06-07-2023
صحة
يتألف جميع البشر من تريليونات الخلايا في سن الرشد، لكن تبدأ الحياة بخلية واحدة تعود وتنقسم مراراً. مع استمرار عمليات الانقسام، تبدأ الخلايا باكتساب وظيفة متخصصة. لكن اكتشف الباحثون، في تحليل للنشاطات الجينية لدى أجنّة عمرها خمسة أيام، خلايا لا تتماشى مع المواصفات النموذجية. تبدو هذه الخلايا مثيرة للاهتمام لأنها تحتوي على “جينات قافزة”، وهي أجزاء شائبة من الحمض النووي، فتنسخ نفسها وتتنقل ثم تتسلل إلى الجينوم مجدداً، ما قد يُسبب مجموعة من الأضرار. لكن عند وقوع أي ضرر، يبدو أن الخلايا المُكتشفة حديثاً تدمّر نفسها.
يقول لورانس هيرست، خبير في علم الوراثة التطوّري من جامعة “باث” في المملكة المتحدة: “إذا تضررت أي خلية بسبب الجينات القافزة أو أي شكل آخر من الأخطاء، مثل وجود عدد ضئيل أو مفرط من الكروموسومات، من الأفضل أن يزيل الجنين تلك الخلايا ولا يسمح لها بأن تصبح جزءاً من الطفل أثناء نموّه”. بعبارة أخرى، تكون هذه الخلايا الجديدة مُصمّمة عمداً للخسارة في أي معركة على الصمود، فتضحّي بنفسها لإعطاء الأولوية لأفضل الخلايا وتحسين فرص نمو الجنين.
تتعرض هذه الخلايا للرفض في نهاية المطاف لأنها تشمل “عناصر رجعية” (نوع خاص من الجينات القافزة)، لذا تُسمّى “الخلايا المرفوضة” (REject cells). يصبح ربع الخلايا مرفوضاً بعد خمسة أيام على تخصيب البويضة. تستطيع الخلايا المتبقية أن تقمع جيناتها القافزة والناشطة وهي لا تتبع روتين التدمير الذاتي نفسه. يمكن اكتشاف السبب وحقيقة ما يحصل في الدراسات المستقبلية.
يوضح هيرست: “لقد اعتدنا على فكرة أن يفضّل الانتقاء الطبيعي كائناً حياً على آخر. نحن نلاحظ داخل الأجنّة أن أفضل الخلايا تصمد، لكنّ المعركة تدور هذه المرة بين خلايا شبه متطابقة. يبدو أننا اكتشفنا جزءاً جديداً من الترسانة التي يستعملها الجسم للتصدي لهذه العناصر الجينية الضارة”.
بما أن العلماء اكتشفوا هذه الخلايا للتو، ما زال النقاش مستمراً حول أولى مراحل هذا البحث. لكن يفترض الباحثون أن اختلافاً واحداً بين حالات الحمل الناجحة والفاشلة قد يتعلق بتصرفات تلك الخلايا المرفوضة أو مدى حساسية الجنين تجاه رسائلها.
يريد الباحثون أيضاً أن يتأكدوا من وجود هذا النوع الجديد من الخلايا في أجنّة رئيسيات أخرى، بالإضافة إلى البشر. إستناداً إلى عدد محدود من الدراسات المتاحة راهناً، يبدو أنه موجود لدى بعض الأجناس فعلاً، إذ تكشف دراسة جديدة أن النوع نفسه من النشاطات قد يحصل في أجنّة القرود.
تُلازمنا الجينات القافزة طوال حياتنا، ويُفترض أن تبقى أجسامنا متأهبة باستمرار للسيطرة عليها. يكشف البحث الجديد أن هذه الجينات قد تكون أكثر تأثيراً مما كنا نظن في أولى مراحل الحياة.
تقول سوزانا إيسغاك من مركز “ماكس ديلبروك” للطب الجزيئي في ألمانيا: “على غرار جميع الكائنات الأخرى، يخوض البشر مطاردة لامتناهية مع هذه الجينات الضارة. قد نحاول قمع الجينات القافزة بأي وسيلة ممكنة، لكنها تنشط في بعض الخلايا منذ مرحلة مبكرة من النمو لأننا نعجز على الأرجح عن تطوير دفاعاتنا الجينية بسرعة كافية”.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار