12-05-2023
إقتصاد
|
النهار
وإن كان رفع سعر الدولار الجمركي تدريجاً الى مستوى سعر صيرفة، المفترض اعتماده بدءاً من 15 الجاري وفق معلومات النهار"، شرّاً لا بد منه لزيادة الإيرادات، فإن ثمة قطاعات لا يمكنها التأقلم مع الزيادات الجديدة ويمكن أن تتعرّض جدّياً للإفلاس مثل قطاع السيارات الجديدة والمستعملة.
وبغض النظر عن مصلحة المادية لهذا القطاع، فإن أسعار السيارات سترتفع ارتفاعاً هستيرياً ولن يعود في إمكان المواطن العادي شراء سيارة وسيُترك لمصيره في ظل غياب خطة للنقل المشترك الذي ضُخّت شرايينه بباصات فرنسية لم يُكتب لها النجاح، فيما لم تبصر خطة النقل الموعودة النور، وهي الخطة التي تلازم كل بيانات الحكومات الوزارية وتبقى حبراً على ورق.
في استطلاع رأي أجري في آذار 2021، أي قبل رفع الدعم عن المحروقات والارتفاع الإضافي في سعر الصرف، تبيّن أن غالبية المستطلعين خفضوا نسب وعدد تنقلاتهم من دون أن يؤثر ذلك على نسب استعمال السيارة التي يُعتمد عليها بنسبة 70% من التنقلات. كما لوحظ انخفاض نسب استعمال النقل المشترك، ويمكن أن يكون مرد هذا الى رخص تكلفة استعمال السيارة في حينها، إذ كان سعر صفيحة البنزين لا يتجاوز 30 ألف ليرة.
ووفق الدولية للمعلومات، فقد وصلت قيمة السيارات الخاصة الجديدة والمستعملة التي استوردها لبنان في عشر سنوات (2013-2022)، إلى 10.5 مليارات دولار. وقد سُجّلت القيمة الأعلى، وهي 1.4 مليار دولار أميركي، في العام الماضي 2022، استباقاً لرفع سعر الدولار الجمركي. أما القيمة الأدنى، وهي 312 مليون دولار، فسُجّلت في عام 2020 نتيجة جائحة كورونا (كوفيد-9)، وحالة الإقفال التي شهدها لبنان ومختلف دول العالم. ووصل عدد السيارات التي تم استيرادها إلى نحو 740 ألف سيارة، ضمنها 263 ألف سيارة جديدة، و477 ألف سيارة مستعملة.
وليس خافياً أنه إذا اعتُمد دولار صيرفة للرسوم الجمركية للسيارات، فستصبح أسعارها خيالية، علماً بأنه عند الحديث عن رفع الدولار الجمركي عمد مستوردو السيارات، على غرار بقيّة القطاعات، إلى زيادة حجم استيرادهم. فحسب إحصاءات الجمارك، ارتفع حجم الاستيراد عام 2022 نحو 60% عما كان عليه في عام 2021، ووصل عدد السيارات المستعملة المستوردة عام 2022 إلى نحو 67 ألف سيارة. وهو ما نسبته نحو 86% من حجم الاستيراد.
وفي انتظار وضع الدولار الجمركي وفقاً لسعر صيرفة موضع التنفيذ، كان يُفترض بنقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان أن تتخذ قراراً اليوم بوقف استيراد السيارات، ولكن المفاوضات التي تجري مع وزارة المال لإلغاء "رسم الاستهلاك" الذي يقدّر بنسبة 45% من قيمة السيارة، جمّدت الموضوع في انتظار اتخاذ القرار النهائي في هذا الشأن خلال اجتماع الهيئة الإدارية للنقابة الأسبوع المقبل. وأكد رئيس النقابة لـ"النهار" إيلي قزي أن الباب لا يزال مفتوحاً للمفاوضات مع وزير المال يوسف الخليل لتعديل هذا الرسم، علماً بأن الضرائب التي يدفعها المستوردون تشمل: 5% رسم جمركي، 45% رسم استهلاك، 3% ضريبة فُرضت في موازنة عام 2022، و11% ضريبة على القيمة المضافة TVA، بما يعني أن المستورد يدفع 64% ضرائب من قيمة السيارة. وهذه الضرائب ستُدفع على سعر صرف 60 ألف ليرة، فيما تؤكد مصادر مطلعة لـ"النهار" أنه ستُعتمد صيرفة للدولار الجمركي بدءاً من 15 الجاري.
وأكد قزي أنه "إذا ألغي رسم الاستهلاك، يمكن أن يُكتب لقطاع السيارات المستعملة الحياة، أما إذا ارتأت وزارة المال إبقاءه كما هو، فإنها بذلك تطلق الرصاصة الأخيرة على القطاع"، لافتاً الى أن "المفاوضات بين الوزارة والنقابة تجري على قدم وساق، ولكن حتى الآن لا نعرف ما إن كانت القرارات التي يمكن أن تفضي عنها ستحتاج الى اجتماع مجلس الوزراء أو مجلس النواب، ولكن محامينا يعكفون على دراسة قانون الموازنة بغية السير بقرارات يمكن للوزارة اتخاذها من دون الحاجة الى إقرارها من مجلس الوزراء أو مجلس النواب".
والمعلوم أنه منذ بدء رفع الرسوم، كانت الرسوم الجمركية على السيارات المستعملة، مختلفة عن السعر الرسمي المعتمد. فعندما اعتمدت الحكومة سعر 15 ألف ليرة للدولار، كانت الرسوم على السيارت على سعر صرف 8 آلاف، وعندما رفعت إلى سعر 45 ألفاً أصبحت 15 ألفاً للسيارات، ولكن عندما رُفعت إلى 60 ألفاً استُثنيت السيارات في انتظار تعديل الشطور ولكن حتى اليوم لم يحصل أي تطوّر جديد.
ورأى قزي أنه "إذا توقف استيراد السيارات المستعملة، فستتراجع إيرادات الدولة بمليارات الليرات، وعندها لن يتحقق هدف الدولة بدفع زيادات الرواتب للموظفين من خلال رفع الدولار الجمركي. ففي عام 2022 استوردنا أكثر من 60 ألف سيارة بينها 75% سيارات صغيرة"، مشيراً الى أن "90% من السيارات تُستورد من الولايات المتحدة الأميركية و10% من دول الاتحاد الأوروبي".
وإن كان مستوردو السيارات المستعملة اتخذوا قرارهم بعدم الاستيراد إذا أصرت وزارة المال على عدم تعديل رسم الاستهلاك، فإن مستوردي السيارات الجديدة يعيشون في حيرة، خصوصاً أنهم يأخذون في الاعتبار العدد الكبير من العائلات التي تعيش من القطاع، إذ يؤكد النقيب السابق لجمعية مستوردي السيارات الجديدة سمير حمصي لـ"النهار" أن مستوردي السيارات المستعملة "لا يوظفون أحداً فيما توظف الشركات التي تبيع السيارات الجديدة 5 أشخاص على الاقل، فيما بعضها وخصوصاً الشركات الكبيرة توظف 150". وإذ أشار الى أن المجلس الأعلى للجمارك لم يبادر حتى اليوم الى تعديل الشطور، قال "في انتظار اتخاذ القرار لكل حادث حديث".
وتُحتسب الرسوم على السيارات المستعملة، حسب الشطور، وأعطيت الصلاحية للمجلس الأعلى للجمارك ليعمل على تعديلها كل آخر شهر حسب متوسط أسعار الصرف من مصرف لبنان. وكان الشطر الأول حُدّد بأول 20 مليون ليرة من سعر السيارة، ورسمه كان لا يتجاوز في الحدّ الأقصى 7.5 ملايين ليرة، تضاف إليها الرسوم الثابتة أو الحد الأدنى للرسم، أما الشطر الثاني فيحتسب فوق الـ20 مليوناً.
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
صيرفة الهدية الملغومة... مُحرّك أساسي للسوق