22-05-2023
صحف
|
النهار
والحال ان هاتين الواقعتين في منطقة الجنوب حجبتا الى حدود واسعة الاجندة المرتقبة للأسبوع الطالع والتي تتصدرها متابعة ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عبر الاجتماع الوزراي التشاوري الموسع الذي سيعقد اليوم في السرايا الحكومية. اما المعطيات المتصلة بالازمة الرئاسية فتبدو كأنها تدور على نفسها من المراوحة والعقم اذ تراجعت الرهانات على اختراق يشكله اتفاق قوى المعارضة و”التيار الوطني الحر” على مرشح موحد على نحو دفع النائب الان عون الى اعلان “طي صفحة ترشيح جهاد ازعور” وتزامن ذلك مع اللقاءات التي يجريها رئيس “التيار” النائب جبران باسيل في باريس.
وفي ما يتصل بما سمي مناورة “حزب الله” في الجنوب فانها لم تكن محدودة ولا رمزية، بل بدت بحجم الأسلحة الثقيلة والصواريخ والمسيرات التي عرضت فيها، كافية لاطلاق ما أراد الحزب اطلاقه من رسائل نحو إسرائيل من جهة ونحو الداخل من جهة ثانية ونحو العرب والاقليم والدول من جهة ثالثة. ومع ان المناورة كانت مقررة في اطار نشاطات لاحياء “ذكرى التحرير” في 25 أيار، فان ذلك لم يحجب الدلالات الرمزية والواقعية أولا لجهة استفزازها الواقع السيادي لدولة اختبأ رموزها وغابوا عن التعليق عنها، وثانيا لمصادفتها غداة قمة جدة العربية التي حمل إعلانها الختامي في البند السادس منه رفض ظاهرة الميليشيات داخل الدول، فأوحت المناورة بانها رد مباشر سريع على موقف القمة وتاليا عدم تبديل أي شيء في الستاتيكو القائم والمستمر بعد التفاهم السعودي الإيراني.
المناورة التي جرت في بلدة عرمتا الجنوبية ضمن معسكر تابع لـ”حزب الله”، وهي منطقة تقع خارج نطاق القرار الدولي 1701، شهدت استعراضات بالدبابات، إضافة إلى محاكاة هجوم نحو الأراضي الإسرائيلية، وتم عرض آليات عسكرية، وراجمات صواريخ متوسّطة وبعيدة المدى. وفي المناسبة هدد رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين بـ”امطار إسرائيل بالصواريخ الدقيقة” وتوجه في كلمة له الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وحكومته بالقول :”إذا فكّرتم في توسيع عدوانكم للنيل من المعادلات التي صنعناها بدمائنا وقدرتنا، فإننا سنكون جاهزين لنمطركم وستشهدون أياماً سوداء لم تروا لها مثيلاً، وعلى “الإسرائيلي” أن يعلم جيداً أننا نقصد ما نقول”. واضاف:”لا ضرورة لعرض الصواريخ الدقيقة اليوم وهي موجودة لدينا بكثرة، لان العدو سيرى فعلها في قلب كيانه اذا ارتكب اي حماقة يتجاوز فيها قواعد اللعبة”، وقال :”اذا تجاوز العدو قواعد اللعبة سوف نمطر هذا الكيان بصواريخنا الدقيقة وكل اسحلتنا”.
وعلّق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على المناورة وقال: “بعيدًا عن الشعارات التي يسوقها محور المقاولة وأبواقه، فإن مناورة حزب الله في جنوب لبنان تتحدّى بالمقام الأول الحكومة والدولة اللبنانيتيْن والتزاماتهما. أما التهديدات فتعوّدنا عليها ممن انكشف دوره التخريبي في قتل اللبنانيين والسوريين والعرب وتنفيذه أجندات إيرانية في العالم العربي”.
واثار العرض المسلح للحزب ردود فعل سياسية لدى مناهضي الحزب و”دولته” فغرد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل عبر تويتر فكتب: “مناورات حزب الله في الجنوب رسالة تحد للبنانيين اولاً والقمة العربية ثانياً وصورة للوطن الذي ينتظرنا اذا ما كرّست هيمنته على البلد”. وتوجه الجميّل للمجتمع العربي والدولي قائلًا:” هل تقبلون ازدواجية سلاح ومناورات عسكرية وخطف قرار الدولة في بلادكم؟”. وأكد “أننا لن نخضع لسطوة السلاح، ولا لتوظيف أرضنا وشبابنا في خدمة الخارج.”
واعتبر نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان أن “هناك جمهورية لبنانية في منطقة وجمهوريات أخرى تفرض قوانينها في مناطق أخرى ونحن نريد تطبيق القانون اللبناني”. واعتبر عدوان أن “حزب الله غير خاضع للقوانين اللبنانية ومناورة اليوم أكبر دليل”.
وسأل النائب ميشال معوض “كيف للبنان أن يستقلّ قطار النمو والاستقرار و حزب الله يناور و”يستعرض” أمام سلطة عاجزة حتى على الاعتراض ؟ وكيف للبنان أن يخرج من نفق الانهيار، ويعيد بناء الدولة والمؤسسات والاقتصاد وينفّذ الاصلاحات المطلوبة، وحزب الله مستمرّ بمنطق إخضاع الدولة والتعدّي على دستور وقوانين الجمهورية اللبنانية؟وكيف للبنان أن يفكّ عزلته ويعود الى الحضن العربي والدولي وحزب الله خاطف سيادته وقراره الاستراتيجي ضارباً بعرض الحائط بيان قمّة جدّة قبل أن يجفّ حبره؟”.
وبدوره اعتبر النائب اللواء أشرف ريفي انه “ليست مقاومة التي تنظم استعراضات عسكرية، بل أداة تمارس الهيمنة والرياء بإسم القدس التي هي منكم براء. لن ترهبوا أحدا بهذه العراضات، وسنكون في مواجهتكم، ولن نسمح لكم بتمديد عهد جهنم لست سنوات. تعقل يا “حزب الله”، فعصر الإستقواء إنتهى، وأغلبية اللبنانيين لن تسكت عن ميليشيا تحركها إيران . ما قمتم به اليوم يناقض روح ونص إتفاق الطائف، تذكروا أن مقررات القمة العربية في جدة لم يجف حبرها بعد”.