مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

حكومة لبنان «تستنسخ» التجربة الفاشلة بزيادة الرواتب للقطاع العام

17-04-2023

صحف

|

الراي الكويتية

ترصد الأوساط الاقتصادية بحذرٍ بالِغٍ مَضامينَ القرارات المالية والنقدية التي ستصدر عن جلسة مجلس الوزراء اللبناني يوم الثلاثاء، بعدما حاصرتْ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي نفسَها بين «خياريْن» أحلاهما مُرّ، لجهة التلبية أو إشهار «التعذّر» في ما يخص البند الساخن والخاص بإقرار سلّة زيادات جديدة على رواتب الموظفين والمتقاعدين في القطاع العام ومنْح تعويضات بَدَل إنتاجية وبدلات نقل يومية للموظفين القائمين بالخدمة، فضلاً عن التداول بزيادات ملحّة تشمل التغطيات الاجتماعية والصحية للمتقاعدين من الأسلاك المدنية والعسكرية.

فالحكومة التي دأبت على سياسات الإغداق بالوعود لحاملي المَطالب إليها من هيئات اقتصادية ونقابية واجتماعية، تدرك مسبقاً، وبذريعة مشروعة ترتبط بوضعية استقالتها القائمة وباقتصار مهماتها على تصريف الأعمال بأضيق الحدود، عجْزَها عن الإيفاء بما تتعهّده حتى لو تشكلّت لدى رئيسها القناعةُ المكتملة بضرورة المساهمة، كسلطة تنفيذية بقوة استمرار المرفق العام، في تصحيح أوضاع مجمل القطاعات والفئات الوظيفية في القطاعين العام والخاص.

هكذا يصف مسؤولٌ اقتصادي معني خصائص الوضع الملتبس بين إقدام الحكومة على توسيعٍ وازنٍ للإنفاق العام عبر إقرار زيادة الرواتب لنحو 275 ألف موظف في القطاع، وأو صرف بدلات «إنتاجية» تراوح بين ما يماثل 100 إلى 300 دولار شهرياً، إلى جانب منْح بدلاتِ نقْلٍ تتناسب مع سعر مادة البنزين، بينما هي تستعين بالبنك المركزي، بالموافقة حيناً وبتحمل جزء من الكلفة أحياناً، لاعتماد سعرٍ خاص لمبادلة رواتب القطاع العام المحرَّرة بالليرة بالدولار النقدي عبر منصة «صيرفة».

وفي التبريرات المسبقة، يقرّ وزير المال يوسف الخليل بأن الجلسة مخصّصة للبت بمسودات مشاريع المراسيم التي رفعتْها الوزارة في شأن تعويضات الإنتاجية وبدلات النقل لموظفي الإدارات والمؤسسات العامة والأسلاك العسكرية عن أيام العمل الفعلية، إضافة إلى غيرها من الشؤون اليومية الحياتية.

وهو أمر بغاية الأهمية لإعادة العمل الى الإدارات العامة والمؤسسات بطريقة مستدامة، باعتبار أن تعطيل المرافق العامة يكلّف الخزينة خسارة موارد مهمة في وقتٍ هي بأمسّ الحاجة لتأمين واردات وتمويل الحدّ الأدنى من الخدمات العامة.

ويشدّد على أن كل يوم يضيع دون إعادة تفعيل العمل في القطاع العام يرّتب أعباء جمة ويدفع بالأوضاع إلى مزيد من التدهور، مشيراً إلى أن الانهيار إذا أصاب القطاع العام فذلك ينعكس حكماً عرقلةً في بعض شؤون القطاع الخاص المرتبطة بالإدارة، ويفتح البابَ أمام نشوء قطاعات عشوائية وفلتان لا يمكن ضبطه وتغرق بالتالي القطاعات الاقتصادية في خسائر أكثر. ليخلص الى أن لبنان «يقع اليوم على منعطف خطير. فإما الحفاظ على كيان دولة ومؤسسات قادرة على إدراة شؤون الدولة، أو أننا سنكون أمام مزيد من التدهور والانزلاق نحو المجهول».

وفي الترجمة بالأرقام نقلاً عن مسؤول كبير في الوزارة، ثمة اقتراحاتٌ بزيادة راتبيْن أو ثلاثة للمتقاعدين، وزيادة بين 3 و4 رواتب للموظّفين في الخدمة الفعلية. أما احتساب الكلفة فيتم تحديدها بحسب السيناريو الذي سيتمّ البت فيه.

وكمثالٍ، فإذا كان راتب الموظّف 3 ملايين ليرة، فهو حالياً يتقاضى 9 ملايين، ومع زيادة راتبيْن آخريْن سيصبح راتبه 15 مليوناً، واذا كانت الزيادة 3 رواتب يصبح راتبه 18 مليوناً، واذا كانت الزيادة 4 رواتب سيتقاضى 21 مليوناً.

أما في الخلفية الواقعية، ووفق قراءة المسؤول الاقتصادي، فإن الحكومةَ «تستنسخ» اعتمادَ الآليات عيْنها، رغم اليقين المسبق المسنَد إلى قرائن وتجارب، بأنها لن توصل الى نتائج مختلفة. فالخطوات المزمعة لتضخيم المداخيل بمواجهة الانهيار النقدي والارتفاعات الصاروخية في كلفة المعيشة، تأتي بعد أشهر قليلة على الفشل المشهود الذي حققتْه هذه المنهجية ذاتها التي أفضت إلى إقرار «منحةٍ» تساوي أساسَ راتبيْن وزيادات على بدلات النقل والمساعدات للمنتسبين الى القطاع العام.

وبالفعل، فقد تكفّل أتون التضخم المفرط بنسبة قاربت 200 في المئة خلال الأشهر الستة الماضية، والمبنيّ على انهيارات سعر صرف الليرة، بحرْق كل «المكتسبات» الطارئة، بل تَمَدَّدَ اللهيبُ الى الأساسات ذاتها.

ومن باب المقارنة، فإن متوسط المداخيل المصحَّحة الذي تَراوح بين 10 و15 مليون ليرة بلغ تلقائياً ما بين 200 و500 دولار شهرياً بحسب الدرجة الوظيفية، ليتقلّص سريعاً وبوتيرة دراماتيكية الى النصف المدعوم بسعر خاص عبر منصة صيرفة، فيما أصبح إجمالي بدلات النقل يساوي أقل من سعر صفيحة البنزين الذي قفز بنسب موازية لتَفاقُم مؤشر الغلاء.

وحتى في محاكاةِ الأرقام التقديرية، فإن احتسابَ المداخيل سنداً الى النموذج المعتمَد لأساس راتب يبلغ 3 ملايين ليرة، وبلوغه مع المضاعفات السابقة واللاحقة ما بين 15 و 21 مليون ليرة كحديْن أدنى وأقصى، سيوصل الدخل الحقيقي الى ما بين 172 و 240 دولار شهرياً، أي أقل من الحصيلة السابقة. علماً أن كلفة المعيشة لكل أسرة من 4 أفراد، ووفق الاحصاءات المحدَّثة لا تقل عن 40 مليون للقاطنين في القرى وأكثر من 70 مليون ليرة للمقيمين في المدينة (من دون احتساب كلفة الصحّة والاستشفاء.) والأنكى، ان تقييم المداخيل «المعدّلة» وفق سعر الصرف الحالي ومؤشرات الغلاء المحقَّقة، لا يستقيم مع واقع التطورات السلبية التي تتلاحق، وبوتيرة متسارعة، في الميدانيْن النقدي والمعيشي معاً.

وما تشهده أسواق القطع من حال «الهدنة» القسرية والمعطوفة على «استمرارية» التدخل الأحدث للبنك المركزي عارضاً بيع الدولار النقدي، لا يتّسم بأي صفات موضوعية لديمومته، ما دام يرتكز على البُعد التقني البحت، والذي أثبت عدم نجاعته بتاتاً في التجارب السابقة. أما الركون الى سعر صيرفة المدعوم، توخياً لإضافة ما يوازي ثلث الدخل الجديد، على منوال ما حصل أول الشهر الحالي، فهو أقرب إلى الترقبات «الموقتة» حكماً وشبه «الخائبة» عاجلاً أم آجلاً.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما