بسرعة فائقة تتحرك عجلة الملفات الاقليمية ذات الصلة بالصراع الاقليمي، بعيد الاتفاق التاريخي المبرم بين المملكة العربية السعودية ولبنان. اول الغيث انهمر في اليمن بابرام تسوية بدأت طلائعها قبل التوقيع بنحو عام ، وتكتمل مقوماتها تدريجيا لتضع حدا لنزف استمر اكثر من 9 سنوات بين الحكومة وجماعة الحوثي، اذ يحاول المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، استغلال التقارب السعودي الإيراني، للمضي قدماً نحو تسوية سياسية، بعدما نجح برعاية اتفاق بين الأطراف اليمنية حول صفقة تبادل للأسرى والمختطفين، من المقرر أن يتم تنفيذها الأسبوع المقبل، في حين لمّحت إيران الخميس الماضي، إلى اتفاق قادم بشأن اليمن، ورحبت بالانفتاح النسبي الناجم عن وقف إطلاق النار في 2 نيسان 2022 والسلام المحدود الذي شهده اليمن، معتبرة أن الأرضية الآن أصبحت مناسبة للتوصل إلى اتفاقٍ نهائي.
بدوره، يتجه الوضع السوري نحو ابرام تسوية تتيح عودة دمشق الى الحضن العربي، اذ حطّ منذ ايام قليلة، وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في القاهرة واجتمع مع نظيره المصري سامح شكري، الذي اكد دعم مصر الكامل لجهود التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية، في أقرب وقتٍ، من شأنها أن تضع حداً للتدخلات الخارجية". وفي الاعقاب زار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الرياض، التي تعتزم بدورها، وفق المعلومات ايفاد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق في الأسابيع المقبلة لتسليم الرئيس السوري بشار الاسد دعوة رسمية لحضور القمة المقرر عقدها في 19 ايار، في خطوة ان حصلت ستعيد سوريا الى عروبتها وتزيل الشمع الاحمر عن مقعدها في الجامعة العربية، فتطوي مرحلة من العزل استمرت طوال عقد من الزمن.
وما يسري على اليمن وسوريا لا بدّ الا ان ينسحب على لبنان، مهما طال الزمن، تقول اوساط دبلوماسية عربية لـ"المركزية" ، مشيرة الى ان ما يُنشر في بعض الاعلام في شأن صفقة ايرانية -سعودية ابرمت على حساب لبنان لا يمت الى الحقيقة بصلة، تماما كما القول ان المملكة تطلب من ايران تنازلات في اليمن مقابل اطلاق يدها في لبنان. وتنقل الاوساط عن مسؤول سعودي قوله ان موقف بلاده حازم ومعلن ، فلا مقايضة على لبنان مع اي دولة في المنطقة، بما فيها ايران ، بل معالجة لكل ملف على حدة من دون مقايضات اوصفقات . وتوضح ان سفير المملكة في لبنان وليد البخاري في خلال لقاءاته مع القادة السياسيين ، لا سيما في فريق المعارضة ، يجد تطابقا في وجهات النظر ازاء كيفية مقاربة ازمات لبنان والحلول بدءا بالملف الرئاسي خلافا لما يسوقه الاعلام الممانع من معلومات تروج لغايات سياسية هابطة.
واذ تدعو الاوساط الى التريث في انتظار فكفكة العقد والازمات في دول المنطقة تباعا ليحين دور لبنان، تشير الى ان السعودية حددت مواصفات الرئيس المطلوب للبنان استنادا الى طبيعة المرحلة من دون الدخول في الاسماء، وهي لن ترضى حكما برئيس تابع لمحور حزب الله، كما يشيع بعض المنتفعين، ولو قدم ضمانات يُحكى انها قُدمت في هذا البلد او ذاك. وفي السياق، تنقل الاوساط عن المسؤول السعودي ايضا ان المرحلة الجديدة بعد الاتفاق السعودي- الايراني ستشهد تغييرات وتبديلات في بعض المواقع الدبلوماسية، يتوقع ان تشمل لبنان بحيث يتم تعيين سفير جديد للمملكة خلفا للسفير البخاري الذي تألق في منصبه الدبلوماسي في بيروت، بشهادة القادة اللبنانيين السياسيين على تنوعهم، الا ان زمن الاتفاق يوجب تعيين خلف، يتماشى مع المرحلة الجديدة تحت مظلة اتفاق بكين، رافضا الكشف عن اسمه. ويختم "موقف السعودية من الاستحقاق الرئاسي اللبناني ثابت لا يتبدل، والغد لناظره قريب.