتيش على الالات الالكترونية واعتبرها “إهانة سيادية”.
واستنادا الى التطورات المتعلقة بمهمة لودريان كما الى المعطيات المحلية في لبنان يبدو موضوع الحوار متارجحا بقوة ليس بين الانعقاد من عدمه بل أساسا بين امكان طرح الاقتراح او صرف النظر عنه اذ ليس خافيا ان لا المناخ الداخلي يوفر الأرضية اللازمة لتوافر اجماع او أكثرية وازنة للاتفاق على شكل الحوار ومكانه وتوقيته ومضمونه ولا المعطيات المتوافرة عن اللقاء الخماسي في الدوحة تبعث على تشجيع الامال بدفع خارجي مؤثر لحوار داخلي بالضغط على جميع الافرقاء وبرعاية فرنسية تكون هذه المرة بمثابة تفويض دولي اقله من المجموعة الخماسية .
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار